* اختيار المربي المتقاعد : عثمان الهيشري (زاوية الجديدي) قدمت في الحلقة الأولى مقتطفات من كتاب «بيت القصيد» للمربي الفاضل الشاعر عبد المجيد شيبة التي اختارها لنا المربي الفاضل الأستاذ مصطفى نقبو والصادرة في النشرة التربوية لنة 1984، وقد تعرض فيها الى معاناة المعلم مع تلاميذه خاصة في الريف ومع المتفقد وحتى مع زوجته وختمها بهذا البيت العظيم في نظري حيث يقول : حتّى إذا ما مضت السّنون وجدتني *** أفنيت عقلي وابتنيت عقولا وفي هذه الحلقة الثانية أواصل بعد استئذان شاعرنا المحترم وشكره تقديم مقتطفات أخرى طريفة وذلك بالتعرّض الى المعلم المتقاعد والخطيبة ومنحة الإنتاج والحكم والنصائح. فبعد إكبار صاحبنا الشاعر لتضحيات المعلم يعود في قصيد آخر بعنوان «إلى معلّم متقاعد» للدلالة على نظرته النبيلة إلى المعلّم النبيل فيقول : رأيت بني قومي لفضلك قد نسوا *** ولا خير فيمن هو للفضل جاحد فجنت خصالا منك أروي لسامع *** وإن كنت أدري أنها لا تعدد إذا لم يسوك المناضل بهم *** فقد أهلكوا معنى النضال وأفسدوا إذا لم تكن أنت المجاهد بينهم *** فمن ذا بينهم يكون المجاهد إذا ما رسولا قد دعوتك مخلصا *** فبعد رسول اللّه إيّاك أقصد ويختم قائلا : ولست لمدح يا أخانا بحاجة *** فحسبك منه أنك الدهر خالد أما ما جرى له مع الخطيبة فيقول : سألته، ليتها ما سألته *** لم تقل لي يا عزيزي أين تخدم قال شغلي خير شغل يا فتاتي *** إنّني لا فخر في الحيّ معلم عند ذلك صاحت الخطيبة : «ويل حظي! ليْت لم تلدني *** يا لشؤمي بل ويا لسعدي المحطم فبقائي عانسا خير وأجدى *** من زوج كقضاء اللّه مبرم فارع يا ربّي شبابي وقني زو *** جا إذا ما جاوز العشرين يهرم له من شهره نصف، فإذا ما *** فات نصف الشهر أضحى يتضمضم قال مهلا، قالت : اتركني وصاحت *** إن هذا أيها الشرطي مجرم وسمعنا أنه زُفّ فتاة *** لو أصابت كافر الكفّار يسلم» فهذه الفتاة نفرت من التزوّج بمعلم تعيب عليه من بين ما تعيب قلّة ذات يده، وقلّة ذات اليد من المواضيع التي أطنب عبد المجيد في ذكرها ولعل قصيد «منحة الإنتاج» أصدق دليل على ذلك. وهو القصيد الذي سارت يذكره الركبان وتردّد على كل لسان نكتفي منه بقوله : لست أدري أمنحة لمربّ *** قرّروها أم منحة القرباجي ما لحظّي وحظّكم زملائي *** بات يقسو كقسوة الحجاج سوف نبقى ببؤسنا لو جمعنا *** علم طه وحكمه الحلاج ومن بين الأغراض التي أبلى عبد المجيد شيبة البلاء الحسن في طرقها باب الحكم والنصائح. في كل حكم توخّ أيسر السبل *** فهي الضمان لقول المرء من زلل وأخلص لرأيك في الأحكام مجتنبا *** أن تحرج النفس بالتعقيد والجدل وإن سئلت عن العلاّت في حدث *** فاحذر ذهابا إلى أقصى من العلل وإن بدت منك في التعديل فلسفة *** فأنت منهم في الرأي بالخطل واجنح الى الصدق في ما أنت قائله *** إن اعتقدت فقل أولا فلا تقل فإن جهلت فلا تبد مراوغة *** بل قل جهلت بلا خوف ولا خجل فالعلم إن لم تكن بالجهل معترفا *** في نيله يؤت بالحرمان والفشل ومسك الختام يقول : قد قضى ربّك جلّ وعلا *** سنة في الخلق عاما بعد عام أن يكون المرء للمرء أخا *** ويعيش الكلّ في ظلّ النظام ضمّ يمناك ليمناي إذن *** كي يهون السير في هذا الزحام فإذا عن بعضنا بعض نأى *** ذات يوم فعلى الدنيا السلام فشكرا للأستاذ مصطفى نقبو الذي أتحفنا بالقليل مماجاء في كتاب المربي الفاضل والشاعر عبد المجيد شيبة بعنوان «بيت القصيد» والذي تناول فيه أغراضا مختلفة عاشها وعايشها فتفاعل معها بأسلوب لا يقلق القارئ. ولكني واثق من أن صاحبنا لو قام بمراجعة لما كتب لقام بتعديل بعض مواقفه التي تطوّرت في عصرنا الحاضر. وسوف يظلّ المعلّم معزّزا مكرّما من طرف الجميع وبدرجة أولى من قبل السيد المتفقد.