يستضيف المنتدى 28 للثورة التونسية يوم السبت القادم السيدين مقداد الماجري وعبد الخالق بوعقة للحديث حول: التداعيات السياسية لاعتصامي القصبة 1 و2 في مسيرة الثورة التونسية. ويرى الأستاذ عبد الجليل التميمي أنّ من أبرز مميزات المؤرخ اليوم هو عدم الاكتفاء بدراسة الحدث التاريخي البحت ولكن بصفة أخص التوقف عند كل الظواهر الاجتماعية والانثربولوجية والتي حددت طبيعة ردود الفعل المختلفة تجاه أي ثورة أو تململ شعبي بعينه... ويضيف: «ولا شك أن ما حصل بتونس بعد اندلاع ثورة الكرامة والديمقراطية هو إطلاق اعتصامي القصبة 1 و2، وهي ظاهرة فريدة في تاريخ الشعوب العربية, واعتبرها البعض ممارسة طبيعية وحتمية لتلقائية الثورة التونسية والتي نادت بعدد من الشعارات والمطالب الأساسية. أما الشق الآخر من الرأي العام فعدوها تحديا وهجوما صارخا للقانون وللشرعية ولمبادئ الثورة العليا». ونظرا إلى أن ظاهرة اعتصامي القصبة 1 و2 لم يقع التوقف عندهما بالتحليل المعمق لأبعادهما الجغراسياسية والاجتماعية, أخذ الأستاذ التميمي مبادرة تنظيم هذه الندوة مع شخصيتين مفتاحيتين لحركة الاعتصام، للترجمة عن المقاربات البعيدة لفكرة الاعتصام واعتبارها حركة عفوية ومستقلة, غير مسيسة في بداياتها. ولسائل لماذا اختيرت القصبة وليس قرطاج أو باردو لتحقيق هذا الاعتصام, إذ المعتصمون هدفوا بالقصبة أساسا، تمثيلها مركز السلطة والنفوذ الفعلي، ونتساءل اليوم عن خفايا الاعتصام من الداخل وسوف يتم ذلك مع بعض رموزها, ثم ما هو دور النخبة في تأطير وإنجاح الاعتصام على يد المجتمع المدني وعمادة المحامين واتحاد الشغل, وهل توقف الرأي العام التونسي على البيانات الصادرة عن المعتصمين ؟ ثم ما هو دور مدينة تونس وضواحي القصبة والجيش في إنجاح أو إفشال القصبة 2, وكيف كانت ردود فعل القوى المضادة تجاه ذلك. كذلك سوف يثار كيف أن هذه الحركة الاحتجاجية قد تجذرت في اعتصام القصبة 2 وتحولت من حركة اصلاحية إلى حركة ثورية تنادي بإسقاط النظام وحل التجمع ومجلس المستشارين والبوليس السياسي والمجلس التأسيسي, وكيف أن جمعة الغضب التي حصلت في آخر فيفري، كانت لها أبعاد هامة جدا ويرجع الفضل في ذلك إلى اللجان الثلاث التي أشرفت على اعتصام القصبة 2 بتكوين لجنة الإعلام ولجنة التمويل ولجنة النظام وأن المجتمع المدني هو الذي قاد المسيرة ولم يقع أي تكسير وإن الذي أضر فعلا بالاعتصام هو تدخل الأحزاب في صيرورتها. كذلك كانت شعارات القصبة 1 و2 قد تم تبنيها في كل من مصر وسوريا وليبيا واليمن وصارت على نهجها وتفاعلاتها العديدة, كما سوف تتناول الندوة ظروف وملابسات القصبة 3 وما نتج عنه من مجابهات سياسية وقمعية شديدة وحيث اعتبرت السلطة الاعتصام كاحتلال للحيز المكاني للفضاءات العمومية, وهو أمر غير مقبول واستوجب عدم مهادنته كما تذهب السلطة السياسية إلى ذلك. إن عقلاء المشرفين على القصبة قد هدفوا بحركتهم الاعتصامية تلك, الدعوة إلى الاستماع إلى رأي الشعب المقهور والمسكين والذي غيب طوال خمسين سنة، فلا اقل اليوم من التوقف عند هذه الظاهرة الشعبية والانثربولوجية الهامة لدراسة تداعياتها ونجاحها أو إقصائها واخفاقاتها. وما من شكّ في أنّ السيد مقداد الماجري رجل إعلام ومختص في الرياضيات والسيد عبد الخالق بوعقة, مهندس فلاحي, وهذا الأخير المشرف العام على لجنة التموين لحركة القصبة 2, يعدان من أبرز الفاعلين والمسيرين لاعتصامي القصبة 1 و2 وسيكون مفيدا جدا الاستماع إليهما بعناية بالغة.