استبعد وزراء ومسؤولون في الحكومة العراقية المؤقتة أمس احتمال تعرض العراق الى التقسيم وشددوا في المقابل على ضرورة وحدة البلاد في «مرحلة ما بعد الانتخابات». لكن مصادر أمريكية قللت من هذه التصريحات «المتفائلة» وأكدت ان هناك مخططا خطيرا يعتزم «صقور» البنتاغون تنفيذه يقضي بتقسيم العراق الى 3 دويلات مشيرة الى ان هذا المخطط تباركه اسرائيل. ويحاول المسؤولون العراقيون حاليا اظهار ثقتهم المفرطة بأن «عراق ما بعد الانتخابات» سيكون عراقا حرّا وديمقراطيا وموحدا مستبعدين بذلك فرضية التقسيم من أساسها. استبعاد... عراقي وفي تصريحات أدلى بها أمس في بغداد قال الرئيس العراقي المعين غازي عجيل الياور ان العراق لن يكون الا شعبا واحدا ومن العار أن نقدّم أنفسنا على أننا أكراد وعرب وسنة وشيعة أو مسيحيين». وبالنسبة الى الياور فإن الجميع في العراق مطالبون الآن بالمشاركة في الحياة السياسية بالبلاد ما عدا «أولئك الذين يقفون وراء أعمال العنف». وكان رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي قد «استبق» الياور ووجه بدوره دعوة «من أجل وحدة العراق» قائلا «إننا دخلنا اليوم مرحلة جديدة وعلى جميع العراقيين العمل معا من اجل مستقبل الأمة العراقية». وفي رده عن سؤال حول فرضية التجزئة في العراق قال سعد بعد الرزاق، أحد المرشحين في الانتخابات العراقية «لا شيء يشير الى ان تركيبة الدولة الموحدة قد بدأت في التفكك ومن الخطإ الاعتقاد أن النظام الفيدرالي سيؤدي الى التقسيم». لكن في ضوء هذا الاستبعاد ثمة من ذهب الى ما أبعد من ذلك وأكد ان الانتخابات العراقية ليست في واقع الامر الا خطوة في اتجاه تقسيم العراق وتجزئته الى 3 دويلات... خطوة... نحو التقسيم؟! وتحدثت مصادر أمريكية في هذا الصدد عن وجود مشروع خطير وغير تقليدي تنوي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تنفيذه في ضوء نتائج الانتخابات. وأكدت المصادر وجود خلافات حقيقية بين وكالة المخابرات الأمريكية ووزارة الخارجية بشأن تفاصيل هذا المشروع الذي يستمد أهميته من هيمنة البنتاغون على الملف العراقي بعد ان خصّه الكونغرس الأمريكي بصلاحيات واسعة بحكم تواجده «في ميدان المواجهة داخل العراق». ونشرت صحيفة «الفرات» العراقية المستقلة موضوعا رئيسيا بعنوان «مخطط البنتاغون لتقسيم العراق بعد الانتخابات عملا بنصائح كيسنجر» جاء فيه ان اصرار البنتاغون على اجراء الانتخابات في الوقت المحدد سابقا دون البحث عن اي خيارات أخرى مرتبط أساسا بهذا المخطط. وذكرت الصحيفة ان عدم مشاركة كل العراقيين في الانتخابات من شأنه ان يبرر للبنتاغون القول بأن العراقيين لن يتفقوا... ولتفادي الدخول في أتون حرب أهلية فإن الحل المناسب لهذه التعقيدات يتمثل في اعطاء السنة والشيعة والأكراد دويلات مستقلة عن بعضها البعض الامر الذي سيسهل حسب الصحيفة ذاتها على البنتاغون تمرير مشروع قديم كان وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر قد خطط له كثيرا ويتثمل في تقسيم العراق الى ثلاث دويلات في الجنوب والوسط والشمال. ونقلت الصحيفة عن المصادر الأمريكية قولها ان صقور البنتاغون ومساعديهم في الظل يعملون بجد لتنفيذ هذا المشروع. وأضافت ان بقاء رامسفيلد ووولفويتز في منصبيهما بوصفهما من تلامذة كيسنجر سيسهل تنفيذ هذا المشروع القديم الحديث الذي تباركه اسرائيل. وحول الموضوع ذاته نشرت صحيفة «الاتحاد» الصادرة عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال طالباني مقالا بعنوان (هل يبقى العراق موحدا عام 2005؟) ذكر فيه كاتبه ان الهدف الاول من الانتخابات هو انتخاب الجمعية الوطنية وكتابة الدستور للبلاد واختيار رئيس الدولة ورئيس الوزراء والحكومة الانتقالية لغاية نهاية العام. لكن الكاتب يتساءل قائلا : «هل ان كل هذه الخطوات يمكن ان تبقي الدولة العراقية موحدة رغم المشكلات الجوهرية التي تنخرها؟! واستنتج كاتب المقال في هذا الصدد ان المشاكل التي تنخر الدولة العراقية تشير الى ان العراق لن يكون موحدا عام 2005 وأن وجود عراق غير موحد ينعم أهله بالأمن والاستقرار أفضل بكثير من عراق ضعيف وموحد على الورق تضرب بجذوره مشاكل جوهرية.