رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استسمح الدكتور.. ليرد على الدكتور..
نشر في الحوار نت يوم 14 - 02 - 2010

حرصا مني على وقت العلماء , الذين يفهمون بصعوبة وبجهد جهيد كلام الجهلاء , وبقناعة مني انه لا طاقة لي بالعلماء وعلومهم والمنهجيين ومناهجهم والمؤرخين وبراعتهم في قراءة التاريخ ... فضلت ان اضع مقولات بعض العلماء حول دولة الخلافة الاسلامية بين يدي القارئ ...ليرد العلماء على العلماء ....
تحدث الدكتور والمؤرخ بشير نافع في كتابه : دولة الخلافة ماضي مفقود وعزة ضائعة سوف تعود ' استسمح الدكتور في نقل بعض المقتطفات عن بعض الصور المشرقة عن دولة الخلا فة وبالاساس في مسالة العلاقات الخارحية ' والعزة التي كان يتمتع بها المسلمون عبر التاريخ .. ثم بعض اقواله التي تبين ( حسب فهمي طبعا والله اعلم ) ان دولة الخلافة الاسلامية كانت دولة مؤسسات : في السياسة والعلم والجيش والدفاع .....من هذه القصص( تنقل هو ايضا ' أي الدكتور بشير نافع ' من الصحابة الى التابعين الى هارون الرشيد الى شارلكان الى فرنسيس الاول الى السلطان سليمان الى السلطان عبد الحميد ...) التي ذكرها في كتابه قصة ربعي بن عامر رضي الله عنه مع رستم في معركة القادسية :
وهذه قصة ربعي بن عامر رضي الله عنه مع رستم شاهدة على هذه العزة الإيمانية لدولة الخلافة، فقد طلب رستم من سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن يبعث إليه رسولاً يطالبه قبل أن يبدأ القتال في معركة القادسية، فأرسل إليه المغيرة بن شعبة، فكان مما قاله لرستم: إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة، ثم بعث إليه سعد رسولاً آخر، وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والحرير، وأظهروا اليواقيت واللآلئ الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرقها فقالوا له: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه، لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضي إلى موعود الله، قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.
ثم قصة عمروا بن العاص مع المستعمر الروماني قبل المعركة الحاسمة : عمرو بن العاص مع الروم
ومنه قال: ... ، وأخذوا على طريق فلسطين حتى نزلوا على قرية من قرى غزة وما يلي الحجاز فلقيهم بطريق من بطارقة الروم فأرسل اليهم أن يخرجوا إليه أحد القواد ليكلمه فقالوا لعمرو بن العاص أنت لذلك ، فخرج إليه عمرو ، فرحب به البطريق ومتَّ إليه بقرابة العيص بن اسحق بن ابراهيم ، وقال : ما الذي جاء بكم فقد كانت الاباء اقتسمت الارض فصار لكم ما يليكم وصار لنا ما يلينا ، وقد عرفنا أنكم انما أخرجكم من بلادكم الجَهد ، وسنأمر لكم بمعروف وتنصرفون ، فقال عمرو : أما القرابة فهي على ما ذكرت ، وأما القسمه فإنها كانت قسمة شططا فنحن نريد أن نترادّ ، فتكون قسمة معتدله لنأخذ نصف ما في أيديكم من الانهار والعمارة ونعطيكم نصف ما في أيدينا من الشوك والحجارة ، وأما ما ذكرت من الجَهد الذي أخرجنا فإنا قدمنا فوجدنا في هذه البلاد شجرة يقال لها الحنطة فدققنا منها طعاما ، فنحن لا نفارقكم حتى نصّيركم عبيدا أو تقتلونا تحت أصول هذه الشجرة ، قال : فالتفت إلى أصحابه وقال : صدقوا وافترقا ، فاقتتلوا فكانت بينهم معركة انصرف القوم على حامية ومضى المسلمون في اثارهم حتى طووهم عن فلسطين والأردن ، إلا ما كان من ايلياء وقيسارية ، فقد تحصّن فيهما اناس فتركوهم.
كتب الدكتور وحسب فهمب انه حديث وبطريقة غير مباشرة عن المؤسسات وان الدولة الاسلامية كانت دولة مدنية , قال :لقد وصلت امتنا الاسلامية إلى درجات من احترام الانسان بل والحيوان. نادراً ما تصل اليها امة : فالطفل له مصاريف خاصة، والمريض يعالج في البيمارستان ويعطى الطعام والكساء ويعطى كل يوم ديناراً ذهبياً له قيمته في تلكم الايام، ووصل الاهتمام بصحة الطفل إلى ان تقوم حكومة نور الدين زنكي باجراء اوقاف توزع الحليب من ميزاب كبير بعد ان يحلى بالعسل، ومن لم يستطع المجيء إلى هذا الميزاب في دمشق وغيرها فان هناك اوقافاً تسمى (زبادي خانة) أي اوقاف اللبن الزبادي توزع على الفقراء والاطفال خاصة، بل حتى الحيوانات كان لها جرايات واوقاف.
