مثل أوّل أمس شابان أمام هيئة احدى الدوائر الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس لتورطهما في جريمة سرقة محل مسكون دون استعمال للتسور أو الخلع، فقط لأن المنزل المتضرر هو منزل أحد المتهمين!! وحسب وقائع القضية فان المتهم الرئيسي في قضية الحال، وهو شاب لم يتجاوز العشرين من عمره، وجد نفسه في ضائقة مالية خانقة فحاول البحث عن مصدر يمكن ان يفرّج عنه هذه الضائقة الاّ أنه فشل في ذلك رغم المحاولات المتعددة التي قام بها، كما فكّر في الأساليب غير الشرعية كالسرقة لكنه لم يفلح ايضا لعدم خبرته في السرقة ولانه لم يحترف من قبل الانحراف. بعد كل ذلك لم يجد غير طريقة واحدة، انتظر كثيرا ثم تحيّن فرصة غياب والدته عن المنزل لقضاء بعض المآرب، ليتعمد القيام بتجميع بعض الأثاث وجهاز اللاقط الهوائي (البارابول) من منزلهم، والاستيلاء عليه، ثم قام باخفائه لدى أحد أصدقائه الذي اقترح عليه اشتراءه لتتم عملية بيع المسروق بسعر بخس وغير معادل للسعر الحقيقي للأثاث ثم عاد الفتى لمنزل والدته وكأن شيئا لم يكن ليجد والدته مضطربة وتعيش حالة لوعة على ما تعرض له المنزل. أخبرت الأم أعوان الامن وقدّمت شكاية مفادها تعرض محل سكناها للسرقة، فتمّ اعلام ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي أذن بفتح محضر تحقيقي في الموضوع تمسكت فيه المتضررة بحقها في التتبع القضائي لكل من ستكشف عنه الابحاث. وبدأ المحققون تحقيقاتهم وتحرياتهم ليتبين لهم عدم وجود آثار خلع او تسوّر وأن شخصا لديه نسخة من مفتاح المنزل هو الذي ساهم او قام او سهّل عملية السرقة، وبالتحرير على الابن حاول في البداية التظاهر بخلو ذهنه مما جرى الا انه بتضييق الخناق عليه بالاسئلة اعترف بأنه هو من قام بعملية السرقة وأدلى بهوية شريكه الذي اشترى منه المسروق، وقم تمّ القاء القبض على المتهم الثاني الذي حجز لديه الاثاث وجهاز اللاقط الهوائي، وبالتحرير عليه اعترف بشرائه المسروق بسعر زهيد كما اعترف أنه كان على علم بفساد مصدر البضاعة وبعد انهاء الابحاث في شأنهما قررت النيابة العمومية اصدار بطاقة ايدفاع بالسجن ضدهما وتوجيه تهمة سرقة محل مسكون وقررت احالتهما على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس. وبمثولهما مؤخرا امام هيئة المحكمة اعترف المتهم الرئيسي بالسرقة طالبا العفو من الدائرة فيما تراجع المتهم الثاني عن تصريحاته التي أدلى بها لدى باحث البداية نافيا علمه بفساد مصدر البضاعة التي اشتراها وأكد انه لم يكن على علم بأنها مسروقة لانه يعرف جيدا شريكه في الجريمة بحسن سيرته كما لم يتوقع ان يكون قد استولى على أثاث منزل والدته. وقد حضرت والدة المتهم الاول بقاعة الجلسة وطلبت من المحكمة العفو عن ابنها خاصة وأنها استرجعت المسروق، وقدمت وثيقة ممضاة من قبلها في اسقاط الدعوى الخاصة في حق ابنها وشريكه وطلب محامي الدفاع الافراج عن المتهمين والقضاء في حقهما بأقصى ظروف التخفيف خاصة أمام نقاوة سوابقهما العدلية ولصغر سنهما فيما تمكست النيابة العمومية بالمحاكمة وبالحق العام وفقا للتهم ولقوانين الاحالة، فقررت هيئة الدائرة الجناحية في الختام حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم لاحقا.