قلق بين الجمهوريين.. ماسك قد يتحول ل"عدو خطير"    دي لا فوينتي: جمال قدم أوراق اعتماده للفوز بالكرة الذهبية أمام فرنسا    غابرييل يمدد عقده مع أرسنال حتى 2029    دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟    نستهدف استعادة اشعاع منتخب كرة السلة للكبريات بعد سنوات من الاستغناء عن هذا الصنف (مدرب المنتخب التونسي)    كيف تحافظ على جلد الأضحية في الطقس الحار قبل وصول البلدية؟    منوبة تثمن جلود الأضاحي: حملة بيئية واقتصادية لمجابهة التلوث في العيد    هل لاحظت''رعشة لحم العلوش'' بعد النحر؟ إليك التفسير العلمي والديني لهذه الظاهرة    بلدية منّوبة تشرع في حملة تثمين جلود الأضاحي للحفاظ عليها كمواد أولية صناعية    من القلاية للكسكسي: أطباق ما تخرج كان في عيد الكبير!    الحجاج يؤدّون رمي جمرة العقبة الكبرى في منى    كرة القدم العالمية: على أي قنوات تُبث مباريات نهاية الأسبوع؟    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    ما هو طواف الإفاضة؟ فريضة الركن بعد عرفات    هارفارد تقاضي ترامب بعد حظر دخول الطلبة الأجانب    التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    بداية مخيبة لانشلوتي مع البرازيل    اريانة: بلدية رواد تزيل النقاط السوداء بمنطقة الغزالة    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    هيئة السّلامة الصّحية: تكليف فريق من الأطباء البياطرة لتقديم التوجيهات اللازمة للمواطنين    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    الأردن وأوزبكستان يحققان إنجازاً تاريخياً بالتأهل إلى كأس العالم 2026    ارتفاع أسعار لحم الضأن بنسبة 19,8% في شهر ماي 2025 (باحتساب الانزلاق السنوي)    عيدكم مبروك...    فريق قسم جراحة الجهاز الهضمي "أ" بمستشفى الرابطة ينجز تقنية متقدمة لعلاج سرطانات البطن    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    ترامب يؤكد أنه طلب من 'المجنون' ماسك ترك منصبه    سوق البورصة تجه صعودا هذا الاسبوع    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    هل ''الكعابر'' تحت أذن الخروف تبطل الأضحية؟    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    ثورة طبية جديدة.. تقنية مبتكرة لإزالة جلطات الدم بفعالية مذهلة    بوسالم.. يضرم النار في جسد طليقته امام مركز البريد    القيروان: وفاة شخصين وإصابة 20 آخرين في حادث انزلاق شاحنة خفيفة بحاجب العيون    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    المتاحف والمعالم التاريخية تفتح أبوابها مجانًا للتونسيين والمقيمين هذا السبت    عاجل/ المتّهم بقتل هشام الميراوي يمثل أمام القضاء الفرنسي (تفاصيل)    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    هل السخانة أثّرت على حجاج تونس في عرفة؟ المنسّق الصحي يطمئن العائلات    القصرين: حملات تلقيح الأغنام والأبقار فرصة لتحيين المعطيات وتحديث الأهداف للسنوات المقبلة    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    رولان غاروس: ديوكوفيتش يضرب موعدا مع سينر في نصف النهائي    مشهد مهيب.. الحجاج على جبل عرفة (فيديو وصور)    عاجل/ إيقاف عشرات الحجاح يحاولون التسلل إلى مكة سيرا على الأقدام عبر الصحراء..!    رئيس الجمهورية: لا مجال للتفريط في مؤسّساتنا ومنشآتنا العمومية، وسيتمّ تحميل المسؤولية القانونية كاملة لمن خرّبها    بينها 4 بلدان عربية: ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عمره عامان.. وفاة رضيع بعد أسابيع من التعذيب على يد جديه    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    









عائد من العراق يروي حقائق ما بعد الاحتلال: الأفلام الاباحية وبنات الدعارة لتخريب المجتمع العراقي...
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

عاش سُقوط بغداد الرهيب والمفجع وعاش بعدها ويلات الاحتلال وكان شاهدا على عمليات المقاومة البطولية التي تدكّ يوميا آليات الاحتلال وثكناته.
«طارق بوقرّة» تونسي عاش سنوات في العراق وعاد منها مؤخرا بالكثير من حكايات عراق وبغداد بعد الاحتلال حيث تغيّر وجه المجتمع العراقي وحيث صارت مظاهر الفساد تُسيطر على كل وجوه الحياة في العراق.
«الشروق» التقت «طارق بوقرّة» التونسي العائد من العراق ليروي تفاصيل دقيقة حول الكثير من الصور التي صارت الان تميّز عراق ما بعد الاحتلال ويحكي حقيقة ما يجري في بغداد عاصمة الرشيد الجريحة.
اعداد سفيان الاسود
لازال طارق بوقرّة التونسي العائد من العراق يذكر جيّدا مُفاجأة سقوط بغداد عاصمة الرشيد وعاصمة الدنيا في ذلك اليوم الاسود يوم 9 افريل من سنة 2003 .
كان «طارق» في منزله بمنطقة «الوزيرية» في بغداد رفقة صديقه التونسي ولم يكن يعلم بعد في صباح يوم 9 أفريل ان بغداد المدينة الحصينة صارت في قبضة المحتل الامريكي.
كان قبل ذلك اليوم القصف على أشدّه وكانت الحرب دائرة منذ اسابيع وكان «طارق» قد قرّر أن يُغادر منزله صباح يوم 9 أفريل صحبة صديقه والبحث عن وسيلة نقل الى عمّان او سوريا لمغادرة العراق حينها اكتشف طارق وصديقه هوْل المفاجأة فقد سقطت بغداد...
الخبر الصاعقة تأكد منه «طارق» وهو يعبر جسر الصالحية الرابط بين منطقة «الرصافة» و»الكرخ» كانت الساعة تُشير الى العاشرة صباحا وكانت الدبابات الامريكية قد تمركزت على مدخل الجسر.
لم يفهم «طارق» كيف ومتى ولماذا سقطت بغداد بتلك السهولة وكيف تسقط عاصمة بحجم بغداد وهو قابع في بيته بحيّ «الوزيرية»...
يقول «طارق» ان كل روايات العراقيين بما فيها روايات ضباط في الجيش العراقي اجمعت على أن سقوط بغداد كان نتيجة لخيانة قائد الحرس الجمهوري المقرّب من صدام «ماهر سفيان التكريتي» فقد تولى تقديم خرائط خطوط الدفاع عن بغداد واعطى اوامر للضباط والجنود بالانسحاب ورواية هذه الخيانة لازال العراقيون يحكونها الى اليوم...
سقطت بغداد بصرف النظر عن كل الحكايات التي صاحبت ذلك السقوط الرهيب والموجع وحل الاحتلال ودخل ازقة بغداد وشوارعها واحيائها آلاف الجنود الامريكيين مُدعمين بالجنود المرتزقة وصارت بغداد تعيش واقعها الجديد والمفزع الذي تميّز في بدايته (والامر يتواصل الى الان) بعمليات السلب والنهب والحرق والتخريب.
مقاومة
يقول «طارق» ان معدّل عمليات المقاومة في بغداد ضد قوات الاحتلال لا يقل عن 7 أو8 عمليات يوميا وأن عدد القتلى في صفوف الامريكيين عكس ما يتم الاعلان عنه في وسائل الاعلام كبير ورهيب. هذا بالاضافة الى الجرحى والقتلى في عمليات تبادل اطلاق النار التي تتم يوميا بين الجنود الامريكيين ومسلحين عراقيين من غير المقاومين.
ويُضيف «طارق» ان الكل لاحظ في بغداد وجود اعداد كبيرة من الجنود من أصول عربية وأسياوية يعملون ضمن فرق الجيش الامريكي ويحملون السلاح في وجه العراقي اضافة الى الكثير من العرب يعملون كمترجمين.
ويقول «طارق» ان المقاومة في بغداد وفي المناطق السنية مُنظمة الى أبعد الحدود ولم يتمكّن الجنود الامريكان الى حد الآن من قتل او اعتقال احد عناصر المقاومة باعتبار السرية المطلقة المحيطة بتنظيماتهم اضافة الى اعتمادهم على عنصر المفاجأة والعمليات الفدائية المُباغتة...
ويُضيف ان الكثير من الشبان والمواطنين العراقيين يُعبرون دائما عن رغبتهم في الالتحاق بصفوف المقاومة لكن الطريق اليها يُحاط بسرية مطلقة وبتنظيم محكم الى أبعد الحدود يصعب الوصول اليه وهو ما يعني ان المقاومة قد تمّ تنظيم خلاياها وصفوفها منذ البداية تحسبا لكل الاحتمالات...
ضربات المقاومة العراقية الموجعة جعلت الجيش الامريكي يُغادر وينهي تواجده في الكثير من الاحياء في بغداد اضافة الى تقليص الامريكيين لدورياتهم الى ابعد حد.
ويقول «طارق» ان الجنود الامريكيين يعيشون الخوف في كل لحظة خاصة وأن كل عمليات المُقاومة تتم بشكل مُباغت كما انهم يخافون الاحتكاك بالعراقيين.
هذه الوضعية أدّت بالكثير من الجنود الامريكيين الى الهرب من العراق وهو ما يتم عبر عراقيين يهرّبون الجنود الامريكيين من العراق مقابل ألف دولار عن كل عملية.
ويتم تهريب الجنود الامريكيين خاصة عبر منطقة «الانبار» حيث يرتدي الجندي الامريكي الزي العربي ويعبر الحدود العراقية.
قبل اعتقال الرئيس صدام حسين كان العديد من العراقيين قد أكدوا مشاهدتهم له خاصة في منطقة «الحارثية» القريبة من منطقة «المنصور» وذلك على اثر عملية للمقاومة العراقية وكان حينها يرتدي الزي العربي التقليدي.
كما يروي العراقيون ان «صدّام» ظهر في مدينة الموصل بعد مقتل ابنيه «عُدي» و»قُصي».
ويقول أن العراقيين يؤكدون ان مئات المتطوعين العرب لازالوا يتواجدون ضمن صفوف المقاومة العراقية خاصة في منطقة «الفلوجة» وأن الجنود الامريكيين لم يتسنّ لهم القبض عليهم رغم المضايقات الكثيرة التي يتعرّض لها العرب في العراق من طرف العراقيين الشيعة الذين يتهمون العرب المقيمين في العراق بتأييد الرئيس العراقي صدام حسين والحصول على أموال منه.
ويقول «طارق» انه للاسف الكثير من العراقيين يعملون مع جيش الاحتلال كمرشدين وأدلاء وسواق سيارات وعربات الى جانب بعض العرب من أقطار عربية اخرى.
دعارة وفساد
كيف اصبح الان المجتمع العراقي وكيف صارت الحياة في بغداد وفي مُدن العراق؟
يقول «طارق» بعد تفشي البطالة والفقر لازال الحصول على عمل او وظيفة يتم عبر الوساطات وعبر الاقارب وعبر دفع «الرشوة» وتحوّلت بعض المناطق الى أماكن خاصة ببيع المخدرات مثل منطقة «باب الشرجي» كما سيطرت مظاهر العنف والجريمة ولا تزال عمليات السلب والنهب متواصلة في ظل صمت الشرطة العراقية التي يمتنع عناصرها عن التدخل خوفا من «تصفية الحساب» معهم في ما بعد.
وتتولى الآن قاعات السينما في بغداد عرض عشرات الاشرطة الجنسية والاباحية في محاولة لتخريب قيم المجتمع العراقي المحافظ كما يتم بيع كل انواع الخمور المستوردة امام الجميع في شوارع بغداد.
ويروي العراقيون ويتحدثون عن دخول تُجار يهود واسرائيليون خاصة ممن يسمون بيهود العراق سابقا الى العراق والتعامل مع الكثير من الوسطاء العراقيين تحت اسماء وهمية ويتولون شراء المنازل والمتاجر والعقارات كما ان احد نزل منطقة «الكرادة» ببغداد يقيم به الكثير من بنات الدعارة القادمين من خارج العراق والبعض يؤكد انهن قادمات من اسرائيل.
كل هذه الصور والمظاهر تُؤكد ان الاحتلال يسعى الى تدمير اخلاق المجتمع العراقي والى بث الفساد في صفوف شبابه وجعله مجتمعا منحطا تعمه الاباحية والفساد.
وقد يكون التجار اليهود والاسرائيليون وجدوا الان الفرصة سانحة أمامهم لدخول العراق حيث تعجّ المتاجر العراقية بالمعلبات الاسرائيلية ولا يتم التعامل مباشرة مع اليهود بل مع وسطاء عراقيين يتولون تقديم الخدمات والتسهيلات لهم.
يحدث هذا في الوقت الذي لم يُخف فيه الكثير من العراقيين حسرتهم على أيام حُكم صدام حيث يتوفر الأمن في كل العراق ويتوفر الشغل والأكل للجميع أما الان فالامر يختلف خاصة مع الارتفاع الرهيب في الاسعار في ظل تفشي البطالة حيث بلغ سعر الكلغ الواحد من اللحم 18 ألف دينار مُقابل 3 الاف و500 دينار قبل الحرب.
ورغم كل ما حدث وهزّ كيان العراق العظيم لازال كل العراقيين غير متفاعلين مع ما يُسمى بجماعة مجلس الحكم الانتقالي والذين يعتبرونهم أتوا للاستفراد بالعراق بعد ان فضلوا في سنوات الحصار وسنوات الصعوبات العيش في الخارج ثم العودة الى العراق قادمين على ظهور الدبابات.
ويروي العراقيون كيف تعرّض عضو مجلس الحكم «أحمد الجلبي» الى محاولتي اغتيال فقد في احداها شقيقه.
صور كثيرة من عراق ما بعد سُقوط بغداد لا تزال عالقة من ذهن «طارق بوقرة» وفي ذهن غيره من العرب الذين عاشوا سنوات في عراق يوم كان العراق وطنا لكل العرب...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.