اضطرّ الجيش التونسي إلى إطلاق النار ردّا على صاروخ أطلقته مجموعة مسلحة تمّ كشفها من طرف أحد الرعاة بقرية «قرعة الفليجة» في عمق صحراء ولاية دوز ما أسفر عن جرحى وقتلى وهو ما نفاه مصدر من الجيش التونسي. كانت الساعة تشير الى السابعة من مساء يوم الجمعة لمّا تلقت وحدات الجيش التونسي معلومة من أحد الرّعاة العاملين بالقرب من قرية قرعات بوفليجة الواقعة على حدود ولايتي دوزوتطاوين مفادها أنّ سيارات رباعية الدفع تحمل على متنها مجموعة من الأشخاص المسلحين عبرت المكان. والحقيقة أن الزميل فتحي الشروندي من إذاعة تطاوين كان سبّاقا في إذاعة الخبر بعد أن تحوّل على عين المكان مقضيا الليلة هناك ليقوم بالاتصال بالزملاء الصحافيين وإعلام الرأي العام بما يحدث في عمق الصحراء التونسية وفعلا التحقنا بالمنطقة بعد أن كانت إذاعة تطاوين تغطي الأحداث لحظة بلحظة طيلة الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت وهذا اعتراف من جريدة «الشروق» بجهد الاعلام الجهوي في تغطية أحداث الوطن. كان الراعي فارس يتأهب لتناول طعام الافطار معتمدا في ذلك على ساعته اليدوية لما شاهد رتلا من العربات رباعية الدفع تطوي الرمل طيّا. مشهدا لم يكن متعوّدا عليه لأنه من الصعب جدا على سيارات عادية اختراق تلك المنطقة العسكرية وفي الحين استخدم هاتفه الجوال ليتصل برئيس مركز الحرس الوطني الذي حلّ بالمكان صحبة البعض من الأعوان والمفاجأة كانت كبيرة إذ بمجرّد أنّ لمحت تلك السيارات عربات الحرس الوطني حتى أطلقت النار باتجاهها ما دفع الملازم إلى إبلاغ وحدة عسكرية تابعة للجيش التونسي. كان الليل قد رمى بظلامه على المكان لذلك تمّ الاستعانة بمروحية تابعة للجيش التونسي لتمشيط المنطقة وفي حدود الساعة التاسعة ليلا تعرضت تلك المروحية الى اطلاق نار بواسطة رشاش من نوع MTA دفع بالقائد العسكري التابع للفوج الصحراوي الى طلب تعزيزات من القاعدة العسكرية برمادة وفي الحين انطلقت طائرتان من نوع F5 باتجاه الصحراء التونسية لتتعرض بدورها الى صاروخ أطلقته المجموعة المسلحة ونظرا الى خطورة الأوضاع وصلت إمدادات أخرى للجيش التونسي وسرعان ما تحوّل المكان إلى ما يشبه الجبهة الحربية. فرق الكومندوس والمواجهة في حدود الساعة العاشرة ليلا انتشر أكثر من 500 جندي تونسي من قوات الكومندوس على متن سيارات الهامر المعزّزة بالمدفعية الثقيلة وفي الأثناء كانت أكثر من 3 مروحيات من نوع La gazelle مدعومة بأربعة طائرات من نوع F5 تحلق فوق مساحة حدّدها الجيش التونسي بأربعة كيلومترات غرب قرعات بوفليجة و5 كيلومترات شرق قصر أولاد غيلان. وتحت الأضواء الكاشفة لطائرات الهيليكوبتر تم تحديد عدد السيارات ونوعيتها وعدد الأشخاص الذين كانوا على متنها. وفي قراءة أولية تمّ رصد ثماني سيارات رباعية الدفع من نوع Toyota land cruiser وأكثر من عشرة أفراد على أنّ شكوكا حول وجود مجموعة أخرى من السيارات دفعت بالجيش التونسي الى تمشيط الصحراء في عمق أكثر من 200 كلم2. في ذلك الوقت كانت قوات الكومندوس قد أتمّت انتشارها على الميدان وطوّقت المجموعة الأولى لتحصل اشتباكات عنيفة باطلاق نار كثيف أدّى الى تراجع المجموعة المسلحة التي حاولت الهرب في حين بلغنا في حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا نبأ سقوط جرحى وقتلى في صفوف وحدات جيشنا. هذه المعلومة نفاها القائد الميداني للجيش التونسي التابع للفوج الصحراوي بمدنين والذي تحدث عن اصابات خفيفة لأربعة جنود واختفاء آخر تمّ العثور عليه بصحة جيدة صباح السبت. وفي حين كان الجميع يتوقع أن الاشتباكات انتهت علمت «الشروق» أن مجموعة من المسلحين تمكنت من الهرب باتجاه برج الخضراء وربما قد تكون عبرت الحدود باتجاه مدينة غدامس الليلة على الحدود ثلاثية الأبعاد بين ليبيا وتونسوالجزائر. سيف الإسلام القذافي؟ وفي حين فتح تحقيق مع بعض العناصر التي تمّ القبض عليها، وردت أخبار عن الوجهة التي كانت تقصدها تلك المجموعة المسلحة وأهدافها ومصدرها. إذ تبيّن حسب ما تحصلت عليه «الشروق» أنها تسلّلت الى التراب التونسي قادمة من ليبيا ما يرجّح أنها من كتائب القذافي نظرا لنوعية السلاح الذي كان معها والطريق الذي سلكته للوصول إلى تونس وفي حين قالت بعض المصادر من الجيش التونسي أنها قدمت الى تونس للقيام بعمليات نوعية ضد أهداف معيّنة وربما قد تكون شخصيات ليبية معارضة. كما تسرّبت معلومات أخرى عن محاولة تلك المجموعة تهريب شخصية ليبية هامة قد تكون ابن العقيد معر القذافي سيف الاسلام إلى الجزائر. وفي انتظار استكمال التحقيقات لازال الجيش التونسي يمشط الصحراء والحدود التونسية مع ليبيا بعد أن تمكن جزء من المجموعة المسلحة من الفرار باتجاه عمق الصحراء. على أنّ تلك العمليات المتعلقة بالتمشيط لم تكن لتمرّ بسلام فقد سقطت مروحية تابعة للجيش التونسي بوادي المرايح بالقرب من سبخة المرثة من معتمدية بن قردان ما أدّى الى مقتل قائدها ومساعده وإن لم يكن هذا الحادث متصلا باشتباكات قرعات بوفليجة على الحدود الغربيةلتونس، فإن تلك المروحية كانت تقوم بطلعات استطلاعية تحسبا لمحاولات أخرى للتسلّل من ليبيا داخل التراب التونسي.