يواجه الاتحاد الأوروبي وبعض دوله «تهمة» مشاركة بن علي وعائلته وبعض مسؤولي نظامه في كل ما عرفته تونس من مظاهر فساد مالي وسياسي ورشوة... سفير الاتحاد الأوروبي بتونس نفي في تصريح ل «الشروق» التهمة في المطلق لكنه لم ينف امكانية حصول تجاوزات في هذا المجال. سفير الاتحاد الأوروبي بتونس السيد أدريانوس كوتسبنرويتر» تحدث أيضا في هذا اللقاء الذي جمعنا به على هامش الندوة الدولية حول الرشوة والفساد بالحمامات عن مستقبل علاقة الاتحاد بتونس وعن تقييمه للتجربة السياسية التونسية ما بعد الثورة وعن الزيارة المنتظرة لنائبة رئيس الاتحاد الى تونس بعد أيام... تحدث الرأي العام في تونس ابان ثورة 14 جانفي عن «تورط» دول الاتحاد الأوروبي طيلة السنوات الماضية في تسهيل مهمة نظام بن علي في الفساد المالي والرشوة فهل هذه التهمة صحيحة؟ صحيح، سمعت كثيرا عن هذا الاتهام في تونس لكن أقول إنه اتهام غير ثابت لأنه لم يثبت أن الاتحاد ودوله كانت له علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع بن علي أو مع عائلته في أفعال وأنشطة فاسدة ماليا أو سياسيا أو قائمة على الرشوة، صحيح كانت للاتحاد ولبعض الدول الأوروبية علاقات ممتازة وقريبة جدا مع النظام السابق وأكيد أنه في بعض المجالات المحددة حصلت تجاوزات وأعمال فساد غير المبررة لكن الاتحاد كاتحاد حافظ دوما على سياسته التنموية مع الدولة التونسية وعمل على مساعدة النظام السابق وحكومته في عدة مجالات على غرار الاقتصاد والتربية والتكوين المهني والفلاحة والتي كانت تحتاجها تونس لتتطور.. وبالفعل حصل هذا التطور في السنوات الماضية وأقول إن الثورة التونسية كانت نتاجا لهذا التطور الذي عرفته في مختلف المجالات وتطورت بفضله عقلية المواطنين خاصة الشباب الذي كان شرارة الثورة. من الناحية المالية، ماذا جهّز الاتحاد الأوروبي لمدّ يد العون الى تونس؟ في الحقيقة، توجد أبواب عديدة مفتوحة في المجال المالي.. صحيح هناك رغبة من تونس في تقديم العنصر المالي على بقية عناصر التفاوض الأخرى.. والاتحاد الأوروبي قد لا يقدر على الاستجابة لكل طلبات الدعم المالي دفعة واحدة لكن نحن قادرون على توفير التمويلات في حدود وسنواصل التفاوض.. فالوضع الاقتصادي لتونس لا يحتاج فقط للمال بل وأيضا للخبرات والمعارف والحضور الميداني والتعبير عن الرغبة في المساعدة وهذا ما نحن بصدد القيام به الآن بنسق متسارع. في هذا المجال علمنا بزيارة مرتقبة لنائبة رئيس الاتحاد الأوروبي الى تونس الأسبوع القادم، ما هي أهداف هذه الزيارة؟ نعم سيحصل ذلك، وستعمل السيدة نائبة رئيس الاتحاد على معاينة سير مختلف الأمور في تونس (السياسية والاجتماعية والاقتصادية خاصة كما ستعلن أيضا مواصلة التزام الاتحاد بمساعدة تونس مهما كانت نتيجة الانتخابات...نحن نريد أن نكون على علاقة وحيدة مع الشعب التونسي أولا ومع الحكومة مهما كانت ثانيا ستناقش نائبة الرئيس في تونس عدة محاور لها علاقة بالتعاون في مجال الهجرة والفلاحة والاستثمار بشكل عام وستعمل على حث الجهات المانحة (البنك العالمي البنك الافريقي للتنمية البنوك والصناديق العربية للاستثمار وكذلك دول الاتحاد) على مساعدة تونس في فترة الانتقال الديمقراطي... وهذه الزيارة هي تقريبا متابعة لوعود مجموعة الثمانية (G8) بقمة دوفيل تجاه تونس ولكيفية تحويلها الى أرض الواقع في أقرب وقت بدءا بهذه الأشهر المتبقية من العام الحالي. هل سيواصل الاتحاد الأوروبي سياسة المساعدة التنموية لتونس سواء مع الحكومة الحالية أو التي ستليها؟ دعني أقول إن الاتحاد الأوروبي له التزام مع الشعب التونسي أولا وهذا حصل في الماضي ويحصل الآن وسيحصل في المستقبل وطبعا هذا الالتزام ننفذه مع من هو في السلطة كانت تعترضنا عراقيل عديدة مع نظام بن علي خاصة في ظل غياب الديمقراطية والحرية...لكن كل هذا تغير اليوم بشكل كبير ونجد حاليا تعاونا مميزا مع الحكومة الحالية ومع منظمات وهياكل المجتمع المدني وهو ما يسعدنا كثيرا... وطبعا علينا مزيد بذل الجهود المشتركة في المستقبل خصوصا أنه على مستوى التفاوض تجد الحكومة التونسية الحالية صعوبات على مستوى ضيق الوقت وعلى مستوى قوة مشروعيتها لمزيد التقدم معنا ونتمنى أن يحصل ذلك مع الحكومة القادمة حتى يصبح في تونس اقتصاد قوي له نفس مواصفات الاقتصادات الأوروبية . ما تقييمكم للمشهد السياسي التونسي الى حدّ الآن؟ صدقني عندما أقول لك أنه من الممتع فعلا لمهتم بالشأن السياسي وصديق لتونس أن يواكب كيف يستعد بلدكم لأول انتخابات حرة تعيشونها...كل التيارات الحزبية والسياسية تشارك في المشهد والاستعداد للانتخابات جيد من الناحية التنظيمية ولا يمكن مقارنة ما يجري عندكم اليوم بتجارب أخرى أجمع ملاحظونا في الاتحاد الأوروبي أنها لا تجوز مقارنتها مع تجربة تونس الجميل في تونس حسب ما لاحظناه أنه بلد فيه توافق كبير بين المواطنين وهذا ما استحسنه كل العالم... الانتخابات ماهي الا مرحلة وهناك مراحل أخرى عديدة وعمل كبير ينتظركم ولا أظن أن المهمة مستحيلة أمام شعب سائر على الطريق القويم وله ارادة قوية وامكانات تسمح له بانجاح المسار...وهو ما أتمناه لكم.