تعد صناعة النحاس المطروق من العادات التي تختص بها العائلات القيروانية. وتتجلى قيمة النحاس القيرواني أكثر ما يكون في رمضان لارتباطه بعادات اجتماعية أصيلة ظلت وفية لهذا المعدن. وقد دخلت هذه الحرفة مرحلة متقدمة من الابتكارات المواكبة للعصر. لكنها تواجه عديد الصعوبات. يضم الحي الحرفي بالنحاسين نحو 34 محلا لصناعة النحاس المطروق. وتعتبر القيروانالمدينة الوحيدة في العالم التي تخصص للنحاس سوقا حرفية إلى غاية اليوم. ويستقطب القطاع نحو 250 حرفيا. على امتداد اليوم وسط هذا الحي تستمع إلى طرقات رشيقة على إيقاعات متواترة تصم الآذان إليها تعود سبب تسمية النحاس المطروق. عادات الأجداد تحافظ العائلات القيروانية على عادة اقتناء الأواني النحاسية. وسر ذلك أن النحاس يتفوق على جميع المعادن التي تصنع منها الأواني بفضل قيمته الصحية المؤكدة من المخابر العالمية وبفضل تميز النحاس في محافظته على درجة حرارة محتواه حسب السيد الشابي، فضلا عن الجانب الاقتصادي نظرا لكون النحاس يحافظ على قيمته وثمنه على مرور الزمن ما جعل معظم العائلات القيروانية تتوارث الأواني النحاسية ويتم تقسيمها في التركات. وقبيل دخول رمضان يتم إعداد هذه الأواني بتلميعها أو ما يعرف بالتقصدير. كما ترغب بعض العائلات في اقتناء «طبق» للحلويات أو قدح للماء أو «ززوة» للقهوة العربي وأطباق صناعة الملصوقة والمقروض. أما في أواخر شهر رمضان وبداية من ليلة النصف فيستعد الخاطب إلى إخراج موسم «عروسه» يكون من الأواني النحاسية ومن التحف والهدايا تحملها في جهازها بافتخار. حي حرفي فريد يقع الحي الحرفي حاليا على مقربة من باب تونس. أما موقعه القديم فقد كان في عمق المدينة العتيقة إلا أن احد ولاة القيروان تولى سنة 1962 إخراج هذا الحي الحرفي ووضعه في مكانه الحالي الذي تشير الدراسات الأثرية انه موضع احد الفسقيات المدفونة التابعة لفسقيات الأغالبة. أما عن جذور هذه الحرفة وعراقتها فأكد رئيس غرفة النحاس أن صناعة النحاس المطروق موروث تركي. ويشكو القطاع من بعض الصعوبات منها عدم توفر المواد الأولية و صعوبة التسويق بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية وكثرة الاداءات الموظفة على القطاع. وتقلص اليد العاملة المختصة. ويجتهد المتدخلون في قطاع الصناعات التقليدية للنهوض بحرفة النحاس واستقطاب اليد العاملة. وقد انفتحت صناعة النحاس المطروق على معهد الفنون والحرف بالقيروان. كما يسعى ديوان الصناعات التقليدية إلى إبراز النحاس عبر حضوره في المعارض الوطنية والدولية وطرق سبل تصديره الى الخارج وتسويقه في الداخل كمنتوج سياحي. فهل سيشهد القطاع انتعاشته المطلوبة وهل سيتواصل الحفاظ على العادات في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة؟