هم أكثر من 500 منتصب... كانوا يفترشون أنهج العاصمة منذ سنوات طويلة جدا بعضهم وجد طريقه أواخر التسعينات الى سوق المنصف باي وآخرون... سلّمت أماكنهم الى غيرهم... فبقوا ينتقلون من شارع الى آخر ومن زقاق الى زقاق... بعضهم احتفل بمرور 3 عقود من الزمن على علاقته بالرصيف وآخرون تجاوزت السنوات حسب الملامح التي حملت في تجاعيدها حرارة الصيف وقرّ الشتاء... عبد المومن الذهبي... كهل تجاوزته سنوات الاحلام بأطفال ثلاثة كبيرهم في الباكالوريا وصغيرهم بالتعليم الأساسي... منتصب الى الطريق العام منذ حوالي ثلاثين عاما... عايش فيها الأرصفة والطرقات... تاجر متجول لكن بمكان واحد، تختلف فيه البضائع باختلاف المواسم... لم يجد حظّه خلال التسعينات للحصول على مكان منتصب بفضاء المنصف باي التجاري وواصل عمله الاعتيادي في الانتصاب والعمل... سنوات طويلة جعلت من ملامحه ترسم عنوانا لبعض الأماكن... شأنه شأن غيره ممن يقاسمونه نفس الملامح... مرت السنون وحين حل ركب 14 جانفي... تجمّع عبد المومن وحوالي 500 منتصب آخرين ممن امتهنوا الأماكن وتقدموا بشكايات جديدة هي تتمة لبعض المطالب السابقة للحصول على مكان يجمعهم ويلمّ شملهم لممارسة تجارتهم. حلّ نهائي المكان هو فضاء كان تابعا لشركة التوزيع (STP) بنهج اليونان بالعاصمة... الاشغال جارية فيه للاصلاحات واعداد الأسقف... علمت «الشروق» أنه المكان المزمع اعداده ليستقبل 500 منتصب من الناشطين القدامى في ميدان التجارة، وأن الاشغال ستكون منتهية خلال أقل من شهرين. مفاوضات 5 أشهر السيد عبد المومن أحد المنتصبين من قائمة الخمس مائة منتصب تحدث عن الأمر بالقول «كل يوم يأتي منتصب لمتابعة الاشغال نحن مجموعة كبرى... تفاوضنا فيما بيننا ليمثلنا 5 عناصر قامت بالتفاوض مع المسؤولين طيلة الاشهر الفارطة وفعلا تم تمكيننا من هذا الفضاء الذي يفتح على نهج اليونان وشارع قرطاج... وأشغال التوسعة جارية... هو بدأ خطواته الاولى للتحقق بعد سنوات طويلة جدا لم نجد فيها من يسمعنا وأشغال التهيئة جارية... حسب ما عرفناه من المقاول انه تم منحه مبلغ 260 ألف دينار وبلغت تكلفة السقف حوالي 180 ألف دينار... وربما أن التكلفة سترتفع اكثر حتى يصبح المكان جاهزا لاتساع 500 منتصب. منتصبون من متساكني العاصمة المكان بات جاهزا للاشغال على يمينه مشربة صغيرة وعلى يساره مركزا للشرطة... فضاء هو حلم... للمئات من ناضلوا طويلا من أجل هذا اليوم... ومازالوا يحلمون حتى لا يقوم أحدهم ومهما كان بالتسلل الى وسط طابور الانتظار، علما وأن 500 منتصب الذين نتحدث عنهم هم من متساكني العاصمة ويعملون بهذا القطاع منذ سنوات طويلةجدا. كانوا خلالها ينتقلون من نهج الى آخر حتى تركوا فيها بصمتهم... وأصبحت وجوههم معروفة جدا.