كان الملك شهريار متشوقا كثيرا لمعرفة بقية حكاية الصعلوك الأول وعمه فقال لها ولماذا بصق العم على ابنه والفتاة؟ فقالت شهرزاد : لما سأل الصعلوك الأول عمه عن السبب قال له : هذا الفتى هو ابني وهذه القناة هي ابنتي وأخته وقد عشقها وعشقته وقد حذرتهما من مغبة فعلتهما وقلت لهما : لا تفضحاننا أمام الملوك والامراء وأفراد الشعب فما تفعلانها محرم لكن ابني الزنديق لم يستمع إلى كلامي وحفر دهليزا بالقبر وشيّد به غرفا ووضع به كل حاجياتهما من الماء والمؤونة وأرادا الانفراد بنفسيهما في هذا المكان وهما يعتقدان بأن لا رقيب يراقب أفعالهما السيئة ونسيا أن الله يراهما وهاهو قد أنزل عليهما عقابه الكبير فتحولا إلى جسدين مفحمين ولعذاب الآخرة أشد. قال الصعلوك : بكى عمي وبكيت معه وقال أنت منذ اليوم ابني ولا بد أن تعيش معي فعدت معه إلى قصره وعشنا معه بضعة أشهر في سعادة لا ينغصها إلا التفكير في ما حدث لوالدي ولعمي ولابن عمي وأخته. وذات يوم كنت خارج القصر أتجول في البراري وإذا بي أسمع جلبة وضوضاء فتسللت إلى مكان خفي واستفسرت عن السبب فقيل لي أن الوزير الأعور الذي ثار على ملكه وقتله هجم على هذه البلاد وقتل ملكها وحاشيته وهاهو جنده يعيث فسادا في هذه الأرض فخفت أن يكتشفني الجنْد ويقتادوني إلى هذا الوزير الحاقد فيقتلني فخرجب هاربا من البلاد وحلقت راسي وذقني وسرت أياما وليالي أبحث عن بغداد لعلني أقابل أمير المؤمنين هارون الرشيد فأشكوه حالي ليأخذ حقي وحق أهلي من الوزير الخائن الغدار وبقيت أتجول في شوارع المدينة حتى حط بي الرحال أمام هذه الدار وبينما كنت أتهيأ لطرق الباب إذ بالصعلوكين الثاني والثالث يلتحقان بي ولا أحد منهما يعرف الآخر دخلنا وها أنتن تعرفن بقية الحكاية فقالت له البنت الكبرى لقد عفونا عنك كما قلنا لك وعليك الآن بمغادرة الدار قبل ان نتراجع في قرارنا هذا ونحيلك على سيوف هؤلاء العبيد فقال الصعلوك :«عفوا يا مولاتي فلن أخرج ولو قطع عنقي قبل أن أتعرف على حكاية الصعلوك الثاني. قال الملك شهريار : وما حكاية الصعلوك الثاني يا شهرزاد فقالت له الآن قد طلع الصباح ولا بد من السكوت عن الكلام المباح ولكنني سأقص عليك حكايته في الليلة القادمة.