تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ أحمد بن صالح ل «الشروق»: على الجلسة الأولى للتأسيسي، أن تحدّد المدة لإعلان الدستور

«شيوخ» المجلس القومي التأسيسي، ممّن أفتوا ونشطوا وأدلوا بدلائهم فترة «فك الارتباط» مع المستعمر الفرنسي من جهة، ومع النظام الملكي من جهة أخرى، يواصلون اليوم، في شخص الأستاذ أحمد بن صالح، كشف مداولات ومحطّات إصدار الدستور سنة 59 لتحضر «الحقيقة».. والنصيحة.
قبل إجراء هذا الحوار، وقبل أسبوع ونيف اتصل بي سي أحمد بن صالح عبر الهاتف، وهو في حالة «غضب» شديد، لأن المسألة الليبية، لم تتبين فعلا... أنها مسألة داخلية... لتونس، على اعتبار أن تحرّكا تونسيا من وجهة نظره، كان يمكن أن يسبق أي تحرّك إقليمي. وكان الرجل يقصد تحركا مغاربيا انطلاقا من تونس.
«ليفهم الغرب» يضيف بن صالح أننا هنا كمغاربيين.. مهتمّون بالشأن الليبي على أنه شأن داخلي لكلّ بلد في المغرب العربي..! كان موقفه ذاك، قد سبق في الحقيقة ما آلت إليه «الوساطات» و«التدخلات» التي قد تدخل الشقيقة ليبيا في منطق تجاذبات..
سي أحمد بن صالح، أحد «شيوخ» المجلس القومي التأسيسي من الثلاثة الباقين على قيد الحياة، أمدّ اللّه في أنفاسهم، وجدته مستاء من تأويلات وتصريحات صدرت عن أحد زملاء الأمس..
أقصد أمس الخمسين سنة ونيف، متعجبا من نعت يسمعه في حق شخصه لأول مرة: «أحمد بن صالح يغيّر مواقفه» كلّ حين! وهنا شدّد المتحدث، على أن «الوحدة الشعبية» حزب بن صالح الذي أسّسه بعد أن حرّر نفسه» من السجن في السبعينات، لم يبرم تحالفات... وأن كل ما جمعه بالأحزاب الأربعة الأخرى، هو «التعاون على الحالة العامة للبلاد».. وأن موضوع القائمات هذا شأن داخلي لا يخصّ سوى «الوحدة الشعبية.
تحدث سي أحمد بن صالح، مستذكرا فعاليات وتداعيات المجلس القومي التأسيسي.. وكانت الفرصة، أكثر حضورا هذه المرة، ليضيف ما لم يقله عن المجلس القومي التأسيسي 1956 1959 . في ركن «مذكرات سياسي في الشروق» منذ سنة ونصف على صفحات «الشروق» حين تحدث عن تلك الفترة وملابساتها..
اليوم، وبما أن الموضوع يطرح من جديد، بمناسبة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ليوم 23 أكتوبر القادم، فإن مزيد التفحّص في أنباء وحيثيات وظروف إنشاء الدستور الأول وجلسات المجلس القومي التأسيسي، تبدو ملحّة.. خاصة إذا جاءت على لسان رئيس لجنة تحرير الدستور، ونائب رئيس المجلس القومي التأسيسي.. والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في ذاك الوقت...
بدأنا الحوار على وقع الجواب عن هذا السؤال التالي..
لو تتذكّر جلسات ومداولات المجلس القومي التأسيسي، الذي انتخبت نائبا لأول رئيس له انت و«سي أحمد» المستيري، ما يبقى في ذهنك، لتورده لنا الآن، من حيث اسهاماتك، ومواقفك التي على ما يبدو لم تكن دائما متجانسة مع توجهات «الزعيم» متزعّم الحزب آنذاك: بورقيبة؟
الفصل الأول ينص على أن تونس دولة مستقلة دينها الاسلام ولغتها العربية... هذا البند اقترحته أنا في بيت صالح بن يوسف... قبل التئام التأسيسي أصلا..
