يعيش المشهد السياسي هذه الفترة على وقع بروز مجموعة من الممارسات الجديدة الّتي قد تولّد ظاهرة فساد سياسي ومالي وستكون لها انعكاسات سلبية على الحياة السياسية والتنافس بين الأحزاب وبالتالي على إرادة الناخبين. فمنذ أشهر ولأوّل مرة في تاريخ تونس السياسي يقوم حزب سياسي بحملة دعائية بالصحف والمجلاّت والوسائل السمعيّة البصرية والمعلّقات في الشوارع فاجأت المتابعين للشّأن العام. المبادرة جاءت من الحزب الديمقراطي التقدّمي ليتبعه التكتّل من أجل العمل والحرّيات ثمّ يلتحق بالقائمة حزب الاتحاد الوطني الحرّ الّذي يبدو أنّه رصد ميزانية ضخمة أثارت التساؤلات خاصّة وأنّ الحزب حديث بالحياة السياسية لو يعرف لمؤسّسه أيّ انتماء أو اهتمام بالحياة السياسية في تونس لإقامته الدّائمة بالخارج تقريبا كما انه لم تعرف له مواقف خاصّة وانه لم يتجرّأ على الظهور المباشر للرأي العام عبر وسائل الإعلام. وبدا أنّ صاحب الحزب ثريّ جدّا بأمواله الّتي لم يعرف مصدرها والّتي تمّ توظيفها للدعاية ولمساعدة الفقراء قبيل شهرين من الانتخابات. قائمة أحزاب الإشهار تعزّزت بالحزب الليبرالي المغاربي وقد تتوسّع إلى أحزاب أخرى... وكان على الحكومة والهيئة «المستقلّة» للانتخابات التدخل لإيقاف هستيريا الدعاية السياسية الّتي تقسّم الخارطة السياسية إلى أحزاب ثريّة وأخرى فقيرة بالتالي ضرب المنافسة والشفافيّة وكلّ مقوّمات الديمقراطية الحقيقية وإقرار معاملات غريبة عن الحياة السياسية في تونس. إن المال السياسي والمال الإعلامي الموزّع على الصحف والتلفزات وغيرها من الوسائل الإعلامية قد يغلّب حزبا على بقيّة الأحزاب ويعطيه حصانة أو أفضليّة في الأخبار وتغطية الأنشطة و بالتالي فانّ الصراع لن يكون كما هو معمول به في كلّ البلدان الديمقراطيّة على الأفكار والبرامج بل على الحضور في وسائل الإعلام وفي الشّارع عبر المساعدات والعمل الخيري. فكيف سيكون الأمر في أيّام الحملة الانتخابيّة ؟ وهل تضطر الأحزاب الفقيرة إلى اللجوء إلى شركات الإيجار المالي لتمويل حملاتها ؟ المطلوب اليوم تدخّل فوري وعاجل للحكومة المؤقّتة لمنع الدعاية و«تسليع» الأفكار والبرامج ومساءلة الأحزاب عن مصادر تمويلها وطلب مستندات في ذلك تنشر لعموم الشعب وتطهير الساحة السياسية والإعلامية من المال الّذي لا ينبت الاّ الفساد. بقلم: هشام الشريف : المنسّق العام لحزب «الديمقراطيين الأحرار»