سوف نسأل «أولي أمر» القطاع الفلاحي عندنا، اذا كان هذا القطاع قد سجّل خلال سنة 2003 نموّا قدرت نسبته ب 25 الى 26، فلماذا شهد السوق إذن كل هذا الارتباك، ولماذا بلغت الاسعار حدودا مشطّة، ولماذا برز الموسم الفلاحي الفارط، كمذكّ لازمة وليس كعلامة لصابة؟ وإذا كانت صابة الحبوب والزياتين والاشجار المثمرة، بلغت أرقاما قياسية، لماذا ارتد هذا كله على جيب المواطن، ليحطّم بدوره أرقاما قياسية، في مضمار ما دفعه لباعة الخضر والغلال، وهم آخر المتدخلين في أمور القطاع؟ وعندها نسأل ثانية هل ان هذه الارقام غير القياسية والقياسية منها، تكون وقتها مدعاة لفخر، أم سببا لتساؤل. وهل تكون وقتها سببا لثناء أم حجة لاتهام. وهل تكون وقتها سببا لراحة أم تحريضا على إدانة؟واذا كانت المسائل تسير عل هذا الشكل زمن الصابة، ووقعت الوفرة، فكيف كانت ستسير الامور لو أن مواسم الجفاف تواصلت. لقد شجعت الدولة بلا شك هذا القطاع، وبوّأته مكانة عليّة، ومنحته من جهدها ووقتها الكثير، بل والكثير جدا. الشيء الذي مكّننا من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مواد كثيرة. ومن التوق لتحقيقه في مواد أخرى. فاذا بنا نعود الى توريد ما حققنا فيه، بعد جهد كبير ومثابرة طويلة، أرقاما كنا نطمح الى تحقيقها، هذا اذا لم يكن ذلك الطموح من باب الحلم، في سنوات خلت وأيام مضت. والحقيقة أن كل هذه الاسباب التي يطرحها أولي أمر القطاع الفلاحي، لتفسير هذا اللغز، تبدو وكأنها من باب التعلات، هذا إذا لم نقل أنها لا تمثل في الاخير إلا شكلا من أشكال التلاعب بالكلام الذي يريد أن يقنع، ولكنه لا يقنع، لسبب بسيط، وهو أنه يحتوي على كل ما يدحضه، وينطلق من كل ما من شأنه أن يناقضه. وكيف يجد هذا الكلام أي تبرير له، والحال أن هذا القطاع شهد نموّا ب 26، لم نره منعكسا في السوق، لا على مستوى الوفرة ولا على مستوى الاسعار. وهذا وحده يكفي للتأكيد على أن في الامر سرّا، وأن في الحكاية لغزا. إننا نريد من هذه الاطراف، وهذا حقنا، أن تجيبنا، وأن نتحمّل مسؤولية هذا الذي يجري كاملة غير منقوصة. فضررها عمّ الكل، المواطن، والدولة، التي لم تحصل في الاخير إلا على جزاء سنّمار!