بقلم الاستاذ عبد المجيد الساحلي بقدر اعجابي الشديد بالفنان النابه رشيد يدعس وتوجهاته المتوهجة ابداعا والمتوجة امتاعا والمتألقة اشعاعا بقدر ما هالني ما أتى به ذلك الملحن المجتهد من اقوال واهنة ومعلومات واهية لا تمت الى الدراسة الاكاديمية بأية صلة من الصلات العلمية. كان ذلك صبيحة يوم الجمعة 28 جانفي الجاري حيث نزل ضيفا على البرنامج التلفزي «نسمة الصباح» اعداد وتقديم المنشط نزار الشعري الذي لم يسع الى استيضاح ضيفه المبجل واستفساره عن اقواله التي تستوجب بعض التصويبات وقد جمعتها في التعقيبات التالية: 1) ان الفنان رشيد يدعس قد بدأ السباحة في يمّ التفتح على موسيقات العالم لا تكريسا او تقليدا او تأهيلا لكيان العولمة من خلال لوحاته الفنية البديعة التي وشحت الدورة العالمية لكرة اليد وشرفت بلادنا التي احتضنت تلك البطولة الدولية بكل فخر واقتدار. ولكن الامانة التاريخية تحتم العودة الى سنة 1987 تاريخ انبعاث الدورة الاولى لمهرجان الاغنية حيث فاز رشيد يدعس بالجائزة الاولى في تلحين اغنيته الشهيرة «خلي الحزن بعيد عليك» تأليف الشاعر محمود بن هاجر وغناء سنية مبارك التي توجت ايضا بالجائزة الاولى في الاداء جزاء لاجتهادها الموفق في أداء أغنية غزالي ثم في مقام الصبا وهي من تأليف المرحوم محمد المرزوقي (1981 1916) والحان المرحوم الفنان خميس الترنان (1964 1890). فتح وكانت اغنية رشيد يدعس فتحا مبينا بالنسبة لمسيرته الابداعية حيث اردفها باغنية ثانية لا تقل روعة وطالعها كل يوم اسأل عليك اداء المطرب الصاعد انذاك ثامر عبد الجواد. وهكذا برزت ملامح توجهات رشيد يدعس في صهر الموسيقى التونسية طبوعا وايقاعات في صلب الانفتاح على مختلف مشاربها الحضارية. أما التجربة الثانية في نفس المنهج المعولم الذي اختاره رشيد يدعس بحكمة ومارسه بحنكة فقد ظهرت ملامحها في الفوازير التي أدّتها الفنانة الاستعراضية عائدة بوبكر رغم عيبها في نطق (الراء) (غاء). لذلك اعجبت بالتجربة الثالثة لفناننا المجتهد رشيد يدعس مع اللوحات الفنية التي تستعرض ابرز المراحل التاريخية التي أثثت وأثرت في مسيرتنا الحضارية وهويتنا المدنية الوطنية فجاءت ضربا من الابداع الذي يصل الرقة الجمالية بالدقة التاريخية. والرأي عندي ان الفنان رشيد يدعس ظل اصيلا لموسيقانا التونسية من حيث عراقة طبوعها التي درسها والده شيخ شيوخ السلامية المرحوم عمر يدعس. ذلك لم تعصف به رياح العولمة حتى تجعله كعصف مأكول بل ظل هامدا أمام امواجها العاتية يأخذ من كل شيء بطرف على حد قول ابن العميد في الجاحظ. مبدع ولا أدل على ذلك من أن رشيد يدعس قد كان مبدعا أمينا نزل كل مرحلة تاريخية منزلتها الابداعية مبنى ومعنى ومغنى من الموسيقى الرومانية الى العربية الاسلامية مرورا بالاسبانية والتركية والمزنجية. الأمر الذي جعل لوحاته الموسيقية فسيفساء سلالية من الناحية التاريخية وزلالية من حيث الصياغة الابداعية الاسلوبية ونمنميات سابحة في ذلك الافق الارحب افق الجماليات التاريخية التي تعاقبت تاريخا وحضارة على اديم التربة الزكية لتونس الأنس ذلك البلد الامن الامين. فياليته اقتصر على الابداع وامتنع عن تحليل اثاره الابداعية وتوجهاته العلمية العولمية حتى لا يقع في مطبات لغوية افقدته صواب المنهجية العلمية. لا اغنية فالقصبجي بقدر ما وفق في تلحين «يا طيور» فإن ذلك المونولوج لا يعد وأن يكون تمرينا بسيطا على الغناء الاوبيرالي لم يضف اي قيمة ابداعية لاسمهان ولا حتى ام كلثوم التي أقلعت عن تلك التجربة الاوبيرالية الفاشلة في المسرحية الغنائية (عايدة) وعادت كما يعود الدر الى معدنه الى الاصالة الطربية العربية الاسلامية كذلك الشأن بالنسبة الى عبد الوهاب فانه لم يقتبس ولو لحنا واحدا من الفكاهي العالمي (شارلو) الذي لم يلحن لا أغنية انا لك على طول ولا حتى اغنية لا موش انا الي ابكي. ذلك ان عبد الوهاب وقد اشتهر باقتباساته فانه اخذ لحن الثنائي لورال وهاردي ووضع لحنهما المميز في مونولوج اسماعيل ياسين اهو أنا مع ليلى مراد في حوارية كلام جميل من فيلم عنبر. اما اغنية لاموش انا الي ابكي فقد اخذ عبد الوهاب لحنها عن اغنية المطرب الامريكي فرانك سيناترا Frank Sinatra وعنوانها غرباء في الليل (Stangerصsin the night). وأما اغنية انا لك على طول التي غناها عبد الحليم حافظ في فيلم ايام وليال فانها ليست من الحان الفنان الراحل الخالد كمال الطويل وانما لعبد الوهاب الذي لحن كامل اغاني ذلك الفيلم وهي توبة وعشانك يا قمر وانا لك على طول وشغلوني. والقائمة الخاصة باقتباسات محمد عبد الوهاب قد تطول ويعسر عدها ويضيف لها هذا المجال وقد اعود اليها في وقت لاحق خاصة وقد اشتكى رشيد يدعس من جحود الصحافة التونسية التي لا تتعرض الى عمله الفني الجديد.