تساءلت عن حقوق الحيوان ؟! فرأيت حتى الحمار!! أجلكم الله, الذي شاخ ولم يعد ينفع اهله يؤخذ إلى اوقاف تطعمه وتسقيه!
وأشارت إلى العدل تلك الناقة الدَّبِرَة، والتي كان عمر رضي الله عنه يدخل يده في دبرها ليعالجها ويقول: "إني لأخشى الله أن يسألني عن هذه".
حاولت أن أجول ببصري لأبحث عن البغلة التي قال عنها رضي الله عنه : " والله لو عثرت بغلة على شطّ الفرات لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لَمْ تسوي لها الطريق" فلم أجدها قد عثرت, بل كانت تنعم آمنة في مرعىً خصيب.
بالله عليكم ايها المسلمون كان هذا حال الحيوان في عهد عمر بن الخطاب رضوان الله عليه, فكيف سيكون اذا حال المسلمين؟!!اليست هذه هي مقاصد المؤسسات الاجتماعية ...اليكم ما قال حول علاقة العلماء بالحكام , قال الدكتور:
واليكم خير المواقف التي تُري الأعداء قبل الأصدقاء كيف تكون علاقة العلماء بالحكام:
ذكر الإمام ابن بلبان والغزالي وغيرهما:
أن الرشيد لما ولي الخلافة زاره العلماء بأسرهم إلا سفيان الثوري، فإنه لم يأته، وكان بينه وبينه صحبة، فشق عليه ذلك ، فكتب إليه الرشيد كتاباً يقول فيه : (( بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله هارون أمير المؤمنين ، إلى أخيه في الله سفيان بن سعيد الثوري : أما بعد يا أخي :
فقد علمت أن الله آخى بين المؤمنين ، وقد آخيتك في الله مؤاخاة لم أصرم فيها حبلك ، ولم أقطع منها ودك ، وإني منطو لك على أفضل المحبة وأتم الإرادة ، ولولا هذه القلادة التي قلدنيها الله تعالى ، لأتيتك ولو حبواً ، لما أجد لك في قلبي من المحبة ، وإنه لم يبقى أحدٌ من إخواني وإخوانك إلا زارني وهنأني بما صرت إليه ، وقد فتحت بيوت الأموال ، وأعطيتهم المواهب السنية ، ما فرحت به نفسي وقرت به عيني ، وقد استبطأتك ، وقد كتبت كتاباً مني إليك أُعلمك بالشوق الشديد إليك ، وقد علمت يا أبا عبد الله ما جاء في فضل زيارة المؤمن ومواصلته ، فإذا ورد عليك كتابي فالعجل العجل )) .
ثم أعطى الكتاب لعبّاد الطالقاني ، وأمره بإيصاله إليه، وأن يحصي عليه بسمعه وقلبه دقيق أمره وجليله ليخبره قال عباد : فانطلقت إلى الكوفة فوجدت سفيان في مسجده ، فلما رآني على بعد قام ، وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وأعوذ بك اللهم من طارق يطرق إلا بخير . قال : فنزلت عن فرسي بباب المسجد ، فقام يصلي ولم يكن وقت صلاة ، فدخلت وسلمت ، فما رفع أحدٌ من جلسائه رأسه . إلى أن قال : فبقيت واقفاً ، وما منهم أحد يعرض علي الجلوس ، وقد علتني من هيبتهم الرعدة ، فرميت بالكتاب إليه فلما رأى الكتاب ، ارتعد وتباعد منه كأنه حية عرضت له في محرابه ، فركع وسجد ، وسلم ، وأدخل يده في كمه وأخذه وقلبه بيده ، قال عباد: فمد بعضهم يده وهو يرتعد كأنه حية تنهشه ، ثم قرأه ، فجعل سفيان يبتسم تبسم المتعجب ، فلما فرغ من قراءته ، قال : اقلبوه ، واكتبوا للظالم على ظهره . فقيل له :يا أبا عبد الله ، إنه خليفة ، فلو كتبت إليه في بياض نقي لكان أحسن . قال : اكتبوا للظالم في ظهر كتابه ، فإن اكتسبه من حلال فسوف يجزى به ، وإن كان اكتسبه من حرام فسوف يصلي به ، ولا يبقى شيء مسه ظالم بيده عندنا فيفسد علينا ديننا . فقيل له : ما نكتب إليه : قال : اكتبوا له :
