بغداد واشنطن باريس (وكالات): أكدت مصادر متطابقة أن وضع القوات الأمريكية في العراق شهد تدهورا غير مسبوق في أواخر العام الماضي بسبب ضراوة المقاومة التي تواجهها في هذا البلد. ورأى خبراء دوليون في هذا الصدد أن قوات الاحتلال الأمريكي باتت تواجه حرب عصابات قد «تعصف» بمخططاتها في العراق. وذكرت مصادر صحفية أمس أن الأمريكيين دخلوا في وضع لا يحسدون عليه في العراق حيث بدت أوضاعهم تزداد سوءا من يوم لآخر. مأزق أمريكي وقالت المصادر ذاتها ان الاحصاءات الحقيقية للقتلى والجرحى في صفوف قوات الاحتلال الأمريكي بالعراق في أواخر عام 2004 أظهرت بوضوح حجم التدهور الذي آل إليه وضع الأمريكان بهذا البلد. وحسب المصادر ذاتها فإن عدد الهجمات التي شنتها المقاومة على القوات الأمريكية وحلفاءها ارتفع من 1400 في سبتمبر الماضي إلى 1600 في أكتوبر فيما بلغ في نوفمبر الماضي 1950 هجوما. وأشارت المصادر في هذا السياق إلى أن القوات الأمريكية تكبدت خلال الأشهر الأربعة الماضية فقط 348 قتيلا أي أكثر من أي فترة سابقة منذ غزو العراق في مارس من العام قبل الماضي.. وفي الاطار ذاته شهد العام الماضي هجمات غير مسبوقة ضد الأمريكان استخدمت فيها بالخصوص السيارات المفخخة. ووفق ما ذكرته مصادر متطابقة فإن مجموع السيارات المفخخة التي أحصاها مراقبون خلال العام المنقضي يزيد عن 200 بينما تجاوز عدد القتلى في هجمات مختلفة ال5500 قتيل بينهم مدنيون وعناصر من قوات الحرس الوطني العراقي. وإضافة إلى حرب «السيارات المفخخة» فإن نهاية عام 2004 شهدت أيضا عمليات نوعية ضد الأمريكان استخدمت فيها المنازل المفخخة على غرار ما حصل في الفلوجة والغزالية مؤخرا حيث سقط عديد الأمريكان والجنود العراقيين. حرب... عصابات وفي ضوء هذا الوضع المتردي الذي يعيش على وقعه الأمريكان في العراق رأى خبراء دوليون أن هذا الأمر سببه خصوصا السياسة والحسابات الأمريكية الخاطئة في هذا البلد. وقال أنطوني كوردزمان الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن إن القيادة الأمريكية لم تدرك حقيقة الثورة السنية في العراق وأخفقت في تقييم الحقائق على الأرض في أسلوب مماثل لما حدث في فيتنام. ودعا كوردزمان إلى تغيير جذري في السياسة الأمريكية بالعراق مقترحا بذلك اشراك السنة في منظومة سياسية كخطوة في اتجاه العمل على انهاء ما وصفها ب»القاعدة الصلبة» للمقاومة في العراق. ونشرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية من جانبها مقالا للكاتب البريطاني تشارلز لامبروشيني أشار فيه إلى أن الأمريكان يواجهون حرب عصابات في العراق. وقال لامبروتشيني إن هذا النوع من الحروب لا يعتبر فيه النصر نصرا كاملا ولا الخسارة هزيمة كاملة مضيفا «إن ذلك يجعلنا نسأل أنفسنا حول مدى قدرة الجيش الأمريكي على تحقيق الأمن في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر اجراؤها في موفى الشهر الجاري». وكتبت صحيفة «عرب نيوز» السعودية أمس تقول في ذات السياق أن القوات الأمريكية تواجه نوعا مختلفا من الصدمة والرعب في العراق مشيرة بذلك إلى الهجوم الذي تعرضت له القوات الأمريكية الاربعاء الماضي في الموصل حيث أسفر عن مقتل عدد من جند الاحتلال. وخلصت الصحيفة بذلك إلى أن الحرب التي تدور في العراق الآن هي حرب غير متكافئة حيث أنها بين قوة عظمى مزودة بالصواريخ بعيدة المدى وعدد غير محدد من المقاومين المصممين على القتال حتى الموت بالرغم من أنهم يقاتلون بأسلحة بدائية.