كلما تفاقم مأزق الاحتلال واشتد «وجع» أمريكا في العراق الا وكثف المسؤولون الأمريكيون حملتهم المسعورة ضد سوريا في محاولة مكشوفة تهدف بالخصوص الى دفع دمشق الى ان تتحول الى «منقذ» للاحتلال من ورطته بالعراق. فقد وجه ريتشارد أرميتاج، نائب وزير الخارجية الامريكي أمس الاول انتقادات شديدة اللهجة الى سوريا بسبب «عدم تعاونها» مع العراق بل وطالبها «ضمنا» بأن «تتدخل» لإنقاذ حكومة علاوي والولاياتالمتحدة من مأزق العراق. وقبل أرميتاج كان بوش ورامسفيلد وباول قد وجهوا اتهامات مختلفة لسوريا تراوحت بين دعم ما وصفوه ب»الارهاب» وتسهيل مرور مقاتلين أجانب الى العراق وايواء مسؤولين في النظام العراقي السابق. ومثل هذه الاتهامات ظل يرددها الاحتلال و»يعزف» على وترها منذ اليوم الاول لانطلاق شرارة المقاومة لكن ترديدها تزايد كلما غاصت أمريكا أكثر في المستنقع العراقي. على ان هذه الاتهامات وإن كانت تختلف باختلاف مواقع مردديها فإنها تلتقي في النهاية عند نقطة واحدة وهي ان «التدخل» الذي تطلبه الولاياتالمتحدة من دمشق يقوم في الواقع على منطق تصدير الأزمة العراقية وبالتالي محاولة «استيراد» الحل حتى يتسنى لواشنطن على ضوء ذلك الاستمرار في تنفيذ مشروعها في العراق وهو المشروع الذي يهدف في النهاية إلى تركيع المنطقة بأكملها لصالح ما تراه «البوصلة» الإسرائيلية والأمريكية... لكن الثابت أن هذا المخطط يتناسى في الواقع حقيقة مهمة مفادها أن دمشق تدرك هي الأخرى جيدا ما يراد لها بالرغم من حقل الألغام الذي تتحرك على وقعه تماما كما تدرك أن محاولات الإيقاع بها من خلال التهديد والوعيد لن تثينها على الاستمرار في نهجها وفي سياستها الوطنية ولن تتحول بالرغم من ذلك إلى منقذ لأمريكا من ورطتها رغم أنف المحتلين.. في العراق ولبنان وفلسطين.