* بقلم الاستاذ محمد رؤوف بلحسن كتب التراجم والسير كتب مرجعية مهمة بلا ريب قد تحتاجها حركة البحث في اي مجتمع كان اذ يستند اليها الباحثون في إنارة جوانب من حياة الشخصية المدروسة قد لا يستطيعون استكشافها من خلال آثارها واعمالها. ان هذا الصنف من الكتب على اختلاف احجامها ومضامينها تعد معينا ثريا بالمعلومات خصوصا منها تلك المتعلقة بالحياة الخاصة للشخصية المدروسة. وعلى هذه الاهمية التي تكتسبها ترجمة شخصية ما فإن الاقبال على انتاج مثل هذه المراجع ظل محتشما وظلت المكتبة التونسية تفتقر اليه خصوصا اذا ما قارناه بزخم الكتب الأخرى كالمجموعات الشعرية والمجموعات القصصية وغيرها. ان دراسة شخصية ما ادبية كانت او فكرية او فنية وغيرها ومحاولة الإلمام بكل جوانبها سواء منها الجانب المتعلق بحياتها الخاصة او الجانب المتعلق بحياتها العامة تشكل في حد ذاتها دعما مهما للباحث المهتم بدراسة اعمال تلك الشخصية يجد فيه معطيات لا تصادفه في غيرها من الدراسات الاخرى. ان لهذه الدراسات المفردة اذن سواء اهتمت باشخاص معينين او بمواقع ومدن معيّنة مزايا كبرى على الباحثين في هذه المجالات تساعدهم على الاطلاع على تفاصيل يبحثون عنها لإعداد بحوثهم وانجازها في ظروف طيبة وتكفيهم مؤونة البحث والتنقيب في شتات المراجع والمصادر. مناقب أبي سعيد الباجي تقييد أبي الحسن علي محمد بن أبي القاسم الهواري تحقيق د. أحمد البخاري الشتوي تونس 2004 انطلق محقق المخطوط الدكتور احمد البخاري الشتوي من قناعة عبر عنها بقوله في المقدمة ... تشتهر ضاحية «سيدي أبو سعيد» ويظل ابو سعيد الباجي الولي الصالح الصوفي الذي اليه تنتسب تلك الضاحية شبه مجهول عند العامة والخاصة؟ ليقدم على تحقيق مخطوط قيده ابو الحسن علي الهواري وتحدث فيه عن مناقب هذا الولي الصالح. وفي «مدخل الى دراسة ادب المناقب بافريقيا في العهد الحفصي» يقول الدكتور توفيق بن عامر تعتبر مناقب ابي سعيد الباجي لعلي الهواري باكورة ما انتجته افريقية الحفصية من «أدب المناقب» فهي اقدم نص ينتمي الى هذا اللون من الانتاج في تلك الحدود الجغرافية والتاريخية. ومؤلفها هو اول مؤلف لأدب المناقب في ذلك العهد فضلا عن كونها تمثل باكورة اعماله في هذا المجال. انها إذن نص رائد ومؤسس...». بالاضافة الى هذا المدخل اشتمل الكتاب على مقدمة اعدها المحقق تحدث فيها عن الضاحية وعن ابي سعيد الباجي وعدد فيها مبررات اختيار العمل كما تعرض خلالها الى مجمل خصائص عهد ابي سيعد الباجي وخلص في نهايتها الى بعض الاستنتاجات وأورد بعد ذلك ترجمة ابي سعيد من خلال «مناقبه» متسائلا فيم اذا كانت كتب التراجم قد عرفت بأبي سعيد الباجي. وعلى اثر ذلك مباشرة وفي نفس المقدمة تطرق الدكتور البخاري الشتوي الى التعريف بابي الحسن الهواري الذي قيد مناقب ابي سعيد الباجي وعرف بمؤلفاته. وفي مرحلة ثانية اقدم المحقق على وصف المخطوطات التي اعتمدها في التحقيق وهي ثلاثة مجاميع توجد برصيد دار الكتب الوطنية تعرضت كلها الى مناقب أبي سعيد الباجي كما وصف ايضا بعض المخطوطات يقول «انها غير معتمدة في المقارنة بين النسخ وهي ايضا من رصيد دار الكتب لينتهي في هذه المرحلة الى بعض الملاحظات تتعلق بالمقارنات التي اجراها بين المخطوطات المعتمدة وغير المعتمدة في التحقيق. وفي مرحلة ثالثة من الكتاب اورد الدكتور الشتوي النص المحقق وقد ميزه عن باقي صفحات الكتاب باللون الأصفر ثم اورد فهارس عامة تتعلق بالنص المحقق كفهرس الآيات القرآنية وفهرس الاحاديث النبوية وفهرس الأعلام وفهرس الأماكن وفهرس الأشعار وفهرس المواضيع كما ادرج في نهاية التحقيق قائمة بالمصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق. التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا عبد الرحمان بن خلدون دار المعارف للطباعة والنشر 2004 الكتاب مستل من «تاريخ ابن خلدون» ويقول عنه ناشره انه الجزء الاخير من «كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» وقد عرف فيه ابن خلدون بنفسه وجعل له عنوانا» التعريف بابن خلدون وأضاف بخط يده ورحلته غربا وشرقا. وقد اورد الناشر في كلمته في بداية الكتاب نصا من كتاب طه حسين «فلسفة ابن خلدون الاجتماعية» تحدث عن ابن خلدون رأى الناشر ان طه حسين يسلط اضواء اضافية تمكن القارئ من التعمق في فهم اهداف ابن خلدون من تأليفه لهذا الكتاب..». تضمن الكتاب عدة فصول تحدثت عن بيت ابن خلدون ونسبه وعن سلفه بكل من الاندلس وافريقية وعن نشأته ومشيخته وحاله وعن ولايته بتونس ثم الرحلة بعدها الى المغرب والكتابة عن السلطان ابي عنان ونكبته منه وعن رحلته الى الاندلس ثم منها الى بجاية وعن مشايع ابي حمو صاحب تلمسان كما تحدث عن مشايعة السلطان عبد العزيز صاحب المغرب على بني عبد الواد وتعرض الكتاب الى تنقلات ابن خلدون عبر بلاد المغرب والى رحلته الى المشرق وتوليه القضاء بمصر ثم اشار الى سفره الى الحج واشار الكتاب الى مختلف ولايات الرجل سواء في بلاد المغرب او في بلاد المشرق. ومما قاله طه حسين عن هذا الكتاب».. ينبغي ان نلاحظ ان ابن خلدون في ترحمته لم يحتط كما فعل غيره من المؤلفين في ان يخفي عيوبه فإنه لم يدع قط انه حاول نيل السلطة خدمة للمنفعة العامة ولم يعن بأن يحاول تبرير عمل خاطئ بتقديم دوافع شريفة، بل يلوح لنا انه لم يكن ذا شعور بأنه اخطأ قط... ويضيف طه حسين: «... ولهذين السببين اغتباطه بالتحدث عن نفسه وصراحته في ذلك الحديث نستطيع ان نعتبر ان ترجمته صورة مقاربة لسيرته وخلقه، نقول مقاربة فقط لان اعتداده الحق بشخصيته اعماه احيانا عن تقرير نفسه فلم يصدر حكمه على جميع الاشياء بنزاهة..». هذا اذن رأي طه حسين في الكتاب وقد نختلف معه او نتفق عند قراءة الكتاب لكن المهم في الامر هو فصل الكتاب ونشره بصفة مستقلة عن «تاريخ ابن خلدون» ومثل هذا الفعل قد ييسر اكثر على قارئ ابن خلدون فهم سيرة الرجل ويمهد له الطريق للغوص في فكره بصفة عامة. شخصيات تونسية د. أحمد الطويلي تونس 2004 هو كتاب مرجعي يترجم لعدد من الشخصيات التونسية الفكرية والادبية والفنية جمع فيه صاحبه شتات جملة من المقالات كان نشرها فيما سبق وفي ازمنة مختلفة في الصحف التونسية ولغرض منهجي قسم الكاتب مضمون كتابه الى ثلاثة محاور: المحور الاول خصه لأعلام الفكر والاصلاح والثاني لأعلام الشعر والادب والثالث لرجال المسرح والفن. ومجمل هذه المقالات تكشف كما يقول مؤلف الكتاب في التقديم «.. عن جوانب خفية من هذه الشخصيات او تناول الترجمة لحياتها او تتعرض لبعض الاتجاهات الادبية او الفنية التي تخصها..». ولإلقاء مزيد من الضوء على محتوى الكتاب واعطاء فكرة اوضح عنه كان لابدّ من الاشارة الى ان المحور الاول الذي تحدث عن أعلام الفكر والاصلاح قد تعرض الى محمد الباجي المسعودي المؤرخ والشاعر والى خير الدين التونسي من خلال ترجمته الذاتية والى نادرة عن خير الدين والى احمد فارس الشدياق وخير الدين والى الشيخ حمزة فتح الله وخير الدين والى احمد فارس الشدياق واحمد بن ابي الضياف والمرأة واليه والمسرح والى المسرحية التي شهدها احمد بن ابي الضياف في باريس. والى القسطاس المستقيم للجنرال حسين وادرج المؤلف في هذا المحور وثيقتين عن محمد بيرم الخامس وتحدث عن محمد العزيز بوعتور باش كاتب وعن علماء تونسيين بألمانيا وتحدث عن الطاهر ابن عاشور ومحمد عبده وعن هذا الاخير بتونس وعن المصلح محمد النخلي وقدم ضمن هذا المحور الاول شهادة عن الشيخ محمد الخضر حسين وتحدث عن رسائله وتعرض الى الشيخ محمد العربي القروي ومؤلفاته وأورد نصا يتحدث عن كيفية استقبال الجزائريين خبر استشهاد المنصف باي وتحدث عن جمعية قدماء الصادقية وعلي البلهوان وعن هذه الجمعية وشكيب ارسلان ثم تحدث عن الحدّاد باعتباره رائدا من رواد تحرير المرأة في العالم العربي و.. وشمل الحديث في المحور الثاني أعلام الشعر والادب امثال محمد الشاذلي خزندار وعلاقته ببعض مطربات عصره. والشاعر محمد سعيد الخلصي وأبو القاسم الشابي ومحمود المسعدي وعبد الرزاق كرباكة ومحمد بوشربية وغيرهم من الشعراء والادباء اترك للقارئ فرصة الاطلاع علىهم في متن الكتاب. المحور الثالث والأخير خصصه الطويلي لرجال المسرح والفن ولأخبارهم وأعمالهم.