رديء هذا الزمن العربي حدّ الغثيان... حتى صرنا نخجل ان ننتمي الىه، زمن عمّته الفوضى من كل جانب، وغطّته الرداءة، زمن الانكسارات بالجملة، زمن اللوحات الفلكلورية المقرفة، زمن الانتكاسات الجماعية، زمن الانبطاح المذلّ، زمننا هذا العربي يائس بائس، خانع، مفلس، مضحك حد البكاء، لا بداية واضحة المعالم ولا ادراك لحجم ما ينتظره، لماذا وصل بنا الركب او لماذا اوصلنا نحن الركب حدود اللا ضمير يوقظنا، اللاشعور حدود اللامبالاة واللاكرامة واللاأنفة واللامسؤولية... تركنا الدفة للآخر يقلّبها كيفما شاء ومتى شاء؟؟ كيف نسقط وقد كنا الأعلون؟؟؟ كيف نضيع في صحاري التيه واللاوجود؟؟ صرنا نحن وحدنا في هذا العالم المتماوج الحاضرون بالغياب صرنا وحدنا المتفرّجون على المسرحية دون وعي، ببلاهة نضحك وببلاهة اشدّ نبكي. لا تحرّكنا هذه الأحداث الجسام بل صرنا دمى تحرّكها ايادي الغير ونحن مستسلمون، راضون وكأن الموت والحياة بيد هذا الآخر، عجبا كيف ننتهي لهذا المصير وقد كنا صانعي حضارات!! كيف نرضى بهذا الهوان ونحن من سلالة عليّ وصلاح؟ كيف نرضى بالأغلال تكبّل افواهنا بل مداركنا العقلية وتنزع منا بقية بذرة للتنفس ونطلق العنان لهذا الآخر يحصي علينا انفاسنا. نحن لا احد غيرنا بكل الأنانية وبكل اللاصدق قزّمنا انفسنا وحددنا مساحات تواجدنا على الخارطة برغم اتساع الخارطة التي تجمعنا. نحن وحدنا من شوّهنا تاريخنا، ولطخنا صورتنا ومسخنا هويتنا نحن وحدنا من محونا لون البياض من ذاكرتنا ومنحنا بكل البساطة كل اسلحتنا للآخر لمهاجمتنا وغرس سكاكين حقده في قلوبنا. اضحت شفاهنا لا تجيد غير كلمة (نعم) هذه (النعم) اذلّتنا، اهانتنا، صغّرتنا، ارجعنا قرونا الى الوراء قادتنا نحو الهاوية، عشق جنوني لها،، نجيب بها اختصارا وتفاديا دون ادراك، دون تمحيص، دون تدقيق لما يحتويه السؤال. وكأن هذا السؤال لا يعنينا، غيّبنا عن قصد كلمة (لا) اطفأنا جذوتها سجناها من مجلداتنا. هزائم تجرّ هزائم وعتمة تدخلنا في عتمة وليل طويل طويل ولا امل لنا في طلّة فجر لان الانسان هو الذي يصنع الامل حين يسكنه عشق النور والشمس. استأنست عيوننا لون السواد وتأقلمت مع لون الدم يتدفق غزيرا من اجساد شهدائنا. نعيش الخريف بوجهه الشاحب الكئيب فقط، باصفرار اوراقه، ونحيب رياحه لابوجهه الثاني الذي فيه حرث وغرس وبذر وغيث يسعدنا يطهّرنا. صرنا مطاردين اضحت سمرتنا وبالا علينا اضحت ملامحنا بطاقة النكبة تلاحقنا، قراراتنا مرهونة بإملاءات المستأسد، مخططاتنا تلبية لإملاءات المتحكّم، خلاصة القول صرنا وبفعلنا نحن المفعول به لا الفاعل.. حالنا لا يفرح صديقا بل يغرق عدوّنا في بحار من الفرح، زماننا هذا العربي رديء في كل شيء، كتاباتنا صامتة بكماء، اشعارنا متفلسفة غامضة عمياء، اغنياتنا هابطة الكلمة، منفعلة اللحن عارية حد الفضح، فصار الجسد جواز المرور نحو النجومية الورقية طبعا، شعاراتنا فارغة لا محتوى ولا رنين، فراغ مقيت فظيع يلبسنا من ألفنا الى يائنا لنبقى ندور وندور في حلقة واحدة ونلهث وراء هدف واحد هو الفلس، اضحت الكماليات قبل الضروريات في المرتبة تقليد اعمى للآخر ونهم اعمى لما بيد الآخر وتناسينا اللبّ والجوهر، كل الوسائل تبرّر الوصول الى الفلس الذي افلسنا واضاع بوصلة الفهم وتقدير عواقب الامور واحترام النفس ليحترمنا الغير والصدق مع النفس ومع الغير وشيء من الشجاعة لنحبّ انفسنا ويحبّنا الغير واعترافا بالخطإ ولو مرة لنستطيع ان نصلح بعض العيب وان لا تنضب من وجوهنا آخر قطرات الكرامة.