* قنا مصر خاص ل «الشروق»: من محمود عبد الحميد: الصدفة وحدها كشفت لنا عن قزم من صعيد مصر له قصة واقعية مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، عندما أخبرنا بعض الاهالي في ولاية قنا المصرية عن حكاية الشيخ سليم محمود محمد الذي يعيش في قرية أبو مناع بمركز وشنا ويحتفظ على جدران منزله البسيط بصورته مع جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة، وعندما زاد فضولنا لمعرفة كيف التقى ذلك القزم الرئيس عبد الناصر هل ذهب اليه أم أنه التقاه في العاصمة. ولماذا... وما هي المناسبة؟، وبعد أن التقيناه وجدنا أننا أمام قصة من الزمن الجميل لذلك القزم الذي يفخر بأنه ألقى خطبة أمام أعضاء مجلس قيادة الثورة، ويزداد فخره بأنه تجرأ وكذب على «ناصر» مرتين! يقول لنا الشيخ سليم: أنا من مواليد عام 1930 وولدت مثل عمي قزما لا يتجاوز طولنا المتر، وساقني القدر للعمل بقدرتي المحدودة على القراءة والكتابة للعمل مع نائب البرلمان المصري في ذلك الوقت كسكرتير خاص له بسبب قدرتي على الحديث وإجادة الكلام، واصطحبني معه الى القاهرة وعمري 20 عاما لاعيش في عالم جديد مع باشوات مصر في عهد ما قبل الثورة، وخاصة في النادي المخصص مع الاعيان والباشوات من أهل الصعيد، وتحول الى مكان خاص بنواب الصعيد من قنا بعد الثورة. أما عن قصة الصورة التي كانت له مع ناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة، فيوضح لنا خلفياتها ويقول ان زعيم «الصعايدة»، في ذلك الوقت كان العمدة عمر أبو رحيم ومن بلدته وله صداقة قوية مع عبد الناصر، وعلى هذه الخلفية أقام العمدة احتفالا لاعضاء مجلس قيادة الثورة عام 1954، وحدث اللقاء في ذلك الاحتفال، وكنت وقتها أرتدي الطربوش والكاكالا التي يشتهر بارتدائها شيوخ الازهر، ولم أستطع رؤية ناصر أو رفاقه سواء لقصر طولي أو بسبب الحشود الغفيرة الموجودة، ووقتها رجوت العمدة أن أرى عبد الناصر، فقال لي تعالى معي ليخترق الصفوف لاجدني وجها لوجه أمام حسين الشافعي الذي ضحك وطمأنني وسألني عن أحوالي، كما ابتسم لي الرئيس عبد الناصر وكنت مرعوبا ولذلك وجدتني لا أملك القدرة على الكلام عندما سألني كم عمري؟ فقلت له 24 عاما، وكانت كذبة لان عمري وقتها كان قد تجاوز ذلك بقليل، كما سألني وماذا تعمل فقلت له... مزارعا ولم أكن كذلك... وعندما طلب مني تنفيذ أي طلب لي: قلت له لا أحتاج أي شيء ولم يكن ذلك صحيحا، لاني كنت وقتها عاطلا عن العمل». ويكمل الشيخ سليم بقية القصة ويقول: طلب مني عبد الحكيم عامر إلقاء خطبة، ورددت: لست جاهزا، ولكنهم طلبوا مني أن أكون على سجيتي، ووجدتني أقف وأرتجل كلمات قليلة قلدت فيها صوت عبد الناصر وهو يخطب في الجماهير: أيها المواطنون لتكونوا قلبا واحدا ورأسا واحدا وليعش الوطن... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصفق لي الجميع وانتهز مصورو الصحف الفرصة والتقطوا العديد من الصور لي مع أعضاء الثورة، وكنت أقف في الصورة الى جانب حسين الشافعي، ويشير لنا الى الصورة التي لديه، ويقول: أنا هنا والى جانبي الشافعي جالسا والى جواره عبد الحكيم عامر ثم الرئيس عبد الناصر، وطلبت من عبد الناصر أن أحصل على الصورة فأصدر أوامره بذلك، وفوجئت في الصباح بصورتي في الجرائد، وبعدها جاءني أحد الضباط وقال لي: الرئيس أرسل لك هذه الصورة واحتفظت بها حتى الآن ولمدة 50 عاما وأضعها حلى حائط منزلي في قنا». يبقى أن نقول إن الشيخ سليم يعيش على هذه الذكريات خاصة وأن حلمه في الزواج من «قزمة» مثله لم يتحقق حتى الآن بعد أن أصبح عمره 74 عاما ولا يؤنس وحدته سوى هذه الذكريات وصوت الست أم كلثوم التي حضر بعض حفلاتها في دار الاوبرا المصرية، بالاضافة الى صوت الشيخ الراحل عبد الباسط عبد الصمد يقول لنا: لا أملك من هذه الدنيا سوى صورتي مع عبد الناصر وأوصي بها بعد وفاتي لمتحفه الخاص!