إحياء ذكرى 6 أكتوبر يوم أمس، لم يكن عاديا ولا اعتياديا... فقد اتسم الاحتفال أمس بسمتين هامتين فيهما دلالة ومعنى... أولا : لأول مرة يحيى الشعب المصري ذكرى السادس من أكتوبر أي حرب الأيام الستة في رمضان 1973 وهو حرّ من كل القيود التي زيفت نضالات وجهاد الجندي المصري... فقد عمد نظام السادات إلى إيقاف الحرب والجيش المصري منتصر على الجيس الصهيوني. كانت خطة، رهيبة، تلك التي اعتمدها جيش مصر العظيم، الذي قاده نحو الاستقلالية الزعيم جمال عبد الناصر... أوقف السادات الحرب وكان يضمر منذ اللحظة الأولى لوفاة عبد الناصر تغيير وجهة السياسية المصرية من الاستقلال والحياد الايجابي وعدم الانحياز إلى كل المظاهر التي تقف بالضدّ مع هذه السياسة...سياسة اعتمدتها مصر ثورة 23 يوليو 1952... كما عمد نظام حسني مبارك إلى تغيير الحقائق حين كان يدعي أنه من صناع وقادة حرب أكتوبر. ثانيا : لأول مرة يحيي الشرفاء والوطنيون ذكرى حرب أكتوبر 1973 وبطل العبور غائب... الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي طالما كشف في مثل هذه المناسبة عن أسرار هذه الحرب... وهي أسرار كلها فخر واعتزاز...ذلك أن عملية العبور التي قادها الفقيد سعد الدين الشاذلي الذي غيبه الموت منذ أشهر قليلة، هي عملية فريدة من حيث التخطيط والتنفيذ... لعلها تدرس اليوم في أكثر من كلية عسكرية عبر العالم... يوم 6 أكتوبر 2011، وبقدر ما جاء الاحتفال، حمّالا للمصالحة بين الانسان المصري وتاريخه وبين الجيش المصري ومواطنيه بقدر ما جاء ملفوفا بثوب من الحزن، لأن الفريق سعد الدين الشاذلي غادرنا الى مثواه الأخير، ولم يحضر هذه المصالحة، وكتابة تاريخ حرب أكتوبر على وجهه الصحيح... حرب أكتوبر 1973 لم تكن حدثا عاديا... معزولة عن بطولات الشعب المصري ولا جيش مصر... هذا الجيش الذي هب بنفس الحماس الذي تملك كامل الشعب المصري لنصرة فلسطين... في 1948 ابان النكبة وفي 1968 في معركة الكرامة وخلال حرب الاستنزاف وصولا الى حرب 1973...