يتكلم بالهزل في مواقف الجد، ويحاول اضحاك السامعين في مجلس يسوده الحزن. ومن الناس من يخاطب الاذكياء بخطاب لا يناسب الا قاصري العقول، وربما خاطب محدودي الذكاء بكلام لا تدركه افهامهم، ومن هنا يفقد الكلام قيمته ويصبح ضربا من الهذيان بل ربما عرض صاحبه للمز للناس وعيبهم اياه. ولئن كان مراعاة مقتضى الاحوال حسنا مطلوبا من كل احد فهو من الخطيب حال الخطابة اولى واحرى فلكل مقام مقال، ولكل جماعة من الناس لسان تخاطب به الاغنياء يرضي كبرياءهم نزع من الكلام لا يقتضيه مقام الخطبة ليسوا كذلك. والعلماء يجتذبهم الثناء الحسن، وان يكون الكلام الذي يلقى عليهم اقرب الى العمق والسلامة ليسترعي انتباههم. ثم ان الجماعة الثائرة تخاطب بعبارات هادئة. والجماعة الخنسة تخاطب بعبارات مثيرة للحمية موقظة للهمة، حافزة للعزيمة. والجماعة التي شطت وركبت رأسها تخاطب بعبارات فيها قوة العزم، ونور الحق، وفيها اعادة المنظر، ويقظة المنقذ، وفيها روح الرحمة وحسن الإيثار ليجتمع الترهيب مع الترغيب ومع سيف النقمة ريحان الرحمة. لذلك وجب على الخطيب ان يكون قادرا على ادراك حل الجماعة وما تقتضيه تلك الحال والاتيان بالاسلوب الذي يلائمها ليصل الى مواضع التأثر فيها.