قلت له: ليس هناك من لا يعتقد ان الاتفاقيات (1955 للاستقلال الداخلي) هي ثوب ضيّق... وأن تمزيقه سيكون جماعيا، عندما تعلن ما يتفق مع استقلال تونس في الدستور.. أذكر ان محمد الأصفر جراد، عن الاتحاد الوطني للصناعة والتجارة، وعندما سمع ما قلت وردّ بن يوسف على كلامي بالايجاب عانقني وقال: «منعتنا يا سي أحمد» كان صالح بن يوسف كما هو معلوم يعتقد انها خطوة الى الوراء، وأعتقد انني توصلت الى اقناعه... لكن...
صياغة الفصل الاول لم تكن من أجل الدستور بذاته، بل كان كطريقة لاقناع صالح بن يوسف بأن اتفاقيات 1955 يمكن ان تكون خطوة الى الأمام... وذلك عندما قلت له في اجتماع في بيته ان مجرد الاعلان عن الدستور سوف يتمكّن التونسيون من إعلان الاستقلال التام.. الذي ناقشني قلت له بأن البند لم يكن ضمن تحرير الدستور.. لم نكن نفكّر فيه لولا هذه القضية..
في المجلس التأسيسي: ماذا يتذكّر أصغر النواب سنّا، من الجلسة الأولى، وكيف انطلقت الأشغال... وكيف كانت حقيقة الصلة بين النواب والحزب الحر الدستوري من جهة، وبين النواب وبورقيبة تحديدا من جهة أخرى؟
الجلسة الأولى، ترأسها أكبر النواب سنّا السيد محمد شنيق، ويجب ان يكون معه نائبان، من أصغر النوّاب سنّا أصغرهم وقتها كان أحمد المستيري وأحمد بن صالح ووقع انتخاب مكتب المجلس القومي التأسيسي برئاسة بورقيبة والنائب الاول احمد بن صالح.
لماذا أنت نائبا اول، هل لأنك تمثّل الاتحاد العام التونسي للشغل مثلا؟
أيضا ربما... ولكننا كنا مناضلين صلب الحزب... وانتخبت رئيسا للجنة تحرير الدستور، التي تشرف على نشاط اللجان الفرعية المتخصصة لتحرير فصول الدستور المتنوعة والمتعددة بتلك الصفة، تكفلت بتحرير اعلان الجمهورية.. ايضا.
كانت الاجتماعات متواصلة... والانكباب على العمل حثيثا لكن الاجواء لم تكن دائما هادئة... وكانت لي الحرية في حضور اللجنة التي أريد... وأحيانا نضم في جلسة، عددا من اللجان... حتى نتثبت في فصول... أو اقتراحات في الأثناء وقع حدثان:
الحدث الأول يتمثل في الاستقلال، وأذكر شخصيا ربما يكون له تأثير على مسيرتي، أنني أعطيت رأيي بأن تمنيت أن لا يخرج بورقيبة من رئاسة المجلس ويكون على رأس الحكومة .. خاصة عندما أعطي المجلس صلاحية قلت لعل هذا يمكّن من حل للأزمة والخلاف بين الرجلين (بورقيبة وبن يوسف).
... هذا الموقف، لم يكن بصفة رسمية بل قلته في حديث مع زملاء نوّاب.. قلت أتمنى ان يكون بورقيبة رئيسا للمجلس حتى يراقب الحكومة ... وكنت أفكر في الحقيقة دون ان أكشف عن ذلك، بأن يكون صالح بن يوسف هو رئيس الحكومة.. بعدها دعيت الى جلسة من الباهي الأدغم، وبعض أعضاء الديوان السياسي، وقال الأدغم متسائلا: من سيترأس الحكومة... ومن له سمعة بالخارج.. وجهاد طويل... مثل بورقيبة..
كان يتجه اليّ الباهي الأدغم ويتحدث ثم سألني: أليس لك ما تقول يا (سي أحمد)؟
قلت له : بما انك سألتني، اذن عندي ما أقول... رأيي: اعتقد ان بورقيبة كزعيم يكون على رأس المجلس النيابي (البرلمان)... فإذا به يقاطعني: أنا أعرف أنك مغرم بالهند...
