مع اشتداد الحملة الانتخابية، تشهد أغلب صفحات الموقع الاجتماعي حروبا شرسة بين الأحزاب والتيارات السياسية تستعمل فيها كل الأسلحة من الإشاعة ونشر الأخبار الزائفة، لكن ما حدث لحزب الانفتاح والوفاء كان استثنائيا وجمع بين الغضب والطرافة التي تقتلع الابتسامة. كان يكفي نشر معلقة هذا الحزب لكي يتفرغ المئات من الأشخاص للتعليق على ما جاء فيها من وعود مثيرة للدهشة والسخرية ومنها منح كل شخص 5 آلاف دينار عند الزواج ومجانية الفواتير المنزلية لما أقل من 60 دينارا وتحديد ثمن الخبزة بمائة مليم والخضر بخمس مائة مليم وغيرها مما أثار دهشة الناشطين على الموقع. ولأول مرة يجتمع الناشطون السياسيون في الموقع على شيء واحد: السخرية من هذا البرنامج، وهكذا حققت هذه المعلقة حالة هدنة مؤقتة وتوقف اليساريون عن ثلب النهضة، وتوقف السلفيون عن اتهام اليسار بالكفر والعمالة، للاهتمام بهذا البرنامج السياسي المفاجئ الذي أطلق عليه أحد شباب اليسار: «برنامج كل شيء بلاش». ورغم أن الصفحة التي تحمل اسم «حزب الانفتاح والوفاء» لم تجلب سوى 402 شخصا، فإن اللافتة تحولت إلى ظاهرة تتقاسمها آلاف الصفحات على الموقع: 184 شخصا رأوا فيها عنصر طرافة لا غير، 1200 تقاسموا الخبر وصورة اللافتة، وقرابة 500 تعليق يتضمن أغلبها المطلق عبارات سخرية. أحد اليساريين كتب ساخرا: «كان عليهم أن يضيفوا إلى وعودهم الانتخابية إحياء الموتى وإعانتهم على بعث مشاريع ضخمة، توفير الشغل لكل سكان الكون من الآدميين ومواطني المجرات الشقيقة». وتكتب إمرأة من الساحل: «هذه الوعود تعرف باسم بناء القصور في إسبانيا، والجماعة يعدوننا بتمكين كل مواطن من قطعة أرض مهيأة مجانا». ويكتب آخر: «أنا خوفي من أن يقرأ الأوروبيون هذه الوعود فيحرقوا إلى تونس، خصوصا وهم في أزمة الآن». وكتب محام معروف بقربه من القوميين: «هذه الوعود لم تتحقق في سويسرا ولا في الدول السكندينافية التي سبقت بقية العالم في كل شيء»، فيسأله صديق له: «يا أستاذ، أنت تفهم في القانون، لماذا لا يستدعي وكيل الجمهورية هذا الحزب من أجل تهم نشر أخبار زائفة أو التحيل ؟»، لكن المحامي لا يجيب لكي تتواصل التعاليق الساخرة من نوع الذي كتبه ناشط حقوقي من القصرين: « نسي أصحاب الحزب أن يعدونا بالتخفيض في درجات الحرارة للجنوب وإيصال البحر إلى الكاف وجندوبة، ربّي معاك يا حزب الأحلام». ورغم أن نسبة هامة من التعاليق غير صالحة للنشر، فإن ما بقي لا يزيد عن تكرار الاستنكار الساخر باستعارة العبارة المسرحية الشهيرة: «زعمة يا لخضر؟». كما نعثر على بعض التعاليق الجادة وهي قليلة جاء في أحدها: «هذا برنامج خيالي لا يمكن تحقيقه حتى ولو ضاعفت بلادنا إنتاجها ونسبة نموها خمس مرات»، فيما كتب ناشط من حركة النهضة مستنكرا: «بأي حق يطلقون هذه الوعود الخيالية وهم يترشحون لانتخابات المجلس التأسيسي الذي سوف يكتفي بإنشاء الدستور، هذه ليست انتخابات رئاسية ولا حكومية، فلماذا يسخرون من الناس؟». ويبدو أن حزب الانفتاح والتنمية لا يمتلك «فرقة تدخل سريع على فايسبوك» مثل العديد من الأحزاب الغنية، لذلك لم نجد ردودا تذكر على تلك التعاليق الساخرة أو الغاضبة، وعثرنا في صفحة الحزب على رد وحيد وحزين جاء فيه: «يا توانسة غريبتكم غريبة، عملتوا الثورة على غلاء المعيشة وكيف جاءكم حزب سيحد من غلاء المعيشة وليتوا تتمقعروا، يا سبحان الله».