يعيش شباب الموقع الاجتماعي على وقع الأنباء السيئة يوميا، ويمكن الإحساس بحالة إحباط عميق لديه بسبب طول البطالة وغموض الآفاق، لكنه ينجح في تحويل كل ذلك إلى سخرية يومية من كل شيء. في البداية تلقينا تعليقا من ناشط سياسي يقول إنه من أصحاب الشهائد المعطلين منذ 2006 عن مقال كنا نشرناه حول سخرية الشباب من الأحزاب السياسية، وقد كتب لنا ساخرا: «أنا حماص وأحزاب الكاكوية لا تمثلني»، وتبين لنا أن هذا هو عنوان صفحة شهيرة على الموقع يؤمها عدد كبير من الشباب وهم لا يدخرون في تعاليقهم أحدا ويستهدفون كل زعماء السياسة والأحزاب والمنظمات وخصوصا الشخصيات التي ساهمت في نظام بن علي في كل المستويات. وقادتنا هذه الصفحة إلى عدة صفحات مماثلة للسخرية من الساحة السياسية، حيث اكتشفنا قدرة الشباب التونسي على تحويل كل الأخبار السيئة التي تدفع إلى الاكتئاب إلى مادة للضحك. ونشرت طالبة تقول إنها «لا ترى نفسها في أي حزب من الأحزاب دون استثناء» مقالا حزينا جاء فيه: «نحن في سفينة بلا ربان، سماسرة تسمسر، ثورة بلا قيادة، مصير مجهول، هيئة غير منتخبة، مواعيد مؤجلة، أحزاب تتلاسن، وطن وسط العواصف، سفارات تكشر عن أنيابها، مواطن تائه، حقائق مغيبة، عصابات تخطط، حكومة تقترض، موظف مرهون لدى البنوك، شباب بلا أحلام، إعلام متلون، زعامات تتهاوى، مواطن مظلوم، عدالة غارقة، مساءلة مغيبة، محاسبة على عدد أصابع اليد، مخططات تطبخ، لك الله يا تونس»، وفي الحين كتب لها ناشط أكبر عمرا: «يعني أنه علي أن أرمي نفسي أمام القطار بعد قراءة هذا المقال؟، نحن هنا في هذه الصفحة ضد الكبي واليأس»، وفي الحين ظهرت النكتة بدل الاكتئاب، ونشر أحدهم هذا التعليق الساخر: «التونسي في الفايسبوك ثوري، في دار أنسابه مع النهضة، مع صاحبته يولي مع الحزب الشيوعي، كي يوفالو المصروف يولي مع الوطني الحر، يجوع يولي مع ال PDP، وكيف يحب على سهرية يولي مع آفاق، وكان عنده عركة يمشي مع التكتّل، وكان ناقص نظر يولي مع المؤتمر». وهكذا عاد الشباب إلى الضحك على الأقل. كما عثرنا على تعليق منسوب للفنان لسعد عثمان عما يحدث في الساحة السياسية جاء فيه: «لا أدري أين كانوا ولماذا جاؤوا الآن؟ أقزام المجتمع يتطاولون على ثورة الشّباب ويركبون عليها دون بردعة. وجوههم مصفرّة من قلّة المعروف، أشكال تريد الرّكوب بلّوشي». ومن أطرف ما جاءنا تعليق من شاب معروف بتصيد النكت أحالنا على صفحة ساخرة تحمل عنوان: «حزب البخوخو: قائد المؤامرة الماسونية الخوانجية ضد الشعب»، أو «حزب الفكرون المتطرف» الذي يعد أكثر من 10 آلاف منخرط، لكي نعرف أن للسخرية جمهورها الواسع والناشط أيضا. ومن خلال ما ينشر في هذه الصفحات نكتشف كما هائلا من السخرية المرة أو السوداء التي لا تقل أهمية عن العديد من الأعمال المسرحية. أما آخر ما قرأناه فهو هذا السؤال الذي أرسله لنا شاب عاطل عن العمل أيضا: «ما هي أكثر حاجة يتفقدها التونسي العديد من المرات في اليوم الواحد ؟ طبعا ليست الأحداث السياسية، بل رصيده في الهاتف الجوال».