وكنت حقيقة مهتما بكل من «نهرو» و«غاندي»...
قلت له : ما به الهند..؟ الهند أصبح فيها «نهرو» رئيس حكومة وليس «غاندي» الزعيم! هذا مثال جيد... قلت له...
من الغد، بورقيبة الذي سيصبح رئيسا وأنا أنوبه، عقد جلسة في منزله... وجاء من قال لي بالحرف: اليوم يُعقد اجتماع عند بورقيبة في البلفيدير (في بيته)، اجتماع للديوان السياسي الموسع وهذا النوع من الاجتماعات اي الديوان السياسي الموسع يحضره الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة (اتحاد الفلاّحين كان مساندا لصالح بن يوسف، بحيث لم يكن حاضرا...)
كان بورقيبة يتوسط الجلسة وعندما ولجت قاعة الاستقبال في منزله بساحة باستور وكنت أصغرهم... طالعني بورقيبة:
تفضل بن احمد الى جانبي.. وكان له ذلك.
وقال مواصلا وكأنه يعلمني بأمر يتمنّع في قبوله، فقال: الآن اقترحوا عليّ رئاسة الوزراء... وناقش بورقيبة الأمر على أساس أن الخطة سلبية ويرفضها ثم في لحظة أعاد القول: «سوف ترون.. بورقيبة من جهة وبن صالح من جهة أخرى... سيكون الأمر خارقا للعادة!..»
Vous allez voir, Bourguiba d›un coté et Ben Salah d›un autre... ça sera formidable!
وكان بورقيبة يتوجه الى الحاضرين.. وكانوا كما قلت أكبر مني سنا وكان بورقيبة يتوجه الى الحاضرين... وكانوا كما قلت أكبر مني سنا...
خرجت وفي صدري شيء من الضيق، قصدت «سي محمد الري» عن جامعة الرصيف أخرجته من بيته وبقينا نتحدث في الحديقة، طلبت منه ان لا يقاطعني، وقصصت عليه الحكاية وفي النهاية قال لي: هذا كلام «يوغر الصدور».
أي يحدث عداوات!
أذكر أيضا انه ومن ضمن ما وقع لي، أن بورقيبة أخذ معه ضمن التشكيلة الحكومية... اعضاء من المكتب التنفيذي ومن جامعات نقابية (محمود الخياري وعزالدين العباسي... ومصطفى الفيلالي).
أما أنا فأقنعته بوجهة نظري... بأن رفضت الوزارة حتى أواصل مسؤوليتي على رأس الاتحاد...
قال لي بورقيبة: خسارة... كنت أود تكليفك بالشؤون الاقتصادية...
«C'est dommage j'ai voulu vous confier les affaires économique...»
فقلت له ما معناه إن «الشؤون» موجودة و«الاقتصاد» ليس بعد...
«Les affaires existent, l'économie pas encores»...
بالنسبة الى نظام الحكم، كيف كانت المداولات... وما هي أهم الاقتراحات، وهل كانت الرؤية واضحة للجميع، حول نظام جمهوري رئاسي؟
كانت هناك آراء متعددة حول طبيعة نظام الحكم... في يوم من الأيام وعندما أصبح جلولي فارس رئيسا للمجلس التأسيسي خلفا لبورقيبة وعلي البلهوان واحمد بن صالح كان لهما نشاط آخر.. نوعي...
ناداني فارس، وقال لي ان بورقيبة طلب منه نوعا من التهدئة حول موضوع اعلان الجمهورية... وان هناك مناورات بين القصر (الباي) وفرنسا... يقولون ان القصر طلب الحماية من فرنسا... شعورا منه بأن المجلس التأسيسي و«الجبهة الوطنية» بالخصوص تحاول ان تطيح بالعرش... لذلك جاءت توصية بورقيبة.
لكن وقعت سابقة إن شاء الله يستفيد منها الجماعة اليوم... كنا في الاتحاد نحضر البرنامج الاقتصادي... حتى بلغنا انه خرجت من تونس 70 مليارا... فطلبت تضمين قانون ليراقب المجلس الحكومي.. وهنا رجعت الى المقترح الاول... بورقيبة رئيسا للبرلمان ليراقب الحكومة.