(( بسم الله الرحمن لرحيم .. من العبد الميت سفيان ، إلى العبد المغرور بالآمال هارون ، الذي سلب حلاوة الإيمان ولذة قراءة القرآن . أما بعد :
فإني كتبت إليك أعلمك أني قد صرمت حبلك ، وقطعت ودك ، وإنك قد جعلتني شاهداً عليك بإقرارك على نفسك في كتابك بما هجمت على بيت مال المسلمين ، فأنفقته في غير حقه ، وأنفذته بغير حكمه ، ولم ترض بما فعلته وأنت ناءٍ عني ، حتى كتبت إلي تشهدني على نفسك ، فأما أنا فإني قد شهدت عليك أنا وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك ، وستؤدى الشهادة غداً بين يدي الله الحكم العدل . يا هارون هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم ، هل رضي بفعلك ، والعاملون عليها في أرض الله ، والمجاهدون في سبيل الله ، وابن السبيل ؟! أم رضي بذلك حملة القرآن وأهل العلم ، يعني العاملين ؟ أم رضي بفعلك الأيتام والأرامل ؟ أم رضي بذلك خلق من رعيتك ؟! فشد يا هارون مئزرك وأعد للمسألة جواباً ، وللبلاء جلباباً ، واعلم أنك ستقف بين يدي الحكم العدل ، فاتق الله في نفسك ، إذا سُلبت حلاوة العلم والزهد ، ولذة قراءة القرآن ومجالسة الأخيار ، ورضيت لنفسك أن تكون ظالماً وللظالمين إماماً . يا هارون قعدت على السرير ، ولبست الحرير ، وأسبلت ستوراً دون بابك ، وتشبهت بالحجبة برب العالمين ، ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك ، وتركتهم يظلمون الناس ولا ينصفون ، ويشربون الخمر ويحدون الشارب ، ويزنون ويحدون الزاني ، ويسرقون ويقطعون السارق ، ويقتلون ويقتلون القاتل ، أفلا كانت هذه الأحكام عليك وعليهم قبل أن يحكموا بها على الناس ؟! فكيف يا هارون غداً ، إذا نادى المنادي من قبل الله : احشروا الظلمة وأعوانهم . فتقدمت بين يدي الله ويداك مغلولتان إلى عنقك ، لا يفكهما إلا عدلك وإنصافك ، والظالمون حولك وأنت لهم إمام أو سائق إلى النار ؟! وكأني بك – يا هارون – وقد أخذت بضيق الخناق ، ووردت المساق ، وأنت ترى حسناتك في ميزان غيرك ، وسيئات غيرك في ميزانك على سيئاتك بلاء على بلاء ، وظلمة فوق ظلمة ، فاتق الله يا هارون في رعيتك ، واحفظ محمداً صلى الله عليه وسلم في أمته ، واعلم أن هذا الأمر لم يصر إليك إلا وهو صائر إلى غيرك ، وكذلك الدنيا تفعل بأهلها واحداً بعد واحد ، فمنهم من تزود زاداً نفعه ، ومنهم من خسر دنياه وآخرته ، وإياك إياك أن تكتب إلي بعد هذا ، فإني لا أجيبك . والسلام )) .
وألقى الكتاب منشوراً من غير طي ولا ختم ، فأخذته وأقبلت به إلى سوق الكوفة ، وقد وقعت الموعظة بقلبي فناديت : يا أهل الكوفة من يشتري رجلاً هرب إلى الله ؟ فأقبلوا إلي بالدراهم والدنانير ، فقلت : لا حاجة لي بالمال ، ولكن جبة صوف وعباءة قطوانية ، فأتيت بذلك ، فنزعت ما كان علي من الثياب ، التي كنت أجالس بها أمير المؤمنين ، وأقبلت أقود الفرس الذي كان معي ، إلى أن أتيت باب الرشيد حافياً راجلاً ، فهزأ بي من كان على الباب ثم استأذن لي ، فلما رآني على تلك الحالة ، قام وقعد ، وجعل يلطم رأسه ووجهه ، ويدعو بالويل والخراب ، ويقول : انتفع الرسول وخاب المرسل ، ما لي وللدنيا ، والملك يزول عني سريعاً . فألقيت الكتاب إليه مثل ما دفع إلي، فأقبل يقرؤه ودموعه تنحدر على وجهه، وهو يشهق فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين، قد اجترأ عليك سفيان، فلو وجهت إليه فأثقلته بالحديد، وضيقت عليه السجن، فجعلته عبرةً لغيره.
