هل أحمد اللّه على أن تونس أصبحت تعد جيوشا من الزعماء حتى بات تعدادهم عصيّا على الشعب الكريم؟ أم أطلب منه جل جلاله أن يرحم تونس ويقيها من شرّ من فيهم من المندسين من أباطرة المغالاة في الفوضى والكذب والاشاعات الملغمة القاتلة وأن يخلصها من مكائدهم ويحد من كثرتهم وتكاثرهم وأن يعين خلقه على تحديد ظلالهم ونسلهم وتناسلهم؟ وهل أن هؤلاء المنصّبين لأنفسهم أوصياء على هذا الشعب الكريم الأبي والمشرعين لأنفسهم رئاسة وقيادة وريادة الناس أجمعين والتحدث باسم الشعب هم ملائكة كما يدعون أم فيهم من الجن والشياطين العد الكثير؟ وإذا كان لتونس هذا الكم النملي من الزعامات كيف أمكن للمخلوع أن يحكم البلاد ثلاثة وعشرين سنة بأيامها العجاف ولياليها الحالكة دون أن يحركوا ساكنا ولا يحذفوه؟ أم أنهم كانوا في كوكب سحري آخر في تربص مهني على الجلوس على كرسي العرش؟ لنفرض ذلك جدلا فكيف يعجز هذا الكم المهول من هؤلاء الزعماء على أن يعيدوا الطمأنينة الى النفوس إن لم يكونوا هم أنفسهم منتجي الحيرات فيها؟ كيف تعجز مائة وستة أحزاب وآلاف الجمعيات والهيئات والمنظمات على أن تحمي الطرقات من قطاعها بما في ذلك طريق القوت الحلال وطريق الأمن والاستقرار وطريق الأمل المشروع؟ وكيف يعجزون عن قطع كل مظاهر التسيب والفلتان في كل قطاع ومكان؟ أم هم سبب البلية؟ وهل هم نصرة الوطن أم علته؟ هل هم أحبّة الشعب أم أن الشعب الكريم يعرف جيدا أعداءه؟ وهل هم بحر من السياسة كما يدعون ويوهمون الناس أم هم زعانف سمك بحر السياسة؟ نعم في تونس رجالات صادقون أقلهم وزنا يتقد حماسة وحبا للوطن المفدّى ولكن أين هم في زخم هذه السيول الزعاماتية التي أتت على الأخضر واليابس فاستوت فيها السنابل بالقش والثمار النافعة بالأتربة؟ ماذا لو كان كل من لبس جبة الزعامة زعيما بحق ألا يكون عيدنا مباركا بحق. ومع ذلك أقول لكم عيدكم مبرو ك حتى وإن كان مع تأجيل التنفيذ.