... كان المجلس التأسيسي مطلب الشعب بعد الثورة وبعد اعتصامات القصبة التي هزت البلاد حينها. ومن حق الشعب الآن ومن حق نخبه السياسية أن تطالب بشكل علني وحاسم بضرورة تحديد مهام المجلس التأسيسي وتحديد مدة عمله. صحيح ان المجلس التأسيسي سيتمتع بالشرعية الشعبية عبر الانتخابات ونتائج صندوق الاقتراع لكن ليس من حق المجلس التأسيسي ان يتمتع بصلوحيات مطلقة دون حدود وليس من حقه أن تكون مدة عمله مفتوحة... إن تحديد مهام المجلس التأسيسي الذي سينتخبه الشعب التونسي يوم 23 أكتوبر القادم سيكون في صالح المجلس وفي صالح كل شرائح الشعب التونسي كما أن تحديد مدته تمكننا من الانتقال بسرعة الى الانتخابات العامة التي ستضمن ترسيخ التمشي الديمقراطي. إنه من الضروري اليوم التفكير بعمق في ضرورة الدعوة الى اجراء استفتاء شعبي قبل الانتخابات أو بالتزامن معها حول مهام ومدة المجلس التأسيسي ولن يكون تنظيم هذا الاستفتاء المطلوب بالامر المستحيل او الصعب فمن حق الشعب التونسي ان يكون سيد نفسه ومن حقه أن يحدد صلوحيات ومهام مؤسساته المنتخبة. لقد عانى الشعب التونسي طيلة عقود ومنذ اعلان الجمهورية الاولى من التهميش والاقصاء والانتخابات المزيفة ومن ابعاد النخب السياسية والفكرية ومنع تأسيس الأحزاب والجمعيات. وكان الشعب دائما وطيلة عقود بعيدا عن سلطة القرار ولا يشارك في الانتخابات أصلا وحان الوقت الآن الى أن يكون سيد نفسه، يقول كلمته ويحدد مصيره. سيكون المجلس التأسيسي اللبنة الاولى في تأسيس الجمهورية الثانية التي نريدها ديمقراطية تضمن التعددية وحق الاختلاف وتقطع مع كل مظاهر الاقصاء لكن لا شيء الآن يضمن لنا عدم استبداد «أغلبية» جديدة باسم شرعية الانتخابات. إن الديمقراطية الحقيقية هي تلك التي تضمن حق كل الأصوات وحق كل المجموعات بعيدا عن كل مظاهر الاقصاء والتهميش.. نعم من حق الشعب التونسي أن يطالب الآن بتحديد مهام المجلس التأسيسي بكل دقة وأيضا تحديد مدة عمله ومدة صياغته للدستور الجديد.