فقال هارون : اتركوا سفيان وشأنه يا عبيد الدنيا ، المغرور من غررتموه والشقي والله من جالستموه ، وإن سفيان أمَّة وحده .
ولم يزل كتاب سفيان عند الرشيد يقرؤه ويبكي ، حتى توفي رحمه الله تعالى.
أين لنا اليوم بسفيان ؟؟؟ أين لنا بهارون ؟؟ في علا قة المسلمين بغير المسلمين والسعي لنجدة المظلوم , قال :
وفد نصراني بين يدي السلطان:
لما فتح السلطان العثماني مراد الثاني مدينة سلانيك عام 1431 م وهزم البندقيين شر هزيمة ودخل المدينة منتصراً- أعلم الحاجب السلطان أن وفداً من مدينة (يانيا) قد حضر، وهم يرجون المثول بين يديه لأمر هام... تعجب السلطان من هذا الخبر، إذ لم تكن له أي علاقة بهذه المدينة التي كانت آنذاك تحت حكم إيطاليا.
كانت مدينة (يانيا) تحت حكم عائلة ( توكو) الإيطالية، وعندما مات ( كارلو توكو الأول) عام 1430م ، ولي الحكم بعده ابن أخيه (كارلو توكو الثاني) ولكن أبناء ( توكو الأول) غير الشرعيين ثاروا وطالبوا بالحكم، فبدأ عهد من الاضطراب والفوضى والقتال عانى منه الشعب الأمرين، وعندما سمعوا بأن السلطان (مراد الثاني) بالقرب منهم في مدينة (سلانيك)، قرروا إرسال وفد عنهم.
أمر السلطان مراد رئيس حجّابه بالسماح للوفد بالدخول عليه، ثم قال لرئيس الوفد بواسطة الترجمان: أهلاً بكم، ماذا أتى بكم إلى هنا؟ وماذا تبغون؟
قال رئيس الوفد: أيها السلطان العظيم، جئنا نلتمس منكم العون، فلا تخيب رجاءنا .
- وكيف أستطيع معاونتكم؟
- يا مولاي، إن أمراءنا يظلموننا، ويستخدموننا كالعبيد، ويغتصبون أموالنا ثم يسوقوننا للحرب.
- وماذا أستطيع أن أفعل لكم؟ إن هذه مشكلة بينكم وبين أمرائكم.
- نحن أيها السلطان لسنا بمسلمين، بل نحن نصارى، ولكننا سمعنا كثيراً عن عدالة المسلمين، وأنهم لا يظلمون الرعية، ولا يكرهون أحداً على اعتناق دينهم، وإن لكل ذي حق حقه لديهم... لقد سمعنا هذا من السيّاح، ومن التجّار الذين زاروا مملكتكم، لذا فإننا نرجو أن تشملنا برعايتكم وبعطفكم، وأن تحكموا بلدنا لتخلصونا من حكامنا الظالمين.
ثم قدّموا له مفتاح المدينة الذهبي... واستجاب السلطان لرجاء أهل مدينة (يانيا)، وأرسل أحد قواده على رأس جيش إلى هذه المدينة، وتم فتحها فعلاً في السنة نفسها، أي في سنة 1431 م.
هذه ليست قصة خيالية... ومع أنها قصة غريبة، إلا أنها حقيقة وتاريخية ترينا كيف كان خلفاء المسلمين رمزاً للعدل والإنصاف بعكس حكام زماننا الذين هم رمزا للذل والهوان.
ذكر الدكتور ايضا ما حصل بين السلطان العثماني خليفة المسلمين وبين ملك فرنسا فرانسوا الأول، عندما طلب هذا الاخير العون من الدولة العثمانية ... أرسل الخليفة سليمان الأول جوابا لفرنسا في ربيع الثاني سنة (932ه – 1525م) قال بشير نافعة :
كان شارلكان ملكا للنمسا وإسبانيا وهولندا وإمبراطورا لألمانيا وحاكما لمعظم إيطاليا وجمهوريتي جنوا وفرنسا, ومسيطرا على جمهورية البندقية وبعض الجزر, وكان محيطا بفرنسا إحاطة السوار بالمعصم.
استنجد فرنسيس الأول ملك فرنسا بالدولة العثمانية, دولة الخلافة, لتحارب شارلكان من جهة المجر والنمسا ولتشغله عن جيوش فرنسا من جهة الغرب فتتمكن فرنسا بذلك من فك اسر الملك والأخذ بثأر واقعة (بافيا) التي هزمت فيها فرنسا.
