قول ينطبق على ادعاء محامي أحد الجنود الأمريكيين ا لمورطين في قضية تعذيب معتقلي سجن «أبو غريب» فقد بدا للمحامي المشار إليه وهو يدافع عن «جريمة» موصوفة طبقا للقانون الدولي الإنساني، أن وضع السجناء العراقيين الواحد فوق الآخر على شكل هرم وهم عراة، كما بيّنت تلك الصور المشينة ليس فيه ما يسيء بل إن المحامي الذي نراه وقد أوغل في البراغماتية اعتبر أن وضع المعتقلين بتلك الطريقة يمكن أن يشكّل تقنية للسيطرة عليهم. هكذا هو منطق القوي... وهذه أخلاق آخر زمن... هذه عيّنة من الفعل الأمريكي الاستعماري في العراق... وهي عيّنة تكشف كذلك أن الإقرار بالخطإ ليس سمة أمريكية... ما يحصل في حق المعتقلين العراقيين في سجون ومعتقلات الاحتلال لا يوصف ولا يمكن تصنيفه في خانة معيّنة... المؤلم في كلّ هذا ليس الصلف أو الكذب أو تجاهل حقوق المعتقلين من قبل الاحتلال الأمريكي... بل في أولئك الذين يصدقون بأن للاحتلال وجها حضاريا... أو وجها مشرقا... هؤلاء المعتقدون في هكذا أطروحات هم سبب البلية... إنّنا لا نستغرب من كلّ الأفعال التي يأتيها الاستعمار فهو في خندق ونحن في خندق مواز.. ثمّ إن تاريخ الاحتلال والاستعمار واحد في كلّ الأوطان وفي كلّ الأزمنة وليس فيه ا ختلاف في الجوهر والأهداف لكن ما نستغرب له ويستفزّ المشاعر أيضا هو أن تجد من يتجاهل تلك الصور المشينة والفاضحة لممارسات الاحتلال في «أبو غريب» ويتحول إلى فارس زمانه عندما يهمّ الأمر إلقاء المسؤولية على صاحب القضية ذاك الذي يقاوم بكلّ السبل المتاحة والمستنبطة... ما تفوّه به محامي أحد المتهمين «المجرمين» في حقّ معتقلي سجن «أبو غريب» يؤشر إلى أن واشنطن برمتها ليست نادمة على ما أتته من تدمير وتقتيل وغزو عسكري في العراق... هذا مؤشر بسيط على أن منطق الاستعلاء والقوة هو الذي تسير وفقه أمريكا... وأنها لن تتراجع يوما ولن تطلب المغفرة أبدا... حتّى وإن ألبت أعمالها تلك كلّ العالم ضدها... لكن معتقلي العراق سواء أولئك الذين يعدون بالمئات والآلاف في سجون الاحتلال أو الملايين العشرين المسجونين في الوطن السليب لا يساورهم شكّ في أنّ الولاياتالمتحدة ماضية قدما في خطتها تجاه العراق مهما كلفها ذلك من سمعة سيّئة وثقة تجاهها مفقودة من الجميع... غير أن ما يعلمه العراقيون ولا يعلم منه شيئا الأمريكيون هو أن المقاومة مقاومة الاحتلال هي التي ستجعل محاميي ومحاكم أمريكا تعيد النظر في تصرفات المارينز والجنود الغزاة سواء في العراق أو في بقاع أخرى من الأرض... «إن غدا لناظره قريب». وأن إرادة الحياة وعلى حد علمنا في تاريخ وسيكولوجية العراق متوفرة لدى شعب العراق على غرار شعوب الدنيا كلّها..