استبعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر إمكانية إحراز الإدارة الأمريكية «النصر» في العراق إلاّ أنه حذّر في الوقت نفسه من أنّ انسحابا سريعا للقوات الأمريكية من هذا البلد ستكون له «عواقب كارثية»... وكان كيسنجر مستشارا في شؤون الأمن القومي للرئيس ريتشارد نيكسون ثمّ وزيرا للخارجية خلال التدخل العسكري الأمريكي في فيتنام.. وتؤكّد أوساط أمريكية مطلعة أنّ الرئيس الأمريكي جورج بوش ونائبه ديك تشيني يستشيرانه في أحيان كثيرة... * استبعاد وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية أمس الأوّل قال كيسنجر إنّ أمريكا في حاجة إلى إعادة تحديد مسارها وإلا فإنّ النتيجة ستكون في النهاية تفكك العراق... وأضاف إنّ إحراز نصر أمريكي في العراق لم يعد ممكنا... وتناقض تقديرات كيسنجر تصريحات سابقة له أدلى بها لصحيفة «واشنطن بوست» في أوت العام الماضي قال فيها إنّ تحقيق النصر على الجماعات المسلحة في العراق هو الاستراتيجية الوحيدة ذات مغزى للخروج من العراق... وأوضح قائلا «إذا كنت تعني بنصر عسكري نظيف إرساء حكومة عراقية تدير البلاد بأكملها ويتسنّى لها السيطرة على الحرب الأهلية والعنف الطائفي فيما تدعم الديمقراطية مسارها السياسي... فإنني لا أعتقد أنّ ذلك مازال ممكنا». وتأتي تصريحات كيسنجر المتشائمة فيما تستعد لجنة بيكر لتقديم توصيات تطالب الرئيس الأمريكي جورج بوش بتغيير استراتيجيتها في العراق.. وحذّر كيسنجر من انسحاب سريع لكافة القوات الأمريكية من العراق وقال إنّ هذه الخطوة قد تؤدّي إلى «إنهيار درامي» للعراق... وطالب بعقد مؤتمر دولي حول العراق بمشاركة جيرانه والأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن فضلا عن الدول التي قال إنّ لها «اهتمامات محورية» مثل القوتين النوويتين في جنوب آسيا (الهند وباكستان) من أجل الوصول إلى تسوية. وتابع قائلا «أعتقد أننا بحاجة إلى إبعاد أنفسنا عن الحرب الأهلية وعلينا التحرّك مبكّرا نحو تحديد دولي لتعريف ماهية النتائج المشروعة... وأعني بمشروعية أنّه يمكن دعمها عبر الدول المحيطة وعن طريقنا وحلفائنا». واعتبر أنّ الأحداث الراهنة قد تؤدّي إلى تقسيم العراق على أسس عرقية وحذّر قائلا «ربّما من الأفضل ألا نخطّط لذلك على أسس رسمية»... * قوات... غير كافية من جانبه اعتبر السيناتور جون ماكين، المرشّح المحتمل للجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية أنّه من غير الأخلاقي ترك القوات الأمريكية في العراق بمستوى غير كاف لا يسمح بتحقيق النصر... كما أشار إلى أنه لا يستبعد أن يطلب سحبا سريعا للقوات الأمريكية من العراق في حال رفض البيت الأبيض زيادة عدد الجنود الأمريكيين في العراق. وقال في حديث لمحطّة «أي.بي.سي» لا يمكنني القيام بدعوة جنودنا للعودة إلى العراق والمخاطرة بحياتهم لتأخير هزيمتنا لبضعة أشهر أو لعام». وأضاف السيناتور الجمهوري عن أيريزونا (جنوب غرب) إنّ هذا لن يكون في مصلحة الولاياتالمتحدة وسيشكّل تضحية غير مقبولة وغير أخلاقية». وتابع قائلا «إنّ الدرس الذي استخلصته من حرب فيتنام قابل للتطبيق اليوم في العراق وهو يقول إذا كنت مستعدّا للقيام بما هو ضروري لتكسب الحرب فقم به وإلا فيستحسن أن تتخلّى عن الأمر». وأوضح «حاليا ومنذ البداية بدا أنّه ليس لدينا ما يكفي من القوات على الأرض والأوضاع ما انفكت تتدهور ما يقودنا الآن إلى اتخاذ قرارات بالغة الصعوبة في العراق». وقال «أعتقد أن انعكاسات الفشل ستكون كارثية بالنسبة إلى العراق والمنطقة» غير أنّه أصرّ على أنه لايزال بإمكان الولاياتالمتحدة تحقيق النصر».