وقد أرسل الخليفة سليمان الأول جوابا لفرنسا في ربيع الثاني سنة (932ه – 1525م) بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم العلي المعطي المغني المعين
بعناية حضرة عزة الله جلت قدرته وعلت كلمته وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء, وقدرة فرقة الأصفياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثير البركات, وبمؤازرة قدس أرواح حماية الأربعة أبي بكر
وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وجميع أولياء الله.
أنا سلطان السلاطين, وبرهان الخواقين, متوج الملوك, ظل الله في الأرضين, سلطان البحر الأبيض, والبحر الأسود, والأناضول, والروملي, وقرمان الروم, وولاية ذي القدرية, وديار بكر, وكردستان, وأذربيجان, والعجم, والشام وحلب ومصر ومكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف, وجميع ديار العرب واليمن وممالك كثيرة أيضا افتتحها يد جلالتي بسيف الظفر أنا سلطان السلاطين سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد خان إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا.
وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم فرا نقيان النشيط مع بعض الأخبار التي أوصيتموه بها شفاها واعلمنا أن عدوكم استولى على بلادكم وأنكم محبوسون, وتستدعون منا مدد العناية بخصوص خلاصكم, وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدتنا الملوكانية وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل, فصار بتمامه معلوما, فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم, فكن منشرح الصدر ولا تكن مشغول الخاطر, فان آبائي الكرام وأجدادي العظام نور الله مرقدهم, لم يكونوا خاليين من الحرب لاجل فتح البلاد وإنقاذ العباد ورد العدو, ونحن أيضا سالكون على طريقتهم وفي كل وقت نفتح البلاد الصعبة والقلاع الحصينة, وخيولنا ليل نهار مسروجة, وسيوفنا مسلولة, فالحق سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته. وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور, فليكن معلومكم هذا ".
قال عن السلطان عبد الحميد :
قال السلطان عبد الحميد الثاني عندما طُلب منه ان يوافق على التنازل عن ارض فلسطين, فرد قائلا:
( انصحوا الدكتور هرتسل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا استطيع ان اتخلى عن شبر واحد من ارض فلسطين.. فهي ليس ملك يميني.. بل ملك الامة الاسلامية.. لقد جاهد شعبي في سبيل هذه الارض ورواها بدمه.. فليحتفظ اليهود بملايينهم.. واذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك ان يأخذوا فلسطين بلا ثمن.. أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من ان ارى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا امر لا يكون اني لا استطيع الموافقة على تشريح اجسادنا ونحن على قيد الحياة).
كما افرد الدكتور جزءا هاما لتبيان ان الدولة العثمانية كانت دولة مؤسسات ومجتمع مدني: لم تخل الحقبة العثمانية من حلقات عنف وصراع، ولكن هذا العنف والصراع كان فوقياً ولم يكن مؤسساتياً؛ بمعنى أنه كان عنف التدافع بين القوى الحاكمة، أو بين بعض الطامعين من الولاة والأعيان وقادة الجند، من جهة، والمركز العثماني، من جهة أخرى. في جوهره، أقام الاجتماع السياسي العثماني مؤسسات مستقرة وحافظة للسلم. كانت الدولة العثمانية واحدة من أكثر دول الإسلام (وربما العالم كله) بيروقراطية، وتوكيداً على دور المركز؛ ولكن المركز العثماني لم يتدخل في أنماط تدين وثقافة وتعليم الرعية. وبالرغم من التحكم المركزي في المؤسسة القضائية، فقد أخذ القضاة التعددية الدينية والطائفية، كما العادات والتقاليد المحلية، في الاعتبار، سيما أن القضاة استندوا إلى مصادر وتقاليد قانونية متعددة، وليس إلى لوائح قانونية وتشريعية مركزية. وليس حتى بدء حركة التحديث في منتصف القرن التاسع عشر أن بدأ المركز تولي مسؤولية التشريع والتقنين. طوال الحقبة العثمانية، وفر نظام الملل لكافة مكونات الدولة الدينية (المسيحية المتعددة واليهودية) حرية إدارة شؤونها الداخلية والخاصة، باستقلال عن مؤسسة الحكم والدولة. وحتى مؤسسة الحكم ذاتها، التي هي مسلمة بامتياز ونظرت لنفسها باعتبارها حامية للملة والشرع الإسلاميين، كانت في حقيقتها مؤسسة متعالية، استلمت مقاليدها طبقة من أبناء الدولة أنفسهم، المدربين تدريباً مدنياً أو عسكرياً خاصاً لخدمة الدولة وضمان استمرارها، وليس عصبية عائلية أو قبلية أو جهوية. ولم يحدث أن ارتبط أحد السلاطين، لا بالزواج ولا بروابط المصلحة، بمجموعة إثنية أو قبلية.
