بذريعة أسلحة الدمار الشامل شنّت الولاياتالمتحدة الحرب على العراق.. وبعد الاحتلال والخراب والتدمير والتقتيل تعترف أنه لا وجود لهذه الأسلحة.. لم تعتذر حتّى.. لم تعترف بفداحة الخطإ بل انقلبت ولفّت حول نفسها لتخرج من كمّها حكاية نشر الديمقراطية ومكافحة الإرهاب.. في حسبان بوش الذي يقول انه يعمل «بطلب إلهي» أن غزو العراق سيكون مجرد نزهة يتفرّغ اثرها فورا لأهداف أخرى ويدير فوهات مدافعه الى سوريا وإيران.. ولكن ضراوة المقاومة قلبت كل حساباته. العراق صار ورطة ومستنقعا استنزف مصداقية القوة الأعظم ويستنزف اقتصادها وأرواح مواطنيها وفي الوقت ذاته يتعاظم العداء لهذه الادارة عربيا ودوليا.. السياسي هو الذي يقرّر الحرب والجنرالات ينفذون.. ولكن السياسي الذي يعرف وقت بداية الحرب لا يقرّر وقت نهايتها.. وإذا كانت الرئاسية الأولى لبوش تحت شعار الحرب فإن الفترة الثانية ستكون تحت شعار الهرب.. وكما زيّن جنرالات هوليوود الأيام الأولى لغزو العراق في عملية نصب اعلامية غير مسبوقة فإنه يحتاج الآن إلى إخراج جيّد لعملية «التقدّم الى الوراء».. أي الانسحاب.. لقطة الانتخابات والعناد في موعدها رغم الوضع المتفجّر علامة من علامات انقطاع الوحي الإلهي عن الرئيس بوش.. والوحي البديل هو ما تقوم به المقاومة حاليا: آخرج.. ارحل.. أما عملاء الاحتلال فإن كابوسهم الأكبر هو أن تنقشع فجأة غيمة الغزاة.. فيبقون في العراء لأنهم يسكنون أصلا في ثكنات المحتل.. بلا مأوى.. بلا وطن.. إنهم أيتام الاحتلال.. ومازال بوش يردد على من يريد سماعه أن ولايته الثانية ستخصّص لمحاربة الطغاة.. وإذا أراد أن ينجح فليبدأ.. بمن يراه كل صباح في المرآة.