وقد بدأ العام الجديد، هل صارحت نفسك عزيزي القارئ؟ وهل وقفت لحظة تأمل في مسيرتك للعام الماضي؟ هل قيمت أفعالك وتصرفاتك خلال ال365 يوما المنقضية؟ هل ضربت «أخماسك في أسداسك» ولامست مواطن القوة ومواطن الضعف فيك؟... هل تعلم الآن عزيزي القارئ ماذا غنمت تحديدا من السنة المنقضية؟ ماذا انضاف اليك؟ وماذا تغير في حياتك... ان حصل ذلك كم من أشياء انضافت وكم كان حجم التغير... هل شعرت بأنّك لم تخرج من سنة 2003 كما دخلتها... أم العكس وجدت نفسك كما دخلت دون تبدّل دون تطور، دون استزادة من أيّ شيء ماديا كان أم معنويا... إن كنت صاحب جراية شهرية قارة وعمولات محددة ومضبوطة هلاّ قوّمت «ميزانيتك» وعلمت: أين وزّعت المداخيل والى أين ذهبت المصاريف...؟ هل كنت صائبا ومحقا في سياستك المالية، هل كنت متقشّفا ناجحا أم مبذّرا فاشلا... ثم هلاّ استشعرت «الخيبة» وأنت تكتشف في مصاريفك تهورا وعدم كياسة... وهلاّ كلت الى نفسك لوما وتوبيخا وتقريعا ان حملتك أهواؤك الى «تشتيت» أموالك يمنة ويسرة دون برامج او خطط مدروسة ومعلومة... فكانت هباءا منثورا لم يبق في حياتك الا رمادا... وربما بعض الندم والحسرة. ثم كيف كان موقعك المهني... هل حققت العام المنقضي تألقا وإشعاعا فنلت استحسان مؤجرك ومسؤولك وازددت بهاءا ونضارة داخل ادارتك أو مؤسستك ام أنك على عكس ذلك تلقيت الانذار بعد الانذار عن اهمال وعن تأخير وعن أخطاء وعن سوء تقدير وعن قلة دراية، وعن عدم لياقة او «لباقة»... وماذا عن أسرتك... وعائلتك، هل تشعر الآن أنّك كنت حقا الاب المثالي والزوج الأمين والاخ الوفي والابن البار ام أنّك ضربت بكل ذلك عرض الحائط فأهملت الزوجة والعيال وأشقيت الابوين ولم ترح الشقيق ولا القريب بل ربما كنت ثقلا ومهانة على هؤلاء عوض ان تكون عائلا راعيا معينا أمينا مطيعا. وأنت تودّع عاما وتستقبل آخر هل بحثت عزيزي القارئ في طبيعة العلاقة التي شدّتك بالمحيطين بك في عملك وفي الفضاءات العامة مع أصدقائك ومعارفك وفي الحي أو في القرية أو في المركب السكني مع جيرانك وأقاربك وأحبابك... وأنت تفعل ذلك في لحظة صفاء ووضوح: هل اكتشفت انك بحق صديق ودود وخلّ لا مثيل له... وزميل بديع حسن مضرب للقيم والامثال، أم على العكس اكتشفت في نفسك كذبا وزورا وبهتانا وغدرا وخطيئة وخيانة... هذه بعض الأسئلة الحارقة، ان لم تصوب سهامها الى سواكنك العميقة عزيزي القارئ ولم تقف لها على أجوبة واضحة ودقيقة... ثق أنك لم تدخل بعد سنتك الجديدة... وانك مازالت غارقا في عامك القديم ربما غرقا حتى النخاع... فلا تترك الزمن «يأكلك» ويلتهمك... فهو زمن سريع أخاذ... وعاجل الى سؤال نفسك حتى لا تبقى حيث انت ساكنا هادئا وتضمن لغدك آفاقا أرحب وأوسع... آفاقا تحملك بعيدا عن كل «الهنات» و»السقطات» وتقربك أشواطا وأشواطا نحو الصواب والنجاح... آفاقا تغنم منها تقدما مطردا وازدهارا متزايدا لا نظير له.