ما من احد من الفنانين القدامى، موسيقيين كانوا او مسرحيين تسأله عن اجواء رمضان ايام زمان الا ويطلق تنهيدة من اعماق قلبه ترمتها: يا حسرة على زمان! لماذا كل هذا التحسّر، وهل فقد شهر البركة نكهته ورونقه وأجواءه لاحتفالية المميّزة؟! طرحنا السؤال هذه المرة على المخرج السينمائي رشيد فرشيو الذي لم يستحسن بدوره الاجواء التي اصبح عليها شهر رمضان اليوم. ماذا تغيّر في اجواء شهر رمضان أليست ظروف اليوم افضل بكثير من ظروف الامس؟ بالعكس ظروف الامس رغم قساوتها افضل بكثير... في الماضي كان الناس يحبون بعضهم ويعطفون على الفقير والمحتاج... اما اليوم فقد تغلغل الشعور بالأنانية في قلوب الناس وتفشت ظاهرة اللهفة على الاستهلاك التي قادت بدورها الى مظاهر سلبية مثل الغش والاحتكار والسرقة.. وماذا عن السمر والسهر؟ صحيح كانت الاختيارات محدودة ولكن الناس كانوا راضين ومرتاحين.. كنا مثلا في العاصمة، نذهب الى الكافيشانطات في الليل... ونتجوّل بين «الماناج» او الملهى، وباعة الزلابيا والمخارق والمهرجين والبهلوانيين كما كنا نستمتع كثيرا بالألعاب السحرية. أنت مخرج سينمائي يُذكر ان قاعات السينما كانت تنشط بكثافة في الليل خلال شهر رمضان! بطبيعة الحال قاعات السينما كانت تمثل جزءا هاما من نشاط المدينة اثناء الليل فالسامر كان امامه إما الذهاب الى السينما او الكافيشانطة... وكنت شخصيا ارتاد قاعة «سيني فوكس» في باردو... وحين تتوفر لدي اموال، انزل الى العاصمة لدخول قاعة «البالماريوم» او «الكوليزي» وكانت الافلام الرائجة وقتها «الوستيرن» والافلام الهندية وافلام فريد الاطرش.. وكانت كل القاعات ملآنة بحيث يصعب العثور على مقعد شاغر.. كنا بعد السينما نذهب الى بطحاء الحلفاوين لشراء «الزلابية» و»المخارق». وحين ظهرت التلفزة! كانت بصراحة افضل في برمجتها من اليوم... وقد عملت شخصيا في التلفزة وكنا ننقل الروايات ا والتمثيليات مباشرة الى المشاهدين.. كما كنا ننقل الحفلات والسهرات الغنائية والموسيقية.. وكان المشاهدون وقتها معجبين اشدّ ما اعجاب بسلسلة «أمي تراكي».