طرحت المشكل في جلسة علنية.. وكان بورقيبة غائبا، فإذا بالجماعة في الجبهة الوطنية يبدون حيرة...
وطلبوا بورقيبة، وجاء...لتكون جلسة ثانية...وتحدث بورقيبة بالعقلية الفرنسية وهذا الحزب الحر الدستوري، يعتمد الليبرالية..ورؤوس الأموال تدخل وتخرج بحرية... وكان أمامي «سي حمادي بدرة» وقال : «برافو BRAVO» رفعت يدي طلبا للكلمة فقال لي رئيس المجلس إنه الرئيس الذي تكلم (أي لا كلام ولا تعقيب بعد الرئيس!).
ولم أتكلم...ولكن الجلسة كانت ذات فائدة بأن المجلس أصبح يراقب الحكومة ...أي مكناه من صلاحيات كبيرة..
الكثير من الجلسات وقع فيها تداول أفكار ومقترحات...فماهي العلاقة بين المجلس والقصر...وكيف كانت أنباء المجلس تبلغ الباي؟
ربما هناك من ينقل له...كنت رئيس لجنة تحرير الدستور...لم تكن لي صلة ربما رئيس المجلس كان ينقل للباي... ولكن لا أعتقد أن الباي كان على علم بكل التفاصيل..
وضعيتي خاصة : أن آت من عند المنصف باي...عندما رجعت إلى تونس وكنت أدرس في معهد سوسة...قام الأمين باي بجولة علي غير عادته... ومن ضمن برنامج زيارته زيارة المعهد، فقلت جهارا نهارا في المعهد : لن أقابله لم أكن أرغب في ذلك...
جاءني عبد العزيز كشوخ وكان رجلا وطنيا أصرّ على أن أحضر في الموكب...
فأذعنت...كنت شابا صغيرا...كان الباي يمرّ..فيقع تقبيل يده...ولكني مررت دون أن أقبل يد الباي... وأصل القصة في ذلك أنني كنت في مدينة «بو» «pau» في دار المنصف باي عندما كان في المنفى وكنت مكلفا من الباي الأسير بالتنسيق مع الحزب...جاءته هدية أمامي بعثها له الأمين باي وتتمثل في صندوق معبإ ترابا، قالوا له أن سيدنا قد يكون إشتاق إلى تراب تونس...الأمين باي لم ينس ذاك الموقف... المنصف باي لم ينبس بكلمة وإن عبرت عن امتعاض... ما...وقد فهمت الأمر في سلبيته أي في جانبه السلبي من العملية خاصة أن المنصف باي عاد إلى تونس في «صندوق متوفيا في بو» «Pau» وقبل أن أعود...كنت أترأس احدى جلسات المجلس وكان بورقيبة مرشحا لرئاسة الوزراء...ورئيس المجلس هو الذي يأخذه (بورقيبة) إلى الباي...بالقصر... فصعدت على اليمين وكان المكان المخصص لي ثم اتجهنا إلى دار «بورقيبة» فجلس على اليسار...قال الباي لبورقيبة : سي الحبيب ...أوصيك ...هذا (بن صالح) لازم تحطه معاك في القصعة فقال بورقيبة : أي نعم... وقد يكون ذلك على مضض لا أدري المهم أن ردّ الفعل (من بورقيبة) لم يكن فيه راحة...
تكلمت بإسم المجلس التأسيسي أنه (المجلس) يقترح تعيين السيد الحبيب بورقيبة على رأس الحكومة...وكان ذاك الطلب ضروريا ليعين الباي من اقترحه المجلس لرئاسة الوزراء.
أنا أعتقد أن الباي كان على علم بكل شيء يهمه هو...بل ويترقب هذا الأمر...كان يساوره شك... حول ما وقع...أعتقد أن القصر والعائلة كانوا مطمئنين لأن كميات الذهب التي تمكن منها الذين هجموا على العائلة كانت مهولة وتدل على أنهم بوغتوا بأمر الجمهورية...أي توقيت إعلان الجمهورية.
