تمكن أعوان الشرطة العدلية بسيدي البشير خلال الأيام القليلة الماضية من إلقاء القبض على رجل افريقي نزل ضيفا على بلادنا فاستطاب له المقام ووجد المناخ المناسب ليمارس خداعه وتحيّله فيغنم عشرات آلاف الدنانير دون تعب أو شقاء لكنه لم يجد الوقت الكافي للتمتع بها فأودع السجن في انتظار مثوله أمام العدالة بتهمة التحيّل. يعلم «الافريقي» جيدا أن للمال سلطانا على الناس فمنهم من يبحث عن الثراء والكسب السريع بكل الطرق والوسائل، لهذه الأسباب لم يضيع وقتا طويلا في مجالسة الناس والاختلاط بهم في كل مكان ليتمكن من حصر زبائنه المفترضين الذين يجب أن تتوفر فيهم ثلاثة عناصر أساسية هي البساطة ولهفة الحصول على المال وامتلاك مبلغ مالي محترم، وما أن يجد الشخص المطلوب حتى يمر الى تنفيذ خطته المحكمة الحبك. مستحضر سحري حين يجد المتهم واحدا من المستهدفين يعمد الى افتعال علاقة صداقة ويحرص حرصا تاما على احترام آدابها حتى يكتسب ثقة الطرف المقابل وساعتها يمرّربلباقة قدرته على الحصول على مبالغ كبيرة من الدولارات وحين يجد لكلماته قبولا يعلم محدثه أن في حقيبته التي لا تفارقه أبدا أسباب الثروة وأنه على استعداد تام لاقتسام محتواها معه إذا ساعده على اشتراء مستحضر سائل مرتفع الثمن يمكنه من اتمام العملية في سرية تامة بعيدا عن عيون المتطفلين ثم يصطحبه الى مكان منعزل ويطلعه على سرّه فيفتح الحقيبة الملأى بأوراق سوداء بذات حجم الدولارات. ويمدّ يده ويستخرج واحدة في حركة تبدو وكأنها لا ارادية، ثم يحضر زجاجة صغيرة بها المستحضر السائل فيسكب قطرات منه فوق الورقة ويعمّمه على الوجه والقفا فإذا الورقة تتحول دولارا أخضر قابلا للصرف والتداول لتوّه ولا يتوقف المتهم عند هذا الحد ويعيد التجربة مرة ومرة حتى يتراءى له أن صاحبه اقتنع بالحجة والبرهان بجدوى العملية فيعلمه أن تحويل محتوى الحقيبة الى دولارات يتوقف على اشتراء كمية كافية من المستحضر السائل المرتفع الثمن جدا.. جدا ويطلب منه تمكينه من مبلغ مالي تختلف قيمته باختلاف الاشخاص (من 10 إلى 20 ألف دينار) اذا أراد مشاركته الوليمة، وفي الغالب يحصل الاتفاق ويحصل المتهم على مال ضحيته بعد أن يكون اتفق معه على تاريخ محدد لتنفيذ العملية اثر اشتراء المستحضر.. ويبقى الموعد معلقا فلا يحضر المتهم. كرّر المتهم العملية عدة مرات وأوقع عديد الضحايا في شراكه وجنى مالا وفيرا. وتناهى إلى علم أعوان الأمن خبره قبل أن يتجرّأ بعض الذين خدعهم فتقدموا بشكاوى وأدلوا بإفادات ساعدت على الوصول الى المتهم الذي يحذق فنون الاختفاء ويتكتم تماما على مكان سكنه. أدرك أعوان الأمن أن العثور على عنوان سكن المتهم هو طريقهم لإلقاء القبض عليه فاجتهدوا في البحث عنه لدى الوكالات العقارية وحصلوا على مبتغاهم لدى احداها، وتمكنوا من معرفة هويته الكاملة من خلال نسخة لجواز سفره سلّمها للوكالة حين أبرم عقد الكراء. وقد راقبوه باستمرار حتى تمكنوا من إلقاء القبض عليه حاملا حقيبته التي تحتوي على دليل إدانته فتمّ ايقافه وبتفتيش منزله تمّ العثور على كميات من المستحضر «العجيب» والأوراق السوداء. وبالتحرّي معه اعترف بما نسب إليه في انتظار مثوله أمام العدالة لمقاضاته من أجل ما اقترفت يداه.