«دخل ربعي بن عامر رضي الله عنه على رستم قائد الفرس بثياب متواضعة وسيف وترس، يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: ان الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا الى سعة الآخرة، ومن جور الاديان اى عدل الاسلام، فأرسلنا بدينه الى خلقه لندعوهم اليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا ومن ابى قاتلناه ابدا حتى نفضي الى موعود الله». هذه الكلمات من الصحابي الجليل ربعي تؤكد عمليا هدف الفتوجات التي انطقت في مشارق الارض ومغاربها، وتدفقت من الجزيرة العربية لتصل الى الصين شرقا والى فرنسا غربا، كل ذلك في سنوات معدودة مع قلة العدد وضعف العدة. وانك لتعجب لسر هذه السرعة الهائلة، لكن عجبك سيزول حينما تعلم ان شعوب الامم التي وصلها الجيش الاسلامي لم تشعر ان غازيا فتاكا قد اقترب منها لسفك دمها ونهب ثرواتها، بل شعرت بالامان والاطمئنان. وتمنت لو ان هذا الجيش قد جاء منذ سنين لينضموا الى هذه الدولة الآمنة المؤمنة، واما ما كان من حروب وصدام مع تلك الدول فإنما هو من تجهيز الملوك الفاسدين الذين خافوا على مناصبهم وزعاماتهم فجهزوا الجيوش الجرارة لتصد جيش الاسلام عن ايصال رسالته الى البشرية وسرعان ما ينهزم هذا الجيش ليدخل المسلمون البلاد، والشعوب ترحب بهم وتزغرد لهم. نعم، ما اسعد هذه الامم التي دخلها جيش الاسلام ليخرجوهم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد بالدعوة والموعظة الحسنة ومن ابى بقي في حماية المسلمين، ونفسه مصونة وعرضه مصون، ودينه مصون (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي). هذا ما بلغه ربعي لرستم انهم ان اسلموا رجع الجيش عنهم وابقاهم وملكهم وثرواتهم وأرضهم لهم من دون ان يأخذوا منه شيئا لا قليلا ولا كثيرا.