في لقاء مع «الشروق» شدد السيد غسان الرفاعي، وزير الاقتصاد والتجارة السوري، على الحصيلة الايجابية التي أثمرتها أعمال اللجنة التجارية التونسية السورية التي اجتمعت في تونس. كما تحدث عن آفاق هذه الاعمال، اضافة الى قانون محاسبة سوريا الذي أقرّه الكونغرس الامريكي، مؤخرا. - أجريتم مباحثات مكثفة خلال هذه الزيارة ما هي حصيلة هذه اللقاءات؟ أريد أن أؤكد في البداية ان الزيارة كانت ناجحة، سواء في ما يتعلق باستعراض ما تم الاتفاق بشأنه في الماضي، وكذلك بالنسبة لما نريد أن نقوم به الآن وفي المستقبل، ويتعلق ذلك أولا بالرفع في كم المبادلات التجارية وتنويع فحوى هذه المبادلات من خلال التركيز على السلع الاستراتيجية ، كما يتعلق الامر ثانيا بتكثيف التشاور والتنسيق وتبادل الرأي الاقتصادي والفني، والاستفادة من التجارب، وهنا خاصة الاستفادة من التجربة التونسية التي مرت بها في مجال الاستثمار أو الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، فكما تعلمون فإن سوريا تستعد لابرام اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي، خلال شهر جانفي أو فيفري المقبل، وربما قبل نهاية السنة ولذلك أعتقد أن هناك مجالات كبيرة للعمل بين تونس وسوريا. الزيارة كانت إيجابية ودافئة جدا، وقد تميزت بالجدية والصراحة، وكذلك الواقعية في التعامل التجاري، فالتصدير مهم للجانبين وقد بحثنا امكانيات التلاحم وامكانيات التبادل في هذا المجال، حاضرا ومستقبلا. وقد وصلنا الى قناعة بأن احدى معوقات هذا التعامل هو عدم وجود خط بحري بين البلدين، وقد اتفقنا على معالجة الامر من خلال تفعيل الخط الذي كان موجودا في السابق، في أسرع وقت ممكن لان سلع مثل القمح أو القطن لا يمكن أن تنقل إلا عبر الخط البحري، ومن خلال زيادة امكانيات الشركات البحرية المعنية بالامر لمعالجة هذه الصعوبة، ومن خلال دراسة امكانية انشاء شركة نقل بحري مشتركة. وقد حرصنا على الشروع في بحث هذه الامور فوريا، سواء عند عودتي مباشرة الى دمشق أو هنا في تونس مع زميلي السيد منذ الزنايدي. وقد اتفقنا خلال هذه الزيارة على تبادل بعض السلع الاستراتيجية، حيث تم الاتفاق على صفقة إطارية تصدّر بمقتضاها سوريا الى تونس مائة ألف طن من القمح اللين سنة 2004، تبدأ في مرحلة أولى بما بين 25 أو 35 ألف طن. كما اتفقنا على أن تصدّر تونس الى سوريا أسمدة فوسفاطية، وقد اتفقنا في هذا المجال على العمل فوريا في توحيد المواصفات بهذا الشأن. كما اتفقنا على تبادل سلع عديدة، اضافة الى تقليص قائمة السلع التي يتم استثناؤها في إطار المنطقة التجارية الحرة بين البلدين. وقد اتفقنا ايضا على تفعيل دور القطاع الخاص، وقد اصطحبنا معنا وفدا هاما من رجال الاعمال السوريين الذين أجروا لقاءات مع نظرائهم التونسيين وقد اتفقنا أيضا على المشاركة في معرض تونس الدولي بالنسبة لسوريا ومعرض دمشق الدولي بالنسبة لتونس، اضافة الى المعارض المخصصة، وانشاء مركز دائم للتسويق في تونسودمشق، إضافة الى تشكيل لجان متابعة لتذليل الصعوبات التي تواجهنا كما اتفقنا على تفعيل العمل بين مركز التجارة السورية ومركز تنمية الصادرات في تونس، عبر إنشاء لجنة متابعة المسائل المتعلقة بفرص تشجيع الصادرات. - وبالنسبة للجنة العليا المشتركة؟ أحد أهداف أعمال اللجنة التجارية هو الاعداد للجنة العليا المشتركة بين البلدين برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين، وهي ستنعقد بتونس في فيفري المقبل. - كل ما تحقق، هل تعتقدون انه يستجيب لطموحات البلدين، ثنائيا وكذلك على مستوى ما هو مخطط له في العمل الاقتصادي العربي؟ اجتماعات اللجنة التجارية هي في رأيي هامة جدا، ونقطة أساسية في تفعيل العمل الاقتصادي العام بين البلدين وأعتقد أن ما حصل خلال هذين اليومين هو بداية جيدة، وبناء مهم على ما سبق وأعتقد اننا على الطريق الصحيح لتلبية متطلبات القيادتين السياسيتين في تونس وسوريا، والامل أن نتابع هذا العمل المهم بكل اتفاقياته، المتابعة الحثيثة لمعالجة الصعوبات التي قد تظهر، حتى لا تتراكم. أما بالنسبة للعمل العربي المشترك فمثل هذا التعاون حتمي وهو مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى لاسباب قاهرة وجوهرية تدعونا جميعا الى تنسيق العمل العربي الاقتصادي وشراكات دولية وافقنا على المشاركة فيها سواء مع الاتحاد الاوروبي أو منظمة التجارة العالمية ونحن نعلم جميعا أن هذه الاتفاقيات لها ايجابيات وسلبيات. ونحن في سوريا نعتبرها شراكات استراتيجية، كما أننا على علم جميعا بأن لها آثارا صعبة على اقتصادنا، مثل المنافسة والقدرة على اقتحام أسواق دول متقدمة اقتصاديا، لذلك نرى أنه من المهم جدا التنسيق العربي في هذا المجال، ورفع التجارة البينية بين الدول العربية، فهذا الامر لم يعد خيارا للعرب إنه أمر حتمي، فعندما نقفز الى شراكات متوسطية أو دولية، فإننا يجب أن نعبر جسورا متينة، حتى نصل سالمين الى شراكات أوسع وأكبر، كلما كان التكتل الاقتصادي العربي أمتن وأوسع كلما استطعنا الاستفادة من هذه الشراكات. نحن جزء من منظومة دولية، وعلينا ان نتعامل معها بإيجابياتها وبسلبياتها نقبل الايجابيات، ونبحث في كيفية التعامل مع الايجابيات، عبر أساليب، من المحبذ ان تكون عربية، فدخولنا هذه الشراكات ونحن مجتمعين هو أفضل من دخولنا منفردين... ولكن هذا واقعنا ولا ينبغي أن نستكين له، بل علينا أن نجتهد للتعامل إزاء ما يواجهنا، حاضرا ومستقبلا، واعتقد أننا في حاجة ماسة لتفعيل العمل العربي، وفي حاجة لاعادة النظر في فحواه وفي اتجاهاته. - أقر الكونغرس الامريكي، عقوبات ضد سوريا، ما مدى تأثير هذه العقوبات اقتصاديا، وكيف تواجه سوريا الامر داخليا، عبر التحديث والتطوير أو في علاقاتها مع التجمعات الدولية الاخرى؟ أريد أن أشير في البداية أن الانفتاح الاقتصادي في سوريا لم يولد نتيجة لضغوط من أي طرف، فهو قناعة سياسية ليتحرك الاقتصاد نحو شمولية أكثر، الامر يتعلق بإرادة وطنية نابعة عن توجيه سياسي مبني على حاجة سورية. قانون محاسبة سوريا ، انظر اليه كمواطن سوري بأنه أمر جائر، فإذا كنا كلما اختلف انسان مع آخر، يقرر الاقوى معاقبة الطرف الثاني، فإننا نكون بذلك قد تراجعنا انسانيا وأخلاقيا ودوليا. سوريا آمنت وتؤمن دائما بمبدإ الحوار، حاورت في السابق، وهي تتمسك بهذا المبدإ اليوم وغدا. نحن نؤمن بالحوار سواء في السياسة أو في الاقتصاد. أما بالنسبة لفحوى هذا القانون فإننا لا نقلل من أهمية هذه العقوبات، ونحن نراها جائرة وغير محقّة، أما على المستوى الاقتصادي فإن الولاياتالمتحدةالامريكية، قد أقرّت العديد من بنود هذا القانون قبل إقرار العقوبات، إذ تمنع تصدير بعض المسائل المعينة لسوريا. كما أن واشنطن تعارض الى اليوم انضمام سوريا الى منظمة التجارة العالمية، في وقت يُفترض فيه أن تشجّع الدول الكبرى الدول النامية على الانضمام الى مثل هذه المؤسسات الدولية، إذ ليس من مصلحة أي طرف أن يظل اقتصاد ما خارج المنظومة الاقتصادية العالمية. كمواطن اعتقد أن هذا القانون هو إشارة سياسية سلبية، من هذا المنطلق، لا أرى مصلحة لدولة، مثل الولاياتالمتحدةالامريكية في أن تقوم بسنّ مثل هذا القانون. وأعتقد انه من الضروري الحوار، إذ كيف يمكن التوصل الى تفاهم دون حوار، أو في ضوء اتجاه الاقوى لفرض عقوبات على كل من يختلف معه، عندئذ العلاقة قد تكون متشنجة. ولكن هذا هو الواقع، وسنتعامل معه، ولن نختفي، فليست هي المرة الاولى التي تواجه فيها سوريا وضعا صعبا. نحن سنعمل بجدية، وسنستمر في العمل من أجل انفتاح الاقتصاد السوري، كما سنعمل بجهد من أجل الدخول في شراكات اقليمية ودولية، فذلك هو توجهنا وتوجّه القيادة في سوريا، أي التواجد في كل المحافل الاقتصادية، والمشاركة برأينا، لان الكرسي الفارغ لا يتكلم، ونحن نعتقد أن لدينا كل الامكانيات للكلام ولإسماع رأينا.