نجح أعوان مركز الحرس الوطني بالقيروان الشمالية مؤخرا في وضع حد لنشاط عصابة كانت سرقت حوالي 700 قطعة غيار من «شركة افريقيا للسيارات» بالقيروان وألحقت بها خسائر قيمة طيلة سنتين. ولا تنحصر خطورة السرقات في تلك الخسائر المالية بل تتجاوزها إلى بعض القطع التي وصفت بالخطيرة جدا فقد شملت 11 قطعة يتم استعمالها في تدوين أرقام السيارات المنجمية. وكان مدير الشركة المتضررة اتصل بأعوان الحراس الوطني سابقي الذكر وأبلغ عن تسجيل عدد كبير من السرقات، وتوقع مبدئيا ألا تقل قيمة المسروق الجملية عن80 ألف دينار. وفيما كان الأعوان يباشرون أبحاثهم الأولية وردت عليهم «هدية من السماء». فقد تقدم منهم أحد المواطنين وأخبرهم بأن أحد عمال الشركة المتضررة عرض عليه قطعة غيار بمبلغ دنانير، ولاحظ المواطن أنه اشتبه في سلامة هذا العرض لأن ثمن القطعة المعروضة عليه لا يقل عن 10 دنانيرا ولهذا خيّر التبليغ ابراء لذمته وارضاء لضميره. وقع متلبسا طلب الأعوان من المواطن أن يساعدهم في مهمتهم فأحدثوا علامة واضحة على قطعة نقدية من فئة دنانير وسلموه إياها على أن يسلمها للبائع المشبوه فيه لقاء قطعة الغيار التي يعرضها للبيع. ولما تمت عملية البيع تدخل الأعوان وألقوا القبض على العامل متلبسا فتم حجز قطعة الغيار والقطعة النقدية المتميزة (دليل الاتهام الأول) وانطلق استجواب المشبوه فيه فتم الكشف عن عصابة تتألف من سبعة أنفار (ثلاثة منهم يعملون في الشركة المتضررة أما البقية فتجار). وقد تم حتى الآن ايقاف ستة منهم فيما تتواصل الجهود لإيقاف سابعهم. أسعار رمزية اعترف الموقوفون بمسؤولياتهم ذاكرين أن بعضهم (عمال الشركة) كانوا يتولون السرقة قبل بيعها إلى البقية رغم علمهم بفساد المصدر. وكشفوا عن استيلائهم على عدد كبير من قطع الغيار وما شاكلها منها عجلة سيارة. وأضافوا أنهم بدؤوا نشاطهم منذ سنة وأنهم جنوا منه ألف دينار تقريبا. وورد في اعترافات بعض الموقوفين أنهم كانوا يبيعون القطع المسروقة بمبالغ بخسة جدا قياسا إلى أسعارها الحقيقية ومن ذلك أن احدى القطع وهي الأغلى تباع عادة بألف دينار ومع ذلك فقد فرطوا فيها بالبيع مقابل 70 دينارا فقط؟! في القمامة؟! وجد الباحثون ومسؤولو الشركة أنفسهم في البداية أمام لغز كبير يتعلق بكيفية السرقة فالشركة المتضررة معروفة بحراستها المشددة ومن ذلك أن كل عامل يتعرض إلى تفتيش دقيق عند مغادرته مقر عمله . وقد حل بعض المشبوه فيهم هذا اللغز بالكشف عن طريقة السرقة. فقد كانوا يستولون أولا على بعض القطع من داخل الشركة ثم يخفونها بين الفضلات التي يلقى بها دوريا في مكان قريب من مقر الشركة. ويعودون مساء إلى مصب الفضلات فينبشونه ويخرجوه منه القطع المسروقة. وقد ساعدتهم هذه الطريقة في النجاح طيلة عامين لأن كل شيء داخل الشركة قابل للحراسة والتفتيش إلا الفضلات ومصبها. ولعل الطرفة الوحيدة في الواقعة ارتبطت بايقاف أحد المشبوه فيهم فبعد البحث عنه من مكان إلى آخر (منزله ومقر عمله) تم العثور عليه في مقام أحد الأولياء الصالحين حيث كان ذبح خروفا دون أن يكون عالما بما انتهى إليه البحث.