من دون خلق الله جميعا تعاني الاحمرة من تدني صورتها في الرأي العام... قد نفهم منعها من الغناء... قد نفهم منعها من الاشراف على الانتخابات في افريقيا وقد نفهم اقصاءها من المسابقات العلفية في الفضائيات العربية ولكن ليس من حقنا تجاهل الخدمات الجليلة التي أسدتها الاحمرة للانسانية وساهمت في تطورها ونهضتها وتحررها. قليلة هي الاحمرة التي عرفت طريقها الى الشهرة، قليلة هي الاحمرة التي كان حظها من السماء مثل ذلك الذي كانت تركبه مريم العذراء عند تنقلها مع المسيح... او ذاك الذي صاحبه ابو يزيد او الاخر الذي كتب عنه توفيق الحكيم دون ان ننسى المحسود الذي قبلته بريجيت باردو... أما بقية الاحمرة وعلى مرّ الأزمنة فإنها ظلت مجهولة بحكم غياب سياسة علاقات عامة لديها ولا تعترف لها الانسانية بالاشغال الشاقة التي تتحملها. تعاشر الانسان ولا تغدر به... ولا تغضب ولا تعض تُضرب ولا تُضرِبُ... الاحمرة قربت المدارس من الاطفال في القرى النائية... ومن الاطفال من كبر وصار يركب المرسيدس... الاحمرة حملت الماء الى من لا ماء لهم... الاحمرة صعدت الجبال الوعرة حيث لا مواصلات ولا وصال الاحمرة ساهمت في تحرير الاوطان... قطعت الحدود حاملة على ظهرها السلاح والالغام... وهي تعرف العنوان... في فيتنام كان لها دور رئيسي في كسر مسلمات عسكرية وكسر هامة جنرالات مغرورين عندما اوصل الاسطول الحميري مدافع المقاومة الى قمم جبال وعرة مستحيلة... وها هي القوات الامريكية تلتقي في شوارع بغداد باحفاد احمرة فيتنام... انها عودة الكابوس... منصّات صواريخ مصنوعة محليا تجرها احمرة تخترق الدفاعات الامنية في بغداد للمرّة الثالثة... قادة العسكر الامريكان يقولون «انهم يواجهون عدوّا ماهرا ومبتكرا» هم يقصدون رجال المقاومة ولكن هذا الاعتراف ينسحب ولو قليلا على الاحمرة إذ لا يعقل ان يعهد تنفيذ خطة ذكية الى بهيم... رغم ان الادارة الامريكية عهدت خطّة اعادة الاعمار والامن للعراق لبريمر... وماذا سيفعل مجلس الحكم الذي يجلس ولا يحكم... هو لا يقدر على جرّ عربة صواريخ صغيرة فكيف سيجرّ شعبا بأسره... الامريكان كانت لديهم ثقة «بالبهايم» قبل الحرب. أما الآن وهم في عزلة... في مستنقع... في مواجهة شجاعة المقاومين ومكر الاحمرة فإنهم سيألمون جدا جدا جدا... انه الدرس الاول في الألفية الثالثة لا تهان أمّة بهذه السهولة... بقي أن أقول في النهاية أنه ليس من السهل ان يكون الواحد غبيّا... تحتاج المسألة الى جهد واجتهاد... آخر تصريح لوزير خارجية بريطانيا قال فيه: «ان الارهابيين الذين فجّروا السيارات المفخخة هم المسؤولون عن موت الضحايا» ما رأيكم؟! هاي البلاغة والافادة والاضافة... وقبل اسابيع قليلة قال جورج بوش «كلّما قضينا على الارهاب زاد اتساعا وشراسة... اننا نتقدم بشكل جيد»!!