أظهرت دراسة اعدتها امانة الاعلام بجامعة الدول العربية ان الفضائيات العربية تستورد جزءا كبيرا من مواد برامجها لانها غير قادرة على انتاج كامل حاجتها لتغطية بثها الذي يبلغ 300 ألف ساعة سنويا... في الواقع لم نكن في حاجة الى هذه الدراسة لندرك هذه الحقيقة، يكفي ان تلمس الرموت كنترول لتكتشف ان العرب يأكلون ثقافيا من مزارع الآخرين... فالبرامج الوثائقية تبث بريشها وحشيشها وخاصة منها التاريخية لتسوق لنا أفكارا مشبوهة وقراءات غريبة تصل الى حد التزوير... كنا قبل استفحال الفضائيات نلوم القنوات الغربية على بث مثل هذه البرامج التي عمل صانعوها وباثوها على خدمة الاغراض الصهيونية... فاذا بنا اليوم وقد تسلحنا بالفضائيات نبثها في ديارنا وبالعربية... وزادت هذه الفضائيات فصارت تبث برامج دعائية للسياقة في الدول الغربية وللسلع الغربية بطريقة مباشرة وغير مقنعة... وفيما تبقّى تراوح بعض الفضائيات بين برامج تغطي فيها اللحي الشاشة تفتي في جنس البعوضة وبين أشرطة سينمائية عنيفة من الدرجة العاشرة... وباللغة الأصلية. وحتى لا نظلم هذه الفضائيات فانها تبدي جهدا محترما في تطوير الانتاج المحلي الذي يقتصر على الرقص والكليبات والنواعم والمسابقات التافهة وكلها مواد مخدرة تدخل المشاهد في غيبوبة الاحلام بعيدا عن واقعه ليعيش واقعا افتراضيا... واذا كان هذا هو توجه القنوات الخاصة الفضائية والتي تعتمد الاغراء الفاحش لشد الناس بكل الوسائل فان الذنب يقع على بعض القنوات الرسمية العربية التي اجتهدت طوال سنين كانت فيها بلا منافسة في جعل المشاهد ينفر منها شكلا ومحتوى رغم حرصها على أهمية رسالتها وقيمها... وها هي الآن في ورطة فلا هي قادرة على مجاراة القنوات الخاصة في انحدارها ولا هي قادرة على التخلص من جلباب «الرسمية» و»الحذر الشديد» للاقتراب اكثر من المشاهدين وشدهم الى ما ينفعهم ويضيء التحديات أمامهم. واذا كان هناك من يقول ان القنوات الخاصة أقدر على شد المشاهدين والنجاح جماهيريا فاني ادحض هذا بامثلة حية ومعترف بها... فالقنوات الفرنسية والايطالية والألمانية التابعة للقطاع العام تحتل المراتب الاولى من حيث عدد المشاهدين ومداخيل الاعلانات والانتاج الخاص بها... هذه هي الحقيقة...