أثارت قضية الرجل التونسي الثري الذي تحوّل الى متشرد وفقد ثروته وزوجته التي انتحرت واضطراره الى ايداع بناته الخمس في دار لرعاية الايتام والتي نشرناها بعدد «الشروق» الصادر بتاريخ الاول من فيفري الجاري، ردود أفعال من قبل عدد هام من القراء وكانت المفاجأة عندما اتصل بنا مواطن تونسي وأبدى استعداده لتبنّي هذه العائلة. وحقيقة كم شعرت بسعادة لا توصف، عندما اتصل بنا مواطن تونسي أصيل، وعرّف بنفسه وذكر اسمه وأعطانا رقم هاتفه الجوّال وعنوانه ومكان اقامته في سوسة.. وطلب منّا عدم ذكر اسمه. هذا المواطن التونسي الاصيل هو تعبيرة صادقة عن قيم الانسان في تونس. وقد اتصل بنا عبر الهاتف وأبدى استعداده لتحمل كل نفقات هذه العائلة والتكفّل بها قائلا : «إنني سأقوم بما يمليه عليّ ضميري وقيمي وفي حدود قدراتي...» وقد اتصلنا بالسيد عبد النبي الغلقاوي المعني بالموضوع وأبلغنا بما قاله المواطن التونسي الذي عبّر عن استعداده للمساعدة وأعطيناه رقم هاتفه ومكان اقامته نزولا عند طلبه. اتصل السيد عبد النبي بمخاطبنا واتفقا على موعد للقاء وعلى تفاصيل المساعدة وشكلها. وكانت «الشروق» قد نشرت في عددها الصادر يوم الثلاثاء فيفري حكاية هذا الرجل تحت عنوان : «كيف تحوّل الرجل الثري الى متشرد..» وتمثلت الوقائع في دخول هذا الرجل السجن بسبب خلاف جد في منطقة بمدينة سبيبة من ولاية القصرين، فقام بعض أقاربه بتخريب أرضه وممتلكاته، وبعد خروجه من السجن واكتشافه لما قام به الأقارب دخل في خلاف مع زوجته التي كانت ردة فعلها عنيفة اذ وضعت حدا لحياتها بأن تناولت مادة سامة. اثر ذلك وبعد مرور أشهر نصح الاشقاء شقيقهم بالزواج من ثانية لتهتم بتربية بناته الخمس فوافقهم وتمت مراسم الزواج بسرعة، لكن بعد مدة أخرى نشبت معركة قتل اثرها شقيقه الاصغر فاتهم بالمشاركة في ذلك وسجن مرة أخرى، وقد حكم عليه بالسجن مدة عام ونصف مما اضطره الى توكيل أحد أقاربه بالتصرف في الارض والعناية بأبنائه وأدواته الفلاحية، غير ان هذا القريب خرّب الارض والأدوات وبعد خروجه من السجن فوجئ من جديد بما جرى وزاد الامر تعقيدا بعدما طلبت زوجته الثانية الطلاق، وحصلت عليه بضغط هذا القريب على السيد عبد النبي ليبيعه الارض، وتم ذلك فعلا، اذ اشترى منه أرضا قيمتها زهاء المليون دينار بمبلغ ألف دينار فقط لم يعطه منه غير النصف، فأخذ هذا المبلغ وبناته وغادر المدينة متجها الى القصرين حيث قابله بعض المتحيلين وسلبوه ما لديه. أصبح السيد عبد النبي الغلقاوي البالغ من العمر الاربعين عاما رغم ان ملامحه توهمك بأنه في الستين من العمر دون سند ولا منزل ولا مال، مما اضطره لايداع بناته الخمس بإحدى دور رعاية الأيتام وظل هو متشردا متسكعا بين الارصفة والشوارع الباردة دون أهل ولا رفيق ولا سند، يبكي حينا ويتسول أحيانا، الى ان اتصل بنا في جريدة «الشروق» حيث نشرنا قصته فكانت ردود أفعال أبناء تونس من العديد من الجهات ايجابية وأبدى عدد منهم الاستعداد للمساعدة. هذه هي قيم التونسي والنداء مازال مفتوحا في انتظار تدخل رسمي لمساعدة هذه العائلة التونسية جسدا وروحا، فتونس حضن لكل التونسيين.