مازال المسؤولون في الحكومة العراقية المعينة يؤثرون السير في فلك الاحتلال والنظر بمنظاره في شأن العراق ومستقبله بترديدهم مقولات من قبيل التمسك بإجراء الانتخابات في وقتها المحدد وهم موقنون أن ذلك لن يكون ممكنا بالنظر الى الوضع الميداني وبلجوئهم الى القوة وهم لها منكرون لاقناع السّنّة بالمشاركة في انتخابات اقتنع جل العراقيين بأنها لن تؤسس لعراق أفضل. فطبعت تلك الازدواجية تصريحاتهم بشيء من التذبذب والارتباك. اذ لا يدع المسؤولون العراقيون فرصة أو محفلا دوليا دون تأكيد ان الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر سلفا رغم كل شيء ودون أن يشيروا في الوقت عينه الى «صعوبات أمنية» لن تكون معها الانتخابات «مثالية» او «كاملة». أما وقد صار الوقت يحاصرهم ولم يعد أمامهم سوى أسبوع ليثبتوا «انتصارهم» على من آثروا طريق المقاومة والتحرير أولا فقد عادوا مجددا الى أساليب الوعيد وهم الذين كثيرا ما انتقدوا اللجوء الى ما أسموه بالعنف والارهاب لتحقيق مطالب الشعب العراقي، ولم يترددوا في اتيان ما نهوا عنه وزعموا أنهم استنفدوا جميع السبل وان لا مفر من الخيار العسكري للقضاء على المقاومة. وكما الفلوجة التي مازالت نارها تستعر وسامراء من قبلها صار قادة العراق الجدد يفكّرون في مصير مماثل لمدينة الموصل كبرى مدن شمال العراق وأحد أكبر المعاقل السنية المقاومة على أنهم يرغبون في تنفيذ الاجتياح قبل موعد الانتخابات متناسين ان جيش الاحتلال عجز من قبل عن اخضاع الفلوجة وغيرها من المدن الصامدة رغم ما يدّعيه من نصر مبين، ومتجاهلين ان خططهم لن تزيد العراقيين الا نفورا من هذه الانتخابات القائمة على أساس واه ومتداع. ويعكس هذا الأسلوب في التعامل مع المقاومة سقما في التفكير وقصر نظر، بل سوء نية في رسم مستقبل العراق على الشكل الذي يروق للمحتل ومريديه وإن لجأ حكام العراق الجدد الى ألطف العبارات وأرق الأساليب تمهيدا لضرب العراقيين بأياد عراقية، ضربات هي أشد وطأ وأشد مضاضة من ضربات المحتل. ومثل هذا الأسلوب لجأ اليه وزير الدولة المكلف بشؤون ما يسمى بالامن القومي قاسم داود حين صرّح بأن حكومة علاوي «تعلم الاخوة في الموصل بأنها تعتزم تطهير مدينتهم» ممن أسماهم بالارهابيين... فبئس الاخوة هذه التي تنشر الموت لإعلاء راية الباطل لأن هذه الانتخابات لن تغيّر وجه العراق على أية حال ولن تحوّل الواقع الدموي الذي يشهده العراق منذ بدء الغزو الى جنّة من الديمقراطية والحرية ما دامت قائمة على منطق غير سليم. ولو علم العراقيون أن في هذه الانتخابات خيرا لهبّوا اليها، ولكن أنى لقوة احتلال ان تسعى في خير المحتل وأنى لحكومة «مؤقتة» ان تضع مستقبلا دائما ومستقرا لبلد عظيم... اسمه العراق.