عادت مؤخرا فرقة الكرامة للموسيقى العربية من دمشق، حيث كان لها شرف تلبية دعوة رسمية من وزارة الثقافة السورية لزيارة سوريا وتقديم عروض غنائية. الكرامة كانت في الموعد حيث قدمت ثلاث حفلات في مراكز ثقافية ثلاث (اليرموك العدوي وجوبر) بدمشق الفيحاء. غنت الكرامة في هذه الحفلات مجموعة من الاغاني الوطنية والتراثية. فمن تراثنا الوطني التونسي شدت: بني وطني يا ليوث الصدام وجند الفداء نريد من الحرب فرض السلام وردّ العدا (اغنية خلدت معركة الجلاء البطولية ببنزرت) وبرّ وايجا ما ترد اخبار الجرجار يا عالم لسرار صبري لله (اغنية شعبية وطنية ارتبطت بأحداث 1911 ضد التجنيس (معركة الزلاّج). وريحة لبلاد يابا ورد وياسمين يابا ورد وياسمين يابا يابا ريحة لبلاد يا خويا اغلى من العين (من اغاني محمد الجموسي التي تعتبر ترنيمة عشق وحنين للوطن الحبيب وانصهار في ثنايا (تراب بلادي الغالي) والورد والياسمين). كما غنت من تراثنا التونسي العتيق والأصيل: بخنوق بنت المحاميد فوق الشجرة والله معانا... اضافة لمختارات من مالوفنا الجميل (ناعورة الطبوع ووصلة في مقام محير العراق) الذي يعتبر احدى نقاط الوصل بيننا وبين التراث الاندلسي الاموي. وقد تجاوب الجمهور مع هذه الاغاني معبّرا عن حبه العميق لتونس الخضراء الجميلة، ومتفاعلا مع ماقدّمته الفرقة من مختارات شعرية لأبي القاسم الشابي عن تونس ولمنور صمادح. وكذلك مع كل اشارة من الفرقة للعلاقة التاريخية العميقة التي تربط بين الشام وتونس منذ تأسيس قرطاج على يد عليسة القادمة من صور، مرورا بالفتوحات الاسلامية للمغرب العربي التي تمت خلال حكم الدولة الاموية (وعاصمتها دمشق) وصولا الى ما جمع بين اهل الشام وتونس والمغرب العربي من مودّة ووداد (احتضان سوريا لعدة قادة من ربوع المغرب العربي مثل عبد القادر الجزائري، ومشاركة جزء من جيش تونس ومن اطبائها في حرب تشرين المجيدة.. جلب معهد الرشيديةبتونس للموسيقى علي الدرويش من حلب، وما لعبه هذا الاخير من دور في توحيد الموسيقى العربية وفي التعريف بالمالوف عبر اثير اذاعة دمشق وبالقدود الحلبية عبر تعليمه بالمعهد المذكور.. الخ) اضافة الى تجارب مشتركة ثقافية وفنية حديثة. الشام كانت حاضرة في برنامج الفرقة حيث غنت الكرامة لصمود سوريا ولمجدها التليد: شام يا ذا السيف لم يغب يا كلام المجد في الكتب قبلك التاريخ في ظلمة بعدك استولى على الشهب وغيرها من الاغاني نجاح فرقص الشباب الحاضر على ايقاع هذه الاغاني ورددها مع الفرقة ولسان حاله يتساءل: هل هذه الفرقة تونسية أم سورية ام عراقية أم فلسطينية؟؟ وكان لحضور الفنان ابو عرب (من فلسطين مقيم بسوريا) في حفلتين لفرقة الكرامة دور متميّز حيث ابى ابو عرب الا ان يحضر من حمص الى دمشق حال بلوغه نبأ وجود الكرامة هناك، كيف لا وقد ربطته بهذه الفرقة علاقة متميزة عند زيارته الاخيرة لتونس. ابو عرب تحدث في حفلتيه عن شعب تونس وعن عمق روابطه بفلسطين وعن تضحياته من اجل تحرير ارض المقدّسات، مهبط الاسراء والمعراج وعن تقديمه لقوافل من الشهداء من اجل ذلك... فغنى ابو عرب للعراق الشامخ كما غنى لكل هذه المعاني التي كانت حاضرة في كل حفلات فرقة الكرامة وفي برنامجها حيث قدّمت: (القدس تنادينا يا عرب) و(رام الله) و(بئر السبع) وغيرها من الاغاني. وكان تفاعل الحضور مع هذه الاغاني تعبيرا صادقا منه عن وفائه ودعمه للمقاومة الباسلة ضد المحتل الغاضب هولاكو القرن الواحد والعشرين. وقد قام التلفزيون السوري (الفضائية والارضية) بتصوير احدى عروض الفرقة اضافة لعدة حوارات اجرتها مع مجلة «الاسبوع الادبي» الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب ولتغطية الزيارة (صحفيا) وخاصة من طرف مجلة فنون.