في صباح يوم السبت 20 ديسمبر 2003 وفي نزل الاوراسي بالعاصمة الجزائر انطلقت فعاليات المؤتمر الثاني والعشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب تحت شعار «ثقافة التغيير ام تغيير الثقافة»... كلمة الافتتاح كانت للسيد عزالدين الميهوبي رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين الذي رحب بالضيوف وقدّم لموضوع المؤتمر وبرنامج أنشطته ثم تناول الكلمة الدكتور علي عقلة عرسان الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب الذي تناول في حديثه هموم المثقف العربي وخاصة في ما يتعلق بالهجمة الامبريالية على الامة العربية في فلسطين والعراق والتهديدات الموجهة لاقطار عربية أخرى، كما دعا الكتاب العرب الى ضرورة مواجهة هذه الهجمة الشرسة... وكانت بعد ذلك الكلمة لممثلة الوفود الاجنبية الشاعرة الامريكية. واختتم حفل الافتتاح فخامة السيد رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة الذي توجه باللوم الى المثقفين والكتاب العرب الذين التزموا الصمت اثناء ازمة الارهاب في الجزائر (حسب رأيه) ثم تناول في قراءة سريعة بعض الرموز العربية في مجال الادب والفكر. وانطلقت اشغال المؤتمر الفعلية صباح الاحد 21 ديسمبر بنزل الرياض وتواصلت الى مساء يوم الاربعاء 24 دسمبر في شكل ندوتين بالتوازي الندوة الاولى تناولت موضوع المؤتمر والثانية اهتمت بأدب الطفل وكانت مساهمة الوفد التونسي مهمة في اشغال لجان المؤتمر اذ شارك السيد الطيب الفقيه احمد في لجنة ادب الطفل والشاعر الناقد محمد الهاشمي بلوزة في لجنة الترجمة والسيد عثمان بن طالب في لجنة الصياغة العامة للبيان الختامي والشاعر صلاح الدين الحمايدي في لجنة صياغة التوصيات. وأثناء هذه الفترة شارك الشاعر الميداني بن صالح رئيس اتحاد التونسيين في اشغال المكتب الدائم للاتحاد العام وتميّز بحركته الدائمة ولقاءاته المتواصلة برؤساء الوفود بما سمح للوفد التونسي بفرض رأيه في ما يتعلق باستمرار الأمانة العامة للاتحاد في سوريا مع احداث منصب الرئيس ومنحه للجزائر في شخص رئيس اتحاد كتابه الشاعر عزالدين الميهوبي. كما كان للوفد التونسي موقف واضح ومؤثر فيما يتعلق بمشاركة الوفد العراقي في أشغال المؤتمر ومهرجان الشعر الذي لقي معارضة صارمة من طرف التونسيين الذين هددوا بالانسحاب في صورة مشاركة هذا الوفد لأنه لا يمثل اتحاد الكتاب العراقيين الذي تربطه علاقة متينة بكتاب تونس الذي شارك اغلبهم في فعاليات مهرجان المربد الذي كان ينعقد سنويا في بغداد القديمة. كل ذلك أدار أعناق الاعلاميين الجزائريين الى اعضاء الوفد التونسي فتوالت اللقاءات على اعمدة الصحف وأمواج الأثير وشاشات التلفزيون، منها ما ظهر ومنها ما بقي لفترة قادمة. هذا الحضور المتميز لاعضاء الوفد التونسي تجلّى وتدعم اثناء فعاليات مهرجان الشعر العربي في دورته رقم 23 اذ تلا الشاعران الميداني بن صالح ومحجوب العياري بعض نصوصهما في جلسة اليوم الاول وكانت جلسة اليوم الثاني دسمة وثرية من حيث تنوّع التجارب والنصوص التي ألقاها الشعراء من مختلف الأقطار العربية وخاصة شعراء تونس محمد الهاشمي بلوزة ومراد العمدوني وعبد الكريم الخالقي وعبد الله مالك القاسمي الذين شدوا انتباه الجمهور بقراءات هادئة وعميقة تختلف عن أغلب ما ألقاه غيرهم من شعر حماسي بأصوات مرتفعة. وكانت الجلسة الختامية التي تختلف على سابقاتها من حيث المستوى وتميّز الحضور التونسي الذي أكّده الشعراء جلال الحبيب وصلاح الدين الحمايدي وعادل بوعقة وقد أشار رئيس الجلسة الناقد المصري مدحت الجبار الى ذلك بوضوح واعاده على مسامع مختلف اعضاء الوفود العربية من أن الصوت الشعري التونسي اصبح يمثّل ايقاعا خاصا ومتميزا في المشهد الشعري الحديث. وفي ساحة قصر الثقافة الذي احتضن فعاليات مهرجان الشعر دارت بعض الاحاديث الجانبية المتعلقة بالنص الشعري الحديث وخصوصياته. وليس ما أذكره هنا في ما يتعلق بتميّز مشاركة الوفد التونسي من باب الاطراء والمبالغة وانما كان ذلك بشهادة كل الوفود العربية المشاركة، وأثناء لقاء مع بعض اعضاء الوفد المصري اكدوا لي رغبتهم في لقاء متجدد مع نفس الوجوه في مؤتمر القاهرة بعد ثلاث سنوات.