تونس 20 جويلية 2010 (وات)-استمتع جمهور مهرجان الحمامات الدولي ليلة الاثنين بعرض /واسهر يا عين/، الذي أنتجته موءسسة الاذاعة التونسية، بمناسبة الاحتفال بمرور مائة سنة على ميلاد الفنان محمد الجموسي( 1910-2010 )وقد مثل هذا الحفل استعادة لمسار وحياة هذا الفنان الخالد. قامت فكرة العرض علي تقديم الجموسي للجمهور، من خلال الاستناد الى تراثه الابداعي وكذلك تنقلاته وسفراته، التي انطلقت من صفاقس الى تونس ومنها الى باريس ومصر والجزائر، ليعود من جديد الى البلاد التي أحبها وتغني بأرضها وناسها، وكأن سنوات الغربة لم تزده الا حبا وعشقا لترابها. رواية لسيرة فنان مبدع ،ضمن روءية جمعت بين سرد للجوانب أو المحطات الكبري في حياة الجموسي، عن نص لمحمد رجاء فرحات قام بقراءته الممثل روءوف بن عمر،وعرض لبعض الفقرات الوثائقية المصورة من خلال شاشة توسطت الركح، الى جانب فرقة الاذاعة بقيادة الموسيقي سمير العقربي، التي عزفت بكل حرفية مجموعة من ألحان وأغاني الجموسي بمشاركة نخبة من الفنانين التونسيين /صفوة ودرة الفورتي وبلغيث الصيادي وسليم دمق/ الذين نجحوا في امتاع الحضور بأحلي ما لحن وغني وكتب صاحب رائعة /ريحة البلاد/. علي ركح مسرح الحمامات، مدينة السياحة والثقافة، التي تعانق البحر الأبيض المتوسط بخليج سمي باسمها، تابع جمهور سهرة /واسهر يا عين/، رحلة فنان عاشق وطائر مهاجر سكنته روح شعرية ترنمت بانغام شجية سيطرت عليها احاسيس الغربة والحنين الى الوطن. من الاذاعة كانت انطلاقة هذا /النهر الخالد/، ومنها كانت البدايات، وبعد تجربة حياتية مكثفة ومركبة، نهل فيها من كل التجارب الوجودية، ومن ثقافات متباينة، كانت أبرز محطاتها في عاصمة الأنوار باريس، حيث كان اللقاء مع الموسيقي الغربية، ومعاصرة كبار الشعراء اضافة الى حضور أهم المعارض التشكيلية لبيكاسو وغيره. تلتها رحلة نحو الشرق، الى عاصمة المعز القاهرة، أين كانت له مشاركات في بطولة أعمال سينمائية مصرية وفرنسية وايطالية. فعمل الى جانب الممثل المصري القدير يوسف وهبي في بداية الخمسينات في أعمال مثل :(ظلمت روحي) و(بنت الهوى) و(ناهد). إلى جانب انجازه لأعمال اوبرالية في فترة إقامته بالجزائر منها اوبيريت /فاطمة وحمادة/. ثم كانت العودة الى تونس، الى الاذاعة، الى مسرح الحمامات الذي تغني فيه باعذب الحانه فكانت الرحلة مع أحد رواد الموسيقى التونسية، الذي اشتهر بتلحين وأداء الكثير من الأغاني التي لا تزال متداولة إلى اليوم مثل (ريحة البلاد) و(تمشي بالسلامة) و(معلوم معلوم) و(ياريت الناس وخيان) و(في الشط ما أحلى خطوتها) و(كي جيتينا) و(ما احلي قدك) و(وحدك وحدك) و(يا مروح لبلاد) و(فينك يا غالي) و(اصل الزين) و(طول يا ليل) و(جميل جميل( و(في عيونك نار) و(الله معانا) و(الليلة اه يا ليل)...أغنيات تردد صداها وبعثت من جديد في سهرة /واسهر يا عين/ بأصوات متميزة علي غرار الفنانة درة الفورتي التي تألقت وأبرزت حرفيتها في التعامل مع التراث الغنائي لمحمد الجموسي. يعتبر الفنان محمد الجموسي واحدا من أبرز رواد الغناء والموسيقى في تونس في القرن العشرين وقد كانت بصماته واضحة على الأغنية والموسيقى التونسية سيما في مجال الغناء الدرامي المتصل بقضايا المجتمع وبحياته اليومية وما يحدث فيها من تحوٌل في القيم والعلاقات . كما كان رائدا في ابتداع تلك الأغاني الوطنية التي تصور لوعة الغربة ومعاني الحنين الى الوطن وما يتصل بتربته من ذكريات. وعن الجموسي الفنان والانسان كتب الفنان علي حشيشة قائلا : /والمرحوم محمد الجموسي كان يتمتع بروح النكهة وبإحساس فني عميق وبعد انساني وحضاري وقد تجلى ذلك في أشعاره وتلاحينه،وفي أدائه لأغانيه التي كانت باحساس شخصي وشعور بالذات فالغناء عند الجموسي لا يمكن ان يكون تصنعا وانما تعبيرا عما في النفس من إحساس./