ولأن الفضاء العثماني احتل الجوار الأوروبي المباشر، فإن الشعوب العثمانية كانت الأولى بين شعوب العالم التي تتأثر بصعود الفكرة القومية في أوروبا في القرن التاسع عشر. وبالرغم من أن توازن القوى العالمي أخذ في الاختلال آنذاك في صورة ملموسة، وأن السلطنة كانت تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وعسكرية جمة، فقد حاول الحكم العثماني المتأخر المزاوجة بين موروث نظام الملل والخبرة الطويلة للاجتماع السياسي التعددي، ليجعل الفكرة القومية أخف وطأة في تأثيرها على الشعوب العثمانية مما أوقعته في القارة الأوروبية من حروب وصراعات دامية وباهظة التكاليف. ولكن تسارع التدخلات الخارجية، واستخدام القوى الأوروبية المختلفة للنازع القومي لخدمة مصالحها التوسعية، أطاح في النهاية بالسلم والاستقرار العثمانيين،

اليكم المؤسسة العسكرية لدولة الخلافة حسب القراءة التاريخية لبشير موسى نافع يقول : وكانت جيوش المسلمين في كل معاركها تتفوق على العدو بفضل خفة الحركة وسرعة التصرف والقدرة على المباغتة فكان القادة يحركون الكتائب من موقع إلي موقع لإرباك العدو وذلك باسلوب ورثة العرب عند أجدادهم الاولين الذين كانوا يحسنون فن الكر والفر في القتال، ومن أقوال الرسول صلى الله علسه وسلم "الحرب خدعة" أي ان القائد الذكي هو الذي يستطيع أن يكسب بالخدعة الحربية أو بالتأثير النفسي وباستعمال العقل والدهاء اكثر مما يكسب بالتضحيات والخسائر والدماء، وقد اتبع قادة المسلمين على مر العصور هذا الشعار في كل حروبهم حتى أصبحوا يسمون "بثعالب الصحراء"، كانوا يبعثون بالجواسيس والطلائع، وكانوا يحرصون على مقابلة قادة الأعداء ليعرضوا عليهم الاسلام أولا، وفي نفس الوقت ليدرسوا شخصيتهم وعقلهم عن قرب حتى يعرفوا نقاط الضعف فيهم، فكان عمرو بن العاص يتخفى في زي جندي بسيط ليقابل أرطبون قائد جيش الروم ويعرفه عن كثب دون أن يعرف الخصم عنه شيئا، وقد نبغ قادة المسلمين في نصب الكمائن، وفي مهاجمة مؤخرة العدو وفي أساليب الحرب النفسية قبل المعركة وأثناءها.
ان انتصارات المسلمين الرائعة لم تكن بسبب تفوقهم العددي او العسكري بل بفضل العقيدة وطلب الشهادة والحرص عليها كما يطلب الكفر الحياة بل أشد طلبا، ولكن كان هناك تنظيم علمي مدروس وتخطيط ذكي واستعداد دائم .
وضع الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه اسلوب تطوير السلاح وكان حريصا أن يحصل جيشه على أحدث الأسلحة في عصره ، فمن ذلك أنه رأى في ( يد الزبير بن العوام) بعد عودته من هجرة (الحبشة) نوعا جديدا من الرماح يقال له (العنزة) ، وكان الاحباش يصيدون به الوحوش بدقة متناهية ، فأمر الرسول ان يصنع لجيشه مثلها، وأمر (الزبير) أن يدربهم عليها ، كذلك كان الرسول أول من أدخل في جزيرة العرب المنجنيق والدبابة فأرسل إلى الشام وفدا لتعلم صنعهم وقد صنعهم قبل حصار الطائف وقذف بهم الأسوار والحصون.
وبفضل هذا الاسلوب الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم كان المسلمون من بعده يحرصون على تطوير سلاحهم بالدراسة والعلم والتجربة.. حتى جاء يوم أصبح السلاح الاسلامي مضرب الأمثال فى الجودة والمتانة والكفاءة .
فمن هذه التطورات صناعة الصلب العربي الذي تصنع منه الأسلحة فقد بلغت هذه الصناعة أوجها في (دمشق والقاهرة) ، وأصبح السيف العربي لا يدانيه سيف آخر من حيث حدة شفرته وعدم قابليته للصدأ أو الاعوجاج، وكان التوصل إلى هذا النوع من الصلب بفضل علماء المسلمين في الكيمياء الذين وضعوا الكتب والمؤلفات بعنوان مثل:
(فيما يوضع على الحديد والسيوف حتى لا تثلم ولا تصدأ)، وقد ظلت صناعة هذا النوع من الصلب العربي سرا لا يعرفه الغرب ، ولم يكتشف إلا من عهد قريب عندما أعلنت إحدى الجامعات الأمريكية أنها توصلت إلى تحليل معدن السيوف العربية القديمة وتعرفت على سر عدم تعرضها للصدأ ..!!
أيضا تفنن المسلمون في الأسلحة الثقيلة كالدبابة والمنجنيق لمهاجمة الحصون فكان أول استعمالهم لها بعد الرسول في حصار دمشق سنة 13 ه كما ادخلوا عليها الكثير من التطور، وفي حصار (الديبل) في بلاد (السند) كان لدى الجيش الإسلامي منجنيق هائل يدعى (العروس) بلغ عدد الجنود الذين يحركونه ويرمون عليه خمسمائة جندي.
وقد استعمل ابن الرشيد في حصار (هرقلية) في بلاد الروم منجنيقا يرمي الحصون بنار حارقة مكونة من خليط من الكبريت والنفط والحجارة وملفوف في الكتان، وفي الحروب الصليبية ابتكر المسلمون آلة جديدة اسمها (الزيار) ترمي أعدادا كبيرة من السهام الثقيلة دفعة واحدة, كراجمة الصواريخ في وقتنا الحالي.
ويذكر ابن خلدون أن سلطان مراكش عندما فتح سلجماسة سنة 273 ام قد استعمل المدافع في حصارها فيقول "إنهم ضربوا أسوارها بمختلف الآلات فكانت الآلة ترمي قذائف كبيرة من الحجارة أو الحديد ينبعث من خزنة أمام المدافع بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة باريها" ويذكر جوستاف لوبون أن أول مرة استعمل الأوروبيون فيها المدافع (بعد أن تعلموها من العرب في الحروب الصليبية)، وكان ذلك في معركة (كريسي) سنة 1346 م أي بعد المسلمين بثلاثة قرون أو أكثر.
وحتى بعد أن عرفت أوروبا صناعة المدافع فقد ظلت متخلفة عن المسلمين في تطوير هذا السلاح ،فعندما حاصر محمد الفاتح القسطنطينية استعمل مدافع ضخمة لم تعرف أوروبا مثيلاً لها، وعندما حاصر العثمانيون فيينا بعد ذلك كانت مدفعيتهم متفوقة على أوروبا بمراحل كبيرة. كذلك كان للمسلمين الفضل في اختراع الأسلحة الصغيرة كالبندقية أو البارودة.
كذلك كان المسلمون أول من اخترع (حرب الغازات): فقد جاءت جماعة من مصر فعرضت على (صلاح الدين) اختراعا من ابتكارهم يعتبر أول استعمال للغازات في الحرب. وذلك بأن تحرق مجموعة من الأعشاب المخدرة في موضع قريب من جيش العدو بحيث يكون اتجاه الريح نحوهم فيسبب التخدير للجيش وينومه مما ساعد (صلاح الدين) على مباغتة الصليبيين وهزيمتهم، وقد طور المسلمون هذا السلاح، فصنعوا منه (القبرة) وهي قنبلة يقذفونها بالمنجنيق على معسكر العدو وهي مشتعلة وتحتوي على مزيج من البنج الأزرق والأفيون والزرنيخ والكبريت فإذا تفاعل الكبريت والزرنيخ تولدت عنه غازات حارقة وخانقة.
وفي معركة القادسية فوجئ المسلمون في اليوم الأول للمعركة بظهور الفيلة في مقدمة جيش الفرس وكانت الفيلة بحجمها وصراخها المرتفع تخيف خيول المسلمين فتتراجع الخيل أمامها، وبسرعة خاطفة تشاور قادة المسلمين، وأعدوا خطة للتغلب على الفيلة، فجاءوا في مقدمة جيشهم بجمال ضخمة وربطوا كل جملين معا وكسوهما بثوب واحد حتى بدت الجمال كأنها وحوش هائلة، وأخذ الرماة على الجمال يصوبون سهامهم إلى عيون الفيلة، فأصيبت الفيلة بالذعر فألقت بالجنود من فوقها وعادت وهي تدهس كل من في طريقها من جنود الفرس، وبهذا انقلبت الهزيمة إلى نصر.
ومن قادة المسلمين الذين نبغوا في الاستخبارات والمجال العسكري عمرو بن العاص، فكان يتنكر بنفسه في زى التجار ويدخل معسكرات الرومان في مصر، وكانوا إذا أرادوا التفاوض ذهب بنفسه في زي جندي عادي من الوفد وترك غيره يتكلم وهو يستمع ويتطلع ويلاحظ. دون أن يعرفوه، وهكذا لم يكن يعتمد على الجواسيس المحترفين من العرب والقبط وحدهم، بل يستطلع بنفسه، ويدرس عقلية قادة الأعداء وأفكارهم بنفسه. .
وهذه مؤسسات البحث العلمي قال فيها: لقد كان لأجدادكم الأسبقية والأفضلية بإخراج العالم من ظلمات الكفر والجهل إلى ضوء وعدل ورفعة وسماحة الإسلام. فانظروا إلى حالكم اليوم... وقارنوه بحالكم بالأمس!!!
في القرن التاسع الميلادي (حوالي سنة 807 م) أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد، هدية عجيبة إلى صديقه، شارلمان ملك الفرنجة" وكانت الهدية عبارة عن ساعة ضخمة بارتفاع حائط الغرفة تتحرك بواسطة قوة مائية وعند تمام كل ساعة يسقط منها عدد معين من الكرات المعدنية بعضها في أثر بعض بعدد الساعات فوق قاعدة نحاسية ضخمة،فيسمع لها رنين موسيقى يسمع دويه في أنحاء القصر.. وفي نفس الوقت يفتح باب من الأبواب الأثنى عشر المؤدية إلى داخل الساعة ويخرج منها فارس يدور حول الساعة ثم يعود إلى حيث خرج، فإذا حانت الساعة الثانية عشرة يخرج من الأبواب اثنا عشر فارسا مرة واحدة، ويدورون دورة كاملة ثم يعودون فيدخلون من الأبواب فتغلق خلفهم.
كان هذا هو الوصف الذي جاء في المراجع الأجنبية والعربية عن تلك الساعة التي كانت تعد وقتئذ أعجوبة الفن، وأثارت دهشة الملك وحاشيته.. ولكن رهبان القصر اعتقدوا أن في داخل الساعة شيطان يحركها.. فتربصوا به ليلا، واحضروا الفؤوس وانهالوا عليها تحطيما إلا أنهم لم يجدوا بداخلها شيئا".كان رهبان الفرنجة يومها يعتبرون الاختراع من الشياطين ...
ثم تحدث عن علم علم الحيل ومن أساطين هذا العلم في الأندلس عباس بن فرناس (ت 878 م) وهو صاحب عدد كبير من الاختراعات الميكانيكية ثم صنع أول طائرة ذات جناحين متحركين وطار بها من فوق مئذنة مسجد قرطبة.
ثم أبدع المسلمون في وسائل الري والفلاحة مثل سور صلاح الدين الذي يجلب الماء من النيل إلى قمة جبل المقطم وطواحين الماء والهواء. كما وعُملت شبكة مواسير للمياه توصل المياه إلى البيوت، وتم بناء النوافير داخل القصور كما في نوافير الماء الراقصة في قصر الحمراء.
ان أول المدن في التاريخ تستعمل شبكات مواسير المياه المعدنية وذلك قبل أوروبا بعدة قرون وما زالت إحدى هذه الشبكات حتى اليوم موجودة في مدينة (عنجر) شرقي لبنان وقد أقامها الأمويون في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان.
ذكر الدكتور الكثير من الاختراعات التي ابدع فيها المسلمون عبر العصور لكن المجال لا يسمح لذكر كلها مثل الكاميرا أو الخزانة المظلمة ذات الثقب اخترعها ابن الهيثم...
هذه بعض انجازات الدولة الاسلامية التي لم تكن معصومة وجرى عليها,كما عبر عن ذلك الدكتور محمد عمارة'جرى عليها ما يجري على النظم والحضارات والامم من صعود وهبوط , وتقدم وتخلف , وازدهار وانحطاط , وانتشار وانكماش , وقوة وضعف , وكما ونقصان ...واذا كانت قد عرفت عصور الخلافة الكاملة ' وعصور الخلافة الناقصة ...وفترات ازدهار المؤسسات الشورية , ومراحل الملك العضود ...فلقد ظلت هذه الخلافة أي حتى الغائها في 3مارس 1924 ميلادي محققة للمقاصد الاسلامية ...وظلت النظام السياسي المحقق لوحدة الامة الاسلامية التي هي فريضة دينية ...
هذه اقوال بعض العلماء ولمن اراد ان يرد على هذا المقال فعليه بمناقشتهم فيما قالوا وعبر مواقعهم الالكترونية ..
مريم حمدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.