قد تكون الشكوك ساورت القصر الملكي، لكن أن يكون الأمر جاهزا...والخطة تمر إلى التنفيذ... لا أعتقد أنهم (أهل القصر) كانوا على دراية...والدليل كما ذكرت كميات الذهب والمجوهرات التي صودرت والتي في الحقيقة طارت ولم يبق في الخزينة العامة سوى ما خف وزنه!
كيف كانت تقدّ فصول «الدستور»
أنا لم أكن مراقبا...ليست لي مرجعية ولا ثقافة قانونية كانت عندي أفكار عامة عن الحريات كمناضل نقابي...
فقد عملت بيروكسيل صلب «السيزل» CSL وكانت لي أفكار تقدمية عن الحريات وعن الديمقراطية.
التدخّل الوحيد، كان من أجل اصلاح ذات البين بين بورقيبة وبن يوسف، وقلت لك كيف كان اقتراحي.
لقد حرّر البند الاول في اطار السعي الى وفاق بين الرجلين كما ذكرت في الأول...
لا يجب ان نحكم على ما وقع في ذلك الوقت (1956 1959) بعين اليوم... الأمية كانت غالبة وقتها...
شخصيا لا أدّعي أن لي مساهمة خاصة أو كبيرة في تحرير الدستور...
زد على ذلك وما ينساه الناس... شخصيا في آخر 1956 وكنت في مهمّة نقابية بالمغرب الاقصى... خرجنا من عند الملك محمد الخامس رحمه الله الذي بارك النتيجة لتوحيد النقابات المغاربية...
كنّا في السيارة، والخبر الاول في الاذاعة: اقالة احمد بن صالح من الامانة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل...
أنا نسيت الموضوع... وقرّرت ان انساه... كان ذوق الجماعة هنا في تونس منحرفا في اختيارهم توقيت اقالتي...
وجدت مراسل فرانس براس، ينتظرني أمام النزل بطنجة... قال لي مبادرا: ?Ça va قلت نعم... علىما يرام. فطلب مني هل أنت على علم بآخر الاخبار (الاقالة).... قلت له: نعم... نعم...
فقال لي: هل أنت واع بما حدث؟..
قرّرت أن لا أتأثر... طبعي قرّر...
وصلت الى ايطاليا (روما) ووجدت وفدا عن الاتحاد... ليطيّب خاطري... لكني تجاهلت الأمر... وطلبت نزهة... في روما...
بالنسبة للدستور الجديد: 2011 / 2012 هل تعتقد أن المسار يمكن ان يكون مشابها في المجلس الوطني التأسيسي، وأقصد تغيير نمط الحكم؟وهل تعتقد أن المجلس الجديد ستكون فيه أغلبية ما للون ما...؟
بالنسبة للدستور الجديد، الذي سيصدره المجلس يمكن اقتراح جانب تطويري: تونس دولة جمهورية دينها الاسلام ولغتها العربية... ويمكن ان يضمّن نص الدستور، مبادئ ونصوص قانونية، مواكبة لأهداف الثورة... فتونس اليوم، ليست تونس منذ أكثر من خمسين عاما... اليوم نحن راكمنا تجربة «الاستقلال» لأكثر من خمسة عقود... وعلى الجلسة الاولى للمجلس التأسيسي أن تعلن عن المدّة المخصصة لاستكمال تحرير الدستور واصداره... اليوم عكس البارحة، كان عندنا دستور، وعلّقنا العمل به، لنأتي بآخر، من المفروض أنه أفضل من الاول، وفيه مواكبة لتطوّر تونس.
أمّا عن موضوع، الاتجاه السياسي السائد، داخل المجلس، فلا أعتقد أنه مازال هناك مجال، لسيطرة حزب واحد على الحياة داخل المجلس... أو داخل الحياة السياسية للبلاد... الثورة قامت من أجل منع الهيمنة...
ومنع هيمنة الحزب الواحد... أمر لا رجعة فيه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.