أكدت مصادر موثوق بها من بعثة الصليب الاحمر الى العراق مع الاقامة في عمان للشروق أن المنظمة مضطرة للتخفيض من نسق نشاطها في العراق بعد أن وقع خطف ثم قتل أحد العاملين في المنظمة وهو من أصل عراقي وقد كان قد أبلغ عن اختفائه في أواسط الشهر الحالي قبل أن يوجد قتيلا في نواحي بغداد وهو متزوج وأب لأربعة أطفال ولم يعرف عنه حسب مصادر الشروق أي انتماء من شأنه أن يجعله مستهدفا. وأكدت مصادر الشروق أن الحزن عمّ كافة بعثة الصليب الاحمر إضافة الى الاحباط وعدم القدرة على القيام بنفس المجهود في العراق الامر الذي قد يفرض على الصليب الاحمر وقفة تأمل بشأن نشاطه لفائدة المواطنين العراقيين المحتاجين للمساعدة سواء كانوا من المعتقلين أو المهجّرين أو المنكوبين من جراء الحرب. وأضاف مصدرنا أن الوضع الآن بالنسبة لهذه المنظمة الانسانية في العراق هو وضع تأمل. هذا مع الاشارة الى أن بعثة الصليب الاحمر كانت مقيمة في العراق إلا أن تعرض مقر الاممالمتحدة الى عملية تفجير يوم 27 أكتوبر 2003 أدى الى سقوط ضحايا من بين مبعوثيها الامر الذي جعلها تنقل مقرها الى عمان مع الانتقال الى العراق عبر الجو كلما دعت الحاجة ثم العودة الى عمان. وأضاف مصدرنا أن مبعوثي الصليب الاحمر الى العراق قاموا خلال السنتين الاخيرتين بنشاط انساني هام في العراق رغم كل العراقيل والصعوبات ورغم المخاطر الموجودة وعدم الاقامة بصورة دائمة هناك من ذلك أن بعثة من المنظمة كانت قد زارت الرئيس المعتقل صدام حسين وأبلغت رسالة منه الى ابنته رغد كانت الشروق قد تعرضت لها في الابان. وبسؤال طرحته الشروق عن أسباب تكتم الصليب الاحمر عن فظاعات سجن أبو غريب التي كشفتها وسائل إعلام غربية قال مصدر الشروق إن الصليب الاحمر كان على علم بكل هذه الفظاعات والتجاوزات وقد تواصلت زياراته الى هذا السجن في كل الظروف ومنذ بدايات الاحتلال وأثناء فترة مجلس الحكم الانتقالي وبعد تولي حكومة علاوي المؤقتة وفعلا فقد تقدم مبعوثو منظمة الصليب الاحمر بتقارير عن كل التجاوزات والممارسات اللاإنسانية وهي تقارير قُدّمت الى قوات الاحتلال ومسؤوليها وكان بالامكان استغلالها إعلاميا إلا أن ذلك كان سيؤدي الى إقفال الابواب أمام نشاطها والدخول في قطيعة مع قوات الاحتلال وهو أمر لا يخدم مصلحة سجناء أبو غريب وغيره من المعتقلين الذين يعدون بالآلاف ولا تعلم عنهم عائلاتهم شيئا وفي ظل هذه الاوضاع الصعبة أضاف مصدرنا أن المطلوب هو إحراز ثقة المعتقلين والمعتقلين لذلك لم تقطع صلتنا بالادارة الامريكية في واشنطن وكانت تقاريرنا تصل أول بأول لذلك يضيف مخاطبنا أن عدم وجود منظمة الصليب الاحمر في المشهد الاعلامي فيما يتعلق بسجن أبو غريب لا يعني إطلاقا أن المنظمة تخلت عن واجباتها بل انها خيرت العمل على التنديد. وعن المهام التي يقوم بها الصليب الاحمر في سجن أبو غريب حاليا الذي تحوّل الى محل نظر الحكومة العراقية المؤقتة قال مصدرنا أن أهم شيء هو التوصل الى المعتقل أولا وتسجيل اسمه كسجين ثم ربط الصلة بينه وبين أسرته عن طريق التراسل مع إخضاع كل المراسلات الى المراقبة ونحن نشترط تكرار الزيارات وإيصال المراسلات مع الحفاظ دوما على خط التواصل مع المعتقلين كما تزور المنظمة السجون التي تخضع للقوات المحتلة وتقوم بنفس الاجراءات وتتحصل بذلك عن وثيقة تثبت وجود المعتقل بصورة تمنع اختفاءه أو قتله مثلا. وعن سؤال تقدمت به الشروق حول القيادة البعثية المعتقلة قال مصدرنا ان اثنى عشر قياديا في النظام العراقي السابق هم الآن محل نظر من القضاء العراقي بعد أن تخلت قوات الاحتلال عن ملفاتهم ومنهم طه ياسين رمضان وطارق عزيز وسلطان هاشم وعلي حسن المجيد. وقد زارهم الصليب الاحمر في معتقلهم وقدم بشأنهم تقارير الى الحكومة العراقية المؤقتة وهم محل متابعة من المنظمة شأنهم شأن بقية المعتقلين بقطع النظر عن رتبهم السياسية السابقة وأسباب اعتقالهم. موضوع آخر على غاية من الاهمية تعرضت له الشروق في حديثها عن مخاطبها من منظمة الصليب الاحمر ويتعلق بضحايا الفلوجة والوضع السكاني هناك وقد أفادنا أن العائلات المهجرة من الفلوجة تعد بالآلاف والهاربون هم من الفلوجة ومن البلدات المجاورة لها مثل الصقلاوية والكرمة وفيهم من فرّ الى بغداد أو الى مدن عراقية أخرى وقد سارعت المنظمة الى مدّ الآلاف منهم بالاغذية والمياه والخيام والادوية ولم يخف محدثنا أن الوضع هناك مأساوي ويحتاج الى تدخلات إنسانية عاجلة خصوصا في ظل شتاء قاس تشهده المنطقة هذه السنة وباعتبار الظروف الطارئة وإمكانية تعرض مبعوثي منظمة الصليب الاحمر للخطر كما وقع للموظف العراقي المغتال فإن عمليات التوزيع والمتابعة أسندت الى الهلال الاحمر العراقي. وفي ختام الحديث وبسؤال عن الاختيارات المطروحة أمام منظمة الصليب الاحمر التي تبقى الامل الوحيد لآلاف المعتقلين العراقيين القابعين في سجون قوات الاحتلال أو سجون الحكومة المؤقتة في صورة استنفاذ كل الحلول وتواصل انتهاك حقوق المعتقلين قال مخاطبنا أن التنديد عبر وسائل الاعلام العالمية يبقى آخر الخيارات وبعد استعمال كل الوسائل الممكنة لتحسين ظروفهم والمطالبة بضمان محاكمات عادلة لهم. وفي نهاية الحديث أكد مخاطب الشروق أن منظمة الصليب الاحمر التي تسعى للتخفيف من معاناة الشعوب في الحروب والكوارث مضطرة لمراجعة حساباتها في العراق بعد مقتل أحد أعضائها مؤخرا وضبط استراتيجية عمل جديدة.