كانت معركة وادي لك أهم وأكبر معركة أمام المسلمين على طريق فتح اسبانيا وانتهت بنصر عظيم للمسلمين رغم التفاوت الكبير في العدد بينهم وبين الجيش الاسباني، كما أن هذه المعركة ستضع أقدام المسلمين لى أرض اسبانيا لمدة ثمانية قرون حيث ستنشأ إحدى أكبر الحضارات الإنسانية. ولن يواجه جيش طارق بن زياد بعد ذلك جيوشا ولا مخاطر تذكر وهم يزحفون نحو الشمال ذلك أن السكان المسيحيين استقبلوهم بالترحاب والمساعدة في أغلب الأحيان رغبة منهم في التخلص من ملوكهم الظالمين. وانتهت المعركة بقتل لذريق وغرق جثته في النهر حسب أغلب الروايات حيث حملها التيار إلى المحيط الأطلسي. أما طارق بن زياد فقد جمع جيشه وأعاد تنظيمه لاعتقاده أن هزيمة الاسبان كانت نتيجة المفاجأة التي فرضها عليهم وأنهم لن يلبثوا أن يعيدوا تنظيم أنفسهم لمعارك أشد ضراوة. غير أن الحقيقة أنهم ملئوا رعبا من المسلمين وأخلوا مدن الجنوب ثم تفرقوا في البلاد خوفا. وهكذا لم يبق أمام طارق سوى فلول الهاربين الذين قاتلهم بشدة وهو يتقدم نحو المدن الرئيسية للأندلس مثل شذونة ومدوّرة وقرمونة وإشبيلية واستجة التي قرر الاستقرار فيها أياما لتنظيم صفوفه قبل المرحلة الموالية. وسيقف المؤرخون بعد ذلك مدهوشين أمام هذا الزحف السريع الذي لم يصمد له أحد أكبر جيوش أوروبا وأشدها حماسا دينيا في تلك العصور ذلك أن المسلمين قد تمكنوا من إخضاع حوالي ثلث اسبانيا في أسابيع قليلة. ويجد المؤرخون في حماس البربر المسلمين الجدد لنشر الدين بعض التفسير لهذا النجاح الساحق كما يضيف أغلبهم شخصية طارق بن زياد كعنصر هام في قيادة جيشه نحو النصر معتمدا على سيرة المسلمين الأوائل في طرق الجهاد وسننه، بالإضافة إلى حماس سكان اسبانيا للتخلص من ملوكهم وحكامهم الظالمين. وفي مدينة استجة تهافت كبار رجال البلاد على طارق بن زياد يقدمون له النصيحة حول أفضل الطرق لفتح الطريق نحو سلطة الإسلام. ويذكر ابن الأثير في تاريخه أن يوليان الذي رافق المسلمين منذ البداية نصح طارق بن زياد بتفريق جيشه فرقا والتوجه على رأس أكبر فرقة نحو مدينة طليطلة التي كانت من أهم مدن الأندلس. وبعد أن درس طارق ورجاله هذا الاقتراح نفذه فعلا فبعث جيشا إلى قرطبة وآخر إلى غرناطة وجيشا إلى مالقة وفرقة صغيرة إلى مدينة تدمير. وسنرى في الحلقة الموالية يقية تفاصيل هذه الانتصارات.