(أستاذ أول للشباب والرياضة قصيبة المديوني) إن ما تميزت به قيادة العهد الجديد في تونس التغيير من أسلوب نموذجي في الحكم واستشراف للتحولات العالمية والاستعداد لها كأحسن ما يكون.. الشيء الذي جعل المثال التنموي التونسي ينجح ويحظى باهتمام الجميع داخليا وخارجيا على اثر التألقات المتميزة التي حققتها بلادنا في جميع الميادين.. وايمانا من القيادة التونسية بالقيم العالمية وضرورة التفاعل معها والتأثير فيها وجعل تونس تشع بنجاحاتها خارج حدودها الجغرافية. ونظرا لما للرياضة والتربية البدنية من دور فعال في التأثير على الجماهير واعتمادا على نجاحات سياسة العهد الجديد في مجالات التربية البدنية والرياضة والشباب وما حققته من انجازات عديدة في تونس ومن حسن تنظيم اكبر للمناسبات الرياضية... وحتى تترسخ هذه القيم والسلوكيات عالميا.. فقد بادرت القيادة التونسية وبإذن من رئيس الجمهورية بكل ثقة وثبات الى عرض مشروع قرار على منظمة الأممالمتحدة يكرس ضمن النصوص الاممية حق الشباب في ممارسة التربية البدنية والرياضة في ظروف اجتماعية وتربوية ملائمة... اعتبارا لدور الرياضة في نشر قيم التحابب والاحترام والتضامن بين شباب العالم.. وانطلاقا من المكانة المرموقة التي تحظى بها تونس في المحفل الدولي.. وكما تم تبني اقتراح تونس ببعث صندوق دولي للتضامن.. فإن المجتمع الدولي لم يتردد في المصادقة على المبادرة الرئاسية التونسية وأصدرت الأممالمتحدة قرارها 5/58 يوم 3 نوفمبر 2003 تحت عنوان : الرياضة و سيلة لنشر التربية، الصحة، التنمية والسلام... وتقرر ان تكون سنة 2005 سنة دولية للرياضة والتربية البدنية. إن هذا النجاح التي توصلت الى تحقيقه القيادة التونسية على المستوى العالمي يجعل كل تونسي فخورا بالانتماء الى هذا الوطن العزيز الذي تقوده قيادة أثبتت الايام صحة اختياراتها وشهد العالم لها جميعا بنموذجية مشروعها التنموي الحضاري.. ولئن انطلقت يوم الاحد 9 جانفي 2005 الاحتفالات بالسنة الدولية للرياضة والتربية البدنية على المستوى الوطني والجهوي... بتنظيم العديد من التظاهرات المختلفة فإننا مدعوون جميعا الى الاحتفال وتنظيم المسابقات الرياضية وغيرها.. في جميع الفضاءات التونسية وعلى امتداد كامل الوطن.. كما إننا مدعوون الى التعريف في وسائل الاعلام المتنوعة بماهية التربية البدنية والرياضية وابراز القيم النبيلة والفوائد الجمة من ممارسة الرياضة. إن من بين الميزات التي يعرف بها الانسان حبه للتعلم واكتشاف العالم الذي من حوله قصد التحكم فيه والعمل على تغييره حتى يتعرف أكثر فأكثر على نفسه ويفرض ذاته.. فالانسان غير راض عما هو عليه لذلك نجده يطمح دائما الى التغير نحو الأحسن.. وانطلاقا من هذا الدافع فإن رسالة المدرس والمربي ترمي الى السماح لهذا الكائن البشري بأن تتجمع عنده حظوظ أكثر لحياة طيبة ثرية فكريا وعاطفيا وثقافيا وناجحة اجتماعيا.. ومن هنا فإننا نجد التربية البدنية والرياضية قديمة قدم الانسان مارسها منذ زمان اي منذ نشأته على هذه الارض ذلك لأن طبيعة الحياة فرضت عليه ان يمشي ويجري ويتسلق بحثا عن الرزق او دفاعا عن النفس. ان أحسن تعريف للتربية البدنية والرياضية الذي يمكن اعتماده ذلك الذي صدر في مجلة الجامعة الدولية للتربية البدنية بتاريخ ديسمبر 1974 والذي يعتبر «التربية البدنية عنصرا من التربية العامة تستعمل كوسائل خاصة وبطريقة منهجية الحركات الرياضية والنشطة البدنية وتأثير العوامل الطبيعية مثل الهواء، الشمس، الماء...» اذا حسب هذا المفهوم فهي تربية عامة تمس كل المجالات الفسلجية، البسيكولوجية، العقلية والاجتماعية.. وذلك عن طريق التمارين والانشطة البدنية.. فالتربية البدنية تعتبر مجموعة وسائل تستعمل حتى يقع التمكن من تطوير الفرد وتحسين مجمل قدراته ووظائفه والحصول على مردودها الاقصى والعمل على المحافظة. وتونس انطلاقا من ايمانها بالمكانة الهامة للتربية البدنية والرياضية سنت العديد من التشريعات المنظمة لتعاطي هذا النشاط فأصدرت التوجيهات الرسمية التونسية لتعاطي التربية البدنية في المدارس والمعاهد التونسية.. وعند تفحصنا لهذه الوثيقة التوجيهية الهامة والتي تدعو التطورات الحالية للمجتمع التونسي الى الاسراع بمراجعتها نجدها تعرف التربية البدنية كجزء لا يتجزأ من التربية العامة ترمي الى التطوير المتقابل والعام للعوامل العقلية، الاجتماعية، الثقافية والبدنية للشباب المدرسي وبصفة أدق فهي ترمي الى : التحكم في السلوك وذلك بالتطوير المرضي لحركية التلميذ وصقل وتنمية عوامل التنفيذ عنده. تسهيل العمل المدرسي للتلميذ التونسي بتحسين صحته. ادماح أحسن للتلميذ اجتماعيا وذلك بعد الاخذ بعين الاعتبار المحيط والظروف الوطنية التي يعيشها. تجسيم القيم الانسانية اللازمة لحياة اجتماعية عفيفة وصالحة والشعور بمتعة العمل والمجهود والثقة بالنفس والتحكم بالانفعالات والسيطرة عليها ومغالبة النفس واحترام الغير والتحكم في الخشونة والتضامن الفعال. تلك هي المبادئ التي جاءت في التوجهات الرسمية المنظمة للتربية البدنية في تونس والتي أصبحت في حاجة الى المراجعة والتطوير مع ما يشهده المجتمع التونسي من تحولات كبرى ومسايرة للعالمية وتناغما مع الاصلاح التربوي لسنة 2001 الذي أسس لمدرسة تونسية متجذرة ومواكبة للتحولات المتسارعة وكذلك الاصطلاح التربوي لسنة 2002 الذي يعتبر تواصلا مع الاصلاح السابق ومؤسسا لمجتمع المعرفة ومكرسا لمدرسة الغد التي جاءت في البرنامج الانتخابي لرئيس الدولة.