حظي سبر الآراء الأخير الذي أنجزته مؤسسة خاصة في تونس عن نوايا التصويت لدى التونسيين بالكثير من التعاليق على الموقع الاجتماعي وخصوصا السخرية. أطلق العشرات من الناشطين عمليات سبر آراء يومية تجمع بين الجدية والطرافة. وظهرت تعاليق كثيرة تخص المعلومة التي تقول إن ثلثي التونسيين لا يعرفون لمن سيصوتون، وكتب ناشط حقوقي معروف: «أعرف لمن سوف أسوط: لن أسوط لأحد من تجار السياسة، الامتناع عن التصويت هو موقف أيضا». وتحدثت تعاليق كثيرة عن «الأغلبية الصامتة» التي هي ثلثا الشعب التونسي المذكورة في سبر الآراء والتي يمكن رؤيتها يوميا تناضل من أجل لقمة العيش ولا تجد شيئا يعنيها في صراع الديكة بين الأحزاب. أما على الموقع، فقد أصحبت عمليات سبر الآراء لعبة يومية لا أحد يعرف إن كانت لمجرد المزاح أم أن وراءها محاولات لفهم توجه الرأي العام التونسي على الموقع أم العكس أي التأثير فيه. وثمة صفحات مخصصة لسبر الآراء لكنها لم تنجح في جلب الاهتمام، وبعض أسئلتها لم تحقق سوى أربع أو خمس مساهمات بما يفقدها أية مصداقية رغم أهمية الأسئلة التي تتناول النظام السياسي ونشاط الأحزاب والفصل بين الدين والدولة أو لتبين رأي التونسيين فيمن يقف وراء أحداث العنف وغيرها. في المقابل، ثمة عمليات سبر آراء تحصل على آلاف المساهمات، ليس فقط لجدية السؤال والأجوبة المحتملة، بل كذلك لجدية الشخص الذي يطرحها على الموقع، حيث يوجد قادة رأي يحظون بمصداقية كبيرة ولديهم قدرة على تطوير النقاش الإيجابي. كما أن العديد من الصفحات تمكنت من أن تصنع لنفسها سمعة صلبة بصفتها مصدرا للأخبار والتعاليق وفضاء للحوار الحر والجاد، حتى أن بعض الصفحات التونسية قد قاربت المليون منخرط. بالتوازي مع ذلك، لا يفوت أنصار الأحزاب في الموقع أية فرصة لطرح سبر للآراء يقوم على أسئلة موجهة بطريقة مفضوحة من نوع: «هل أنت مع حزب يقصي الإسلام من الدولة ؟» ومثل هذا السؤال الذي لا يترك لك فرصة للتفكير أصلا يقف وراءه سلفيون طبعا، أو «ما رأيك في العنف الذي تمارسه النهضة؟» فيقف وراءه حزب يساري يحارب النهضة التي لم تتورط في ممارسة العنف على الأقل رسميا. وكما هي عادة التونسيين، فهم يبرعون في السخرية حتى من آرائهم، لذلك يطرح بعضهم من باب المزاح أسئلة من نوع: «هل أنت مع الدلاع بالموس أم من غير»، أو «هل أنت مع تمكين الشعب التونسي من الحرقة إلى لامبيدوزا ؟»، أشياء لا تصلح إلا للترفيه في الموقع، لمقاومة الاكتئاب المترتب عن تواتر الأخبار السيئة من كل جانب.