بغداد واشنطنعواصم (وكالات) دخل العراق بعد اعلان نتائج الانتخابات العامة امس الاول في «لعبة» معقدة من المراهنات والتحالفات السياسية التي سيترتب على ضوئها تحديد تشكيلة الحكومة العراقية القادمة التي يتنافس على رئاستها ثلاثة مرشحين من لائحة الائتلاف العراقي الموحد التي حصلت على نسبة 48.1 بالمائة من الأصوات في انتخابات الجمعية الوطنية.. وغداة الاعلان عن نتائج الانتخابات التي فاز فيها الشيعة بنصيب «الأسد» تفاوتت ردود الفعل بين الترحيب والتحذير فبينما رأى محللون امريكيون ان الرياح لم تجر بما تشتهي السفن الامريكية أبدى مسؤول سنّي عراقي خشيته من حدوث ما وصفها ب «النكبة الكبرى». وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق قد اعلنت ان لائحة الائتلاف العراقي الموحد المدعومة من المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني حصلت على 48.1 من الأصوات فيما تلتها لائحة الأحزاب الكردية التي حصلت على 25.7 بالمائة ثم لائحة رئيس الوزراء العراقي المعيّن اياد علاوي ب 13.8. وأشارت المفوضية الى ان نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت نحو 59 بالمائة حيث بلغ عدد الناخبين 845622 ناخبا من اصل 14.2 مليون ناخب. ولن تتم المصادقة على هذه النتائج بشكل نهائي وانما سيتم منح مهلة ثلاثة ايام لتلقي «الطعن». لعبة.. «معقّدة» واذا ما اقرت رسميا نتائج الانتخابات فإن قائمة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية التي «باركها» السيستاني ستحصل على 140 مقعدا من مجموع 275 مقعدا وسيكون في امكانها تعيين المجلس الرئاسي المؤلف من ثلاثة اعضاء ورئيس الوزراء. وبحسب قانون إدارة الدولة الذي اقره مجلس الحكم الانتقالي المنحل فإن غالبية ثلثي المقاعد سيكون لها الحق في تعيين المجلس الرئاسي الذي يتكون من رئيس الدولة ونائبي الرئيس حيث سيقوم المجلس بدوره بتعيين رئيس الحكومة وأعضائها. ويتنافس ثلاثة مرشحين من لائحة الائتلاف العراقي الموحد على منصب رئيس الوزراء وهم وزير المالية الحالي عادل عبد المهدي من المجلس الأعلى للثورة الاسلامية الذي يرأسه عبد العزيز الحكيم والعالم النووي حسين شهرستاني وابراهيم الجعفري، رئيس حزب الدعوة الاسلامية ونائب الرئيس العراقي المؤقت.. لكن عماد شبيب، المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء المنتهية ولايته إياد علاوي لم يخف طموح علاوي بأن يخلف «نفسه» حيث قال ان علاوي لازال عنده فرص بأن يبقى في منصبه. غير ان احمد الجلبي، رئيس مايسمى ب «المؤتمر الوطني العراقي» اعتبر انه مدعوم من قبل القائمة الشيعية لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة. أما الأكراد الذين جاؤوا في المرتبة الثانية بحصولهم على اكثر من سبعين مقعدا في الجمعية الوطنية الانتقالية فإنهم طرحوا مرشحا رسميا لتولي منصب رئاسة الجمهورية وهو جلال طالباني، رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وفي ما يتعلق بالسنة الذين قاطعوا الانتخابات من اساسها فإنهم لم يحصلوا على ما يكفي من الأصوات في الجمعية الوطنية كي يضمنوا احد المناصب السيادية (منصب رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء). تحذيرات... وتوقعات وعلى وقع هذه «التجاذبات» رأى محللون وخبراء ان نتائج الانتخابات لم ترض العراقيين... وامريكا ايضا بينما حذّر محمد بشار الفيضي، المسؤول في هيئة علماء المسلمين من «نكبة كبرى» في حال صياغة الدستور على شاكلة قانون إدارة الدولة المؤقت معتبرا ان في ذلك تكريسا لنظام المحاصصة الطائفية.. ونقلت صحيفة واشنطن بوست... الامريكية عن محللين قولهم ان نتيجة الانتخابات جاءت بعيدة عما توقعته الولاياتالمتحدة إلا انه من غير المرجح ان تقوم الجمعية الوطنية الناتجة عنها بإحداث اية تغيّرات جذرية في العراق مثل اقامة دولة اسلامية. وقال جوان كول، الخبير في الشؤون العراقية في جامعة ميتشيغين ان هذه الحكومة ستكون لها علاقات جيدة جدّا مع ايران.. اما في ما يتعلق بالبعد الجيوسياسي في المنطقة فلم تكن الولاياتالمتحدة تتوقع هذه النتيجة. وبالاضافة الى ذلك فإن الديمقراطيين العلمانيين المقربين من واشنطن مثل السياسي السنّي عدنان الباجه جي ورئيس الوزراء العراقي المعيّن إياد علاوي منيوا بهزيمة كبيرة في الانتخابات.. واعتبر رامي خوري المحلل في صحيفة «دايلي ستار» اللبنانية ان فكرة حصول الولاياتالمتحدة على عراق مستقر وموالي لها ولاسرائيل لم تحدث حيث ثبت خطأ معظم افتراضات المحافظين الجدد. وأشادت صحف مصرية من جهتها امس بنتائج الانتخابات لكنها ابدت تفاؤلا مشوبا بالحذر حول «استئثار» الشيعة بنصيب الأسد من الأصوات في الانتخابات. وتساءلت صحيفة «الجمهورية» المصرية خصوصا حول «اقصاء» السنة من العملية السياسية بالعراق معتبرة ان الولاياتالمتحدة لم توفق في خلق «مناخ سياسي ضروري لإقامة دولة مستقرة بمنأى عن الصراعات العرقية والإثنية». من جهتها رأت صحيفة «الأهرام» المصرية ان انتصار الشيعة في الانتخابات قد يعيد الولاياتالمتحدة الى نقطة الصفر مضيفة ان هذه النقطة مخيفة للغرب عموما. واعتبرت صحيفة «الرأي» الاردنية ان نتائج الانتخابات تعدّ خطوة مهمة في اتجاه بناء عراق جديد وديمقراطي وتعدّدي تحترم فيه حقوق الانسان وفي طهران رحب مسؤولون ايرانيون بنتائج الانتخابات وأشادوا بالخصوص بما اسموه «اعتدال» السيستاني والحكيم..