بقاعة العروض المتوسطة لقصر قبة النحاس بضاحية منوبة، هذا المعلم المعماري التاريخي الذي أسسه سنة 1756 محمد رشيد باي اختتمت الفنانة المثقفة صاحبة الصوت الرخيم والمدوّي منى العماري سلسلة عروضها لشهر رمضان في هذه الجولة انتقلت منى كفراشة لتحط بعودها وفرقتها الموسيقية المكونة من عازفين ماهرين على آلات الكمنجة والعود والقانون والايقاع على مسارح المركز الثقافي الدولي بالحمامات (5 نوفمبر) متحف القبة بسوسة (6 نوفمبر) وأخيرا القصر المذكور آنفا بضاحية منوبة. «من رنّة العيدان» هو عنوان هذا العرض، وقد جاء تكريما للفنان الراحل خميّس ترنان بمناسبة الذكرى الاربعين لرحيله، عرض موسيقي غنائي أرادته هذه الفتاة المنحدرة من عائلة فنية عربون وفاء لروح هذا العملاق الفنان الراحل، خميس ترنان كما جاء في تقديم الملف الصحفي الخاص بهذا العرض. وفي الواقع وكما سبق ذكره، فانّ الأصول الفنية الممتدة في عائلة منى عمّاري هي التي تبرر هذا الوفاء لروح خميس ترنان، فوالدتها أصيلة مدينة بنزرت عشقت موسيقى وأغاني هذا الهرم. والحقيقة التي يمكن استنتاجها من البروز الجديد للفنانة منى عمّاري عبر عرض «رنّة العيدان» هو هذا التلاقي بين مشروعها الموسيقي الغنائي مع روح خميس ترنان. أولى نقاط الالتقاء هو هذا الرحيل المتواصل للفنانة منى عمّاري، فاذا كانت ألمانيا والقاهرة هي وجهات فنان بنزرت الراحل ضمن مشاركات موسيقية وفكرية، فهو كان من بين الحاضرين ضمن أول مؤتمر للموسيقى العربية بالقاهرة سنة 1932 كما كان سافر الى برلين صحبة محمد عبد العزيز العقربي منذ سنة 1928 لتسجيل اسطوانات. أما الفنانة منى عمّاري، فقد قامت بعديد الجولات في عدة بلدان أجنبية عامة والبلد الصديق ايطاليا خاصة. فقد توجت مؤخرا جولاتها العديدة للعزف والغناء بعد مدن أوروبية (فرنسا سويسرا) وأمريكا اللاتينية (البرازيل) وافريقيا (الجزائر، السينغال رواندا) ثم ايطاليا بالعرض الموسيقي الغنائي Donna Afria I et II تباعا سنتي 1995 و1996 الخ... بمداخلة فكرية قدمتها يوم 14 سبتمبر الفارط ضمن تظاهرة فكرية ثقافية فنية هامة عن «دور المرأة الموسيقية في مجال الموسيقى التونسية وقد جاءت هذه التظاهرة بمناسبة صدور الألبوم الجديد للمجموعة الموسيقية التونسية الايطالية «عشق باد» أما ثاني نقاط الالتقاء بين الترنان وعمّاري هو هذه المراهنة على السعر المعتق والكلمة الجيدة. فقد أبرزت منى عمّاري في حفلاتها الأخيرة ذلك الرصيد المحترم الذي تغنى به خميس الترنان، وهو رصيد تعود كلماته الى شعراء من أمثال جلال الدين النقاش وعلي الدوعاجي، بلحسن بن الشاذلي، محمدسعيد الخلصي، مصطفى آغة، الهادي لعبيدي، أحمد خير الدين، الطاهر القصار، مصطفى خريف، محمد المرزوقي وعمر بن سالم. ولم يكن غريبا عليها أن تراهن على هذا المنجز الموسيقي من عرضها «رنة العيدان» وهي التي تلحن لشعراء كبار من أمثال أبي نواس وإيليا أبو ماضي وناظم حكمت وغيرهم.