كشفت وثائق رسمية عن تشكيل لجنة حكومية أمريكية قبل نحو ثلاثين عاماً، وكانت قد حذرت من «القنبلة القذرة» واستخدام الطائرات المدنية في هجمات إرهابية وأوصت بمراقبة الأمريكيين من أصل عربي.واللافت أن من أبرز أعضاء اللجنة: جورج بوش الأب (رئيس أسبق) وهنري كيسنجر وزير الخارجية الاسبق ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي ورودني جولياني عمدة نيويورك السابق الذي وقعت هجمات 11 سبتمبر في عهده. وفي تقرير صدر عام 1977 وبلهجة قريبة من تلك المستخدمة في الوقت الراهن، كتب روبرت كوبرمان كبير العلماء في وكالة نزع التسلح الأمريكية انه إذا لم تتخذ الحكومات إجراءات احترازية أساسية فستمضي إلى حافة الهاوية. ولخص تقرير كوبرمان الصادر وقتها جهد لجنة حكومية رفيعة المستوى استمر على مدى خمس سنوات مهمتها وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية مكافحة الإرهاب وصوغ مسودة خطة لحماية الولاياتالمتحدة من خطر هجمات إرهابية محتملة. وقد تأسست اللجنة بقرار من الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في سبتمبر 1972 بعد هجوم «الكوماندوس الفلسطيني» على فريق إسرائيلي في دورة ميونيخ وقتلهم 11 رياضياً إسرائيلياً. وفي ديباجة التكليف بتشكيل اللجنة، كتب ريتشارد نيكسون إلى وزير خارجيته وليم روجرز قائلاً: «إنه لأمر أساسي أن نتخذ كل إجراء ضروري لحماية أمتنا والأمم الأخرى من خطر الإرهاب، كما انه أمر لا يقل أهمية أن نستعد لأن نتصرف بسرعة وفاعلية إذا ما حدث أي هجوم إرهابي على رغم كل الاحترازات المسبقة التي سيتم اتخاذها». والتقت اللجنة المشار إليها بكامل أعضائها مرة واحدة في أكتوبر 1972 واستمر بعض خبرائها يلتقون مرتين كل شهر على مدى خمس سنوات لتحديد التهديدات الإرهابية المحتملة والحلول المقترحة لمواجهتها. ويرصد المتابعون أن جهد اللجنة التي بدأت نشطة في مواجهة الإرهاب بدأ يخفت تدريجياً بفعل بروز المستجدات الأخرى ومنها فضيحة «ووترغيت» وإطاحة ريتشارد نيكسون، علاوة على انخفاض الدلائل الخاصة بإمكان حدوث هجوم إرهابي على الداخل الأمريكي. لكن يبقى للجنة تأثيراتها من حيث تحديد الأخطار الإرهابية الرئيسية في نهاية القرن الحادي والعشرين والتي وجدها بوش الابن لدى قدومه وأبرزها المخاوف الخاصة بقدرة الإرهابيين على تصنيع القنبلة القذرة من بقايا مواد نووية والتي يمكن أن تدمر أي مدينة أمريكية عبر نشرها لمواد إشعاعية قاتلة عبر تجمعات مبانيها الضخمة. في نوفمبر 1972 كتب ريتشارد كنيدي أحد العاملين في مجلس الأمن القومي إلى كيسنجر مذكرة في شأن القنبلة القذرة يقول فيها إن خطر هذه القنبلة هو شيء حقيقي وليس حكاية من حكايات الخيال العلمي. أما روجرز الرجل الذي كلفه نيكسون بتشكيل اللجنة، فقد كتب في إحدى مذكراته للرئيس الأمريكي في منتصف 1972 يمتدح خطوات لجنة الطاقة النووية الأمنية ويحذر في الوقت نفسه من أن المواد النووية يمكن أن تمثل فرصة مرعبة للإرهابيين لإحداث اختراق. على صعيد موازٍ، حذر أعضاء اللجنة بشكل واضح من استخدام الطائرات المدنية كهدف للاختراق، وحذروا أيضاً من عدم إنفاق شركات الطيران على تحديث بنيتها الأمنية وشراء أجهزة متقدمة لتصوير الركاب ومتعلقاتهم وتفتيشها.وفي عام 1976 ضغطت الحكومة الأمريكية لتحسين الإجراءات الأمنية. وشملت توصيات اللجنة خططاً تفصيلية لتحسين درجة اليقظة والتعامل مع أوقات معينة كمواسم الإجازات وشكل تأمين مواقع من نوع خاص كالمنشآت النووية ومحطات الطاقة الكهربائية (كما شملت دعوة لإجراء حملات منتظمة على الأجانب المقيمين والمسافرين إلى الولاياتالمتحدة وخصوصاً العرب الأمريكيين أو من يملكون خلفية شرق أوسطية وإلى تأمين حركة الأمريكيين في الخارج المرشحين لأن يكونوا أهدافاً لعمليات إرهابية.