تونس التي فتحت أحضانها على مصراعيها لاحتضان كأس العالم لكرة اليد لم تكن «تتوحّم» على النجاح وإنما كانت مصرّة على افتكاك هذه الورقة من أمام أكثر من راغب فيها.. وبعد الحصول على التأشيرة النهائية للتنظيم وبعيدا عن المنشآت والقاعات والاستعدادات الجمالية كان لا بدّ لتونس من ضرب موعد وصنع حدث تشرئب له رقاب العالم فكانت الدورة الدولية الأخيرة من صنع «ال جي» لتضرب تونس عصفورين بحجر واحد. العصفور الأول يتمثل في القبض على البطولة أمام جمهور كان رائعا بجميع المقاييس.. والعصفور الثاني توجيه انذار رسمي الى بقية المنتخبات.. وهو تتويج ثان مكتوب بالبنط العريض لأن توجيه الانذارات من مشمولات الكبار فقط.. ومنتخبنا برهن أنه يكبر مع الأحداث خاصة أن لمسات المدرب العالمي «زوران» كانت ملحوظة للعين المجردة. فوز منتخبنا بلقب دورة دولية شارك فيها عمالقة اللعبة العالمية يبيح لنا الانتظار على أرض الواقع بعيدا عن أي أحلام واهية.. فعناصرنا الدولية كانت «يدا» واحدة طيلة الدورة متحدية الماراطون المجنون للمباريات و»الأسماء» اللامعة للمنتخبات ضاربة في عمق الحدث ومتحصلة على لقب يعتبر من أكبر «المفتحات» لمواصلة مشوار الاستعدادات على قدم وساق. المباراة تحت المجهر تعادل المنتخب الوطني التونسي لكرة اليد مع نظيره الفرنسي بنتيجة 20/20 الشوط الأول 8/14 لفائدة فرنسا في الجولة الختامية لدورة تونس الدولية لكرة اليد التي أقيمت بقصر الرياضة بالمنزه من 2 الى 4 جانفي الجاري. وأكد المنتخب التونسي بهذا التعادل جدارته بإحراز لقب الدورة الذي كان ضمنه منذ الجولة الفارطة عقب انتصاره على السويد 28/30. وسيساعد هذا التتويج الفريق على مواصلة الاستعداد لبقية المواعيد الرياضية القادمة وفي مقدمتها بطولة أمم افريقيا التي ستقام في شهر أفريل المقبل في العاصمة المصرية القاهرة بمعنويات مرتفعة وفي ظروف مريحة. كماأكد المنتخب الوطني من جديد السمعة الطيبة التي أصبحت تحظى بها كرة اليد التونسية على الصعيد الدولي حيث لعب بندية أمام أعرق المنتخبات العالمية وأثبت أنه قادر على مجاراة نسق عمالقة اللعبة. ورغم البداية الصعبة التي عرفها المنتخب التونسي في مباراة أمس أمام فرنسا فإن عزيمة اللاعبين واصرارهم الكبير على تحقيق نتيجة ايجابية مكنتهم من قلب المعطيات في الشوط الثاني وافتكاك تعادل مستحق. وفرض المنتخب الفرنسي سيطرة واضحة على مجريات الشوط الأول بفضل الانضباط التكتيكي للاعبيه ونجاحهم في التدرّج بسرعة بالكرة من الدفاع الى الهجوم مما مكنه من كسب الأسبقية وتعميق الفارق الذي بلغ أربعة أهداف في منتصف الشوط 4/8 مستغلا في نفس الوقت قلّة تركيز عناصر المنتخب التونسي واضاعتها لعدة فرص سهلة فضلا عن تعدد الاقصاءات لمدة دقيقتين في صفوفه. وأمام تواصل غياب النجاعة الهجومية وانعدام الحلول سعى مدرب المنتخب الوطني زوران زيفكوفتيش الى ادخال تغييرات على التشكيلة الأساسية بإقحام اللاعب علي مادي في خطة جناح أيمن غير أن المنتخب الفرنسي تابع سيطرته مستفيدا بالخصوص من تألق حارس مرماه أومايار الذي تصدّى للعديد من التصويبات لينتهي الشوط الاول بفارق 6 أهداف لفائدة فرنسا 8/14. وشهد أداء المنتخب التونسي في الشوط الثاني تحسنا ملحوظا بعد أن قام المدرب زوران بتعديل الرسم التكتيكي واقحام حسين قندورة كلاعب دائرة ثان مع ادخال تغييرات على مراكز بعض اللاعبين والتركيز على الهجومات المعاكسة لمباغتة الدفاع الفرنسي. وساهمت هذه التغييرات في منح دفع جديد للمنتخب التونسي الذي نجح في تذليل الفارق بفضل تألق الحارس سليم الزهاني الذي نجح في الذود عن مرماه واسترجاع خط الهجوم لنجاعته ليتقلص الفارق الى هدفين في الدقيقة 11 من الشوط الثاني 14/16. ومع تقدم الدقائق أصبح اللعب سجالا بين المنتخبين بما ساهم في ارتفاع المستوى الفني للمباراة التي عرفت تشوقا كبيرا في لحظاتها الأخيرة وتمكن المنتخب التونسي من انتزاع التعادل بفضل هدف أنور